* ضحى محمود خليلية
حين تجلس بين الجد وابنه وحفيده وترصد كيف يعامل الابن والحفيد الجد كبير السن يخطر ببالك موضوع يتعلق بطريقة معاملة كبار السن. فعندما تتصفح مجلة معينة, أو تتصفح على الشبكة العنكبوتية قد تلاحظ مواضيع معنونة بـ»اتيكيت معاملة الزوج», أو الزوجة, أو اتيكيت مائدة الطعام, وغيرها, لكن من غير المعتاد عليه قراءة اتيكيت التعامل مع كبار السن؟.
التعامل مع كبار السن هو محاولة التعايش معهم ومع أفكارهم وآرائهم مع مراعاة الاختلاف الزمني بيننا والذي يؤدي حتما الى الاختلاف بالآراء.
ومن أساسيات (آداب) التعامل مع كبار السن:
1) احترامه وتقدير سنه والاستماع له باهتمام فمن وجهة نظرك انه يتحدث بأحاديث لا قيمة لها بالنسبة اليك على العكس منه تماما, ونلاحظ ان كبار السن عادة ما يعيدون كلام الماضي باستمرار ويحدثون من معهم عن انجازاتهم سابقا فيتضايق الأبناء والأحفاد كون حديثهم معاد لأكثر من مرة, ولكن يفضل ان تكون ردة فعلهم معاكسة تماما, لأن الحديث عن ماضي المسن وذكرياته وانجازاته والاصغاء له شيء ممتع بالنسبة له.
2) وجود المسن لوحده بشكل دائم يشعره بالوحدة, فهو في هذه المرحلة بحاجة لوجود من يسليه, فيفرح كثيرا عندما يلتقي بالآخرين, فعلينا أن نرحب به أن بادر بالحديث معنا وأن نسأله عن أحواله.
3) من الممكن أن نجتمع بالمسن في أي مكان وأحيانا قد يتسبب في اسقاط شيء في المكان ذاته ويعرقل النظام فيه فلا يجوز أن نقابله مباشرة بالكلمات المخطئة له أو المشفقة بل نصلح الأمر بصمت ونغير مجرى الحديث.
4) تحدثت سابقا عن الأمراض التي تصيب كبار السن وأعراض الشيخوخة التي تظهر عليهم فهم يعانون من ضعف في السمع والبصر والنطق وقد يتجاهلون ذلك مما يتطلب منا الحرص أثناء الحديث معهم فلا نطلب منهم تكرار ما يقولونه, وما يلفت انتباهي تحدث الأحفاد بصوت منخفض بوجود جدتهم ومن ثم الضحك, وهذا تصرف غير لائق لانها قد تظن انهم يتكلمون عنها فتحزن وتغضب وتشعر أن الضحك استهزاء بها.
5) بطبيعة المرحلة التي وصل اليها المسن فانه بحاجة الى مساعدة الآخرين له, فما أجمل أن نقدم له المساعدة دون أن يطلبها هو بنفسه ونشعره انها نابعة عن محبة ومودة والشعور بهم لأن تقديمها بالرغم عنا سيدفعه الى عدم طلب المساعدة والظهور بمظهر عدم الاحتياج لهم خصوصا من اقرب الأقارب وهم الأبناء والأخوة لأن البعض قد يظهر الكسل والتراخي عند عرض المساعدة.
6) الحرص على الاهتمام بنظافة كبار السن ورتابة هندامهم وستر عوراتهم, ومساعدتهم بشؤونهم الخاصة وتفقد ما يحتاجونه.
حلم الأمومة يراود الكثير من الأشخاص ويعتبرونه شيئا عظيما وسرعان ما يتحقق هذا الحلم الى أن تسمع برغبتهم فيما لو لم يتحقق؟ الكثير من الجدات يتساءلن عن سبب اختلاف معاملة أبنائهم ونسائهم قبل وبعد الزواج ففي كل فترة طريقة مختلفة, وكأن الابن ينسى أن أمه لطالما تعبت في حياتها من أجلهم, وعلى آثار حديث يجري بين أمه وزوجته يبدأ بعقوق أمه, بدلا من أن يقتدي بسيدنا ابراهيم عندما تعامل مع أبيه وهو يدعوه الى عبادة الله ودين التوحيد وترك عبادة الأصنام فيحاوره بأدب ويدعوه في رفق ولين ولا يرد اساءة أبيه باساءة وفي النهاية يدعو له الله بالمغفرة.
هناك من يعتقد من الأبناء والأحفاد أن المكان الأنسب للجد والجدة المنزل والبقاء فيه مع الخادمة شيء كاف ويتذمرون عندما يطلبون منهم الخروج معهم لزيارة الأقارب والأصدقاء, حقيقة الأمر أن طلب كبار السن للخروج هو لشعورهم بالملل والوحدة ولرغبتهم بمخالطة الآخرين, ولمجرد استجابتنا لرغبتهم نتيح لهم فرصة لقاء الآخرين وتبادل الأفكار والمعلومات, ونشعرهم بأنه لا يزال لهم دور في المجتمع مما يؤثر ايجابا على حياتهم. وفي نفس الوقت فان هذه الانشطة تحافظ على حيوية المسن.
وفيما يخص حركة المسن وعدم قدرته على المشي فينصح بممارسة عدة تمارين رياضية خفيفة معظمها لا يخرج عن تمارين مشابهة لحركات الصلاة فينصح بممارسة تمارين لليدين وهو يمارسها في رفع اليدين في الصلاة, وبتمارين للجذع وهو يمارسها في الركوع والسجود وتمارين للرجلين وهو يمارسها في النزول والقيام , وتمارين للرقبة ويمارسها في التسليم. وفي نفس السياق نفسه تعتبر الصلاة وسيلة وقائية وعلاجية, لأن الصلاة تعني ضرورة استرجاع آيات القرآن والأدعية والأذكار, وهذا الاسترجاع الدائم للنصوص والمعلومات يعد من أفضل الوسائل العلاجية والوقائية التي تحول دون وقوع المسنين في مشكلة النسيان والاصابة بمرض الزهايمر, كما ان التغذية المثالية للدماغ بالدم التي تتكرر بالسجود ينتج عنها تقليل نسبة حدوث الخرف عند المسنين منهم.
كم هو مؤلم أن تسمع كبيرا في السن يتمنى الموت في كل وقت, أو الذهاب الى مكان بعيد عن أبنائهم وأقاربهم! وهذا كله بسبب سوء معاملتهم له, فتراه مكتئبا يشعر بقرب الموت بشكل مستمر. فعلينا ان نحاول اشغال المسن بأعمال متنوعة وأن نأخذ بأيديهم الى الجنة عن طريق مساعدتهم على الطاعات كاصطحابهم الى المسجد وتذكيرهم بلطف بأوقات الصلاة ومساعدتهم على الوضوء واعانتهم على شكر الله باستمرار.
المحبة والاحترام .. أهم ما يميز تعاملنا مع كبار السن
- التفاصيل