بقلم: د. رضا العطار -
غاية المجتمع الامثل هو ايجاد الفرد الامثل , اي الفرد الذي يمتاز بالشخصية المثلى . ولذلك نحتاج الى ان ننظر في الاطر التي يرتقي اليها ويتغير فيها . فالشخصية هي حماة النمو النفسي والذهني والجسمي.
تمر الشخصية في عشرة اطوار تقريبا يتداخل بعضها في بعض وهي تبلغ ايناعها قبيل الخمسين وتستقر على ذلك الى الشيخوخة - - - . فمن الميلاد الى اتمام سنتين ينحصر النشاط في طلب الطعام والرفاهية.
ومن سن سنتين الى خمسة, يواجه الطفل اخطار المشي والمصادمات وينشد الاحتماء
ومن سن اربعة الى سبعة, يشرع الطفل في التحفظ وضبط عواطفه
ومن سن سبعة الى ثلاثة عشر سنة يتفتح ذكاؤه , يتكلم ويفكر ويحتال
ومن سن ثلاثة عشر الى سن الثلاثين يلتفت الى الجنس الاخر ويفكر في كسب العيش
ومن سن الثلاثين الى سن الاربعين تبرز فيه الرغبة في الطموح
ومن سن الاربعين الى الخمسين تنتظم له قيم ومقاييس زوجية واجتماعية
ومن سن الخمسين الى السبعين ترسخ في ذهنه هذه القيم والمقاييس ويكره التغيير
ونعني انه في هذه الفترات من العمر تبرز صفات كل فترة اكثر من غيرها في الصفات التي قد تضعف ولكنها لا تزال موجودة . فالالتفات الى الجنس الاخر قد يبقى الى سن الستين او بعد ذلك لكنه يبرز ويطغى على الشخصية فيما بين سن 13 و30 سنة . وعندما نتأمل هذه الانتقالات والتغيرات نعرف ان كلا منا يمتاز بشخصية متطورة . وان احدنا في سن الثلاثين قد يكون شخصا آخر في سن الخمسين .
فالشخصية تتكون بالمجتمع , والانسان بلا مجتمع حيوان بيولوجي . لا يختلف عنه الا من حيث الذكاء الفطري . وهذا الذكاء الفطري لا قيمة له ما دام الانسان منفردا, اذ هو يبقى خاما اخضر غشيما حتى يعتمله المجتمع ويقوّمه ويوجهه ويعلمه كلمات اللغة .
وفي حياتنا الاجتماعية تمر بنا ظروف تقرر لنا شخصيتنا , حتى كأنها قد صبغت في قالب او جملة قوالب عينت لها الكم والكيف وصحيح انه عندما نقترب من سن العشرين يشرع كل منا في تكوين شخصيته بعقله وقد ينجح في بناء نفسه . وتصحيح الاخطاء السابقة وتعيين الاهداف الحسنة التي يتجه اليها ولكن هذا العقل قد يتوقف على ظروف كثيرة مؤاتية او معاكسة، ونحن نوجز هذه الظروف فيما يلي :
1 – عند الميلاد يتقرر ذكائنا من حيث المقدار. كما يتقرر مزاجنا من حيث الاتجاه. فقد يولد احدنا ذكيا او بليدا او متوسطا, وقد يتقرر له منذ ميلاده عمر طويل ام قصير وصحة قوية ام ضعيفة. ثم هو قد يولد بعاهة تحدث له مركب نقص, او قد يولد سويّا, ثم هو قد يولد انبساطيا اجتماعيا او انطوائيا انعزاليا.
2 – ثم هناك التربية التي نحصل عليها في البيت منذ الميلاد, فانه يتوقف شئ كثير من الاخلاق على الرضاع، هل هو بمواعيد يتعلم منها الطفل ضبط نفسه ام هو يجري اعتباطا. فينشأ هو بعد ذلك نزويا عاطفيا. لا يضبط نفسه. ثم هو يتأثر تأثرا مختلفا اذا كان قد دُلل بأفراط ا او اُ ضطهد كثيرا، او عُومل باعتدال وانصاف - - - ومركب اوديب، صورة امّه في نفسه - - - سيؤثر في علاقاته الجنسية المستقبلية، ثم معاملة ابويه احدهما للاخر, ثم مكانه بين اخوته, هل هو الاكبر ام الاصغر ؟ وهل عاش مع بنات او اولاد ؟ وهل كانت أمّه مع ابيه ام مطلقة منفصلة ؟ ففي كل هذه الحالات تتأثر الشخصية وتنمو في قالب معين.
3 – ومن هذه الظروف التي تقرر شخصيتنا ايضا ظرف المراهقة, حين تلتهب العاطفة الجنسية وتغمر كياننا. فبعضنا يقضي هذه الفترة في يسر يختلط بالفتيات ويجتاز مراهقته وهو سوّي سليم, وبعضنا يقضيها في عسر وضنك, فيعجز عن التصرف السليم ويقع في العادة السرية ويسرف فيها. ويخرج منها مثخنا - - - وقد يحدث له شذوذ سيّء،
4 – ثم هناك المدرسة وما تحدث من مزاملة او مزاحمة وما يصيب الصبي ثم الشاب من نجاح او فشل . فان لكل هذه اثره الحسن او السيء في شخصيته .
5 – ثم هناك الزواج , وهل كان موفقا قام على الحب والاحترام ام اتضح له انه كان غلطة, وان قصارى ما يرجى منه تسوية، وهل هو بلا اولاد او بأولاد، وهل الزوجان في خلاف وعربدة ام في وفاق وصداقة. فلكل هذا ايضا أثره في الشخصية .
6 – واخيرا تقع عند المرأة عند الثامنة والاربعين او حواليها وعند الرجل في سن الثامنة والخمسين او حواليها, ركود نسبي وضعف جنسي. وهي الفترة التي نسميها بسن اليأس و لهذه التسمية السلبية اثره السيكولوجي السيء على نفسية المرأة لان هذه السن هي سن الحكمة وليست سن اليأس وهذا الانتقال من الشباب الى الشيخوخة كثيرا ما يؤذي الشخصية, وخاصة شخصية المرأة .
وكلنا يعرف امارات الشخصية السيئة في الفتاة الصامتة السمينة التي لا تعرف الرشاقة بل تعتمد على جمال تتخيله, اوفي ذلك الشاب الذي يسكت طويلا وينطق سخيفا. ونحن نعرّف ذلك – البارد – الجامد وكأنه صنع من خشب، اذا لطمته لم يرن.
وللشخصية اساس من بناء الجسم. وخاصة بفعل الغدد الصمّاء التي تقرر المزاج والقوام والنحافة والقد ... الخ . فنحن نستظرف القد النحيف والتقاسيم المتناسبة, ونستثقل الجسم المكتنز الذي يسعى وكأنه يسير القرفصاء. فالظرف والرشاقة والبُشر وخفة الروح من صفات النفس المرحة المتفائلة وهي ثمرة المجتمع اكثر من مما هي من صفات الجسم اومن عمل الغدد - - - وهذه اهم الشروط التي يجب اتباعها لأيجاد الشخصية المثالية :
ا – ان يكون للأنسان اهتمامات متعددة تشغل ذهنه ونفسه تزيد صلته بالمجتمع . ان تكون له حرفة يحسنها وهواية يقضي فيها وقت فراغه واهتمامات اجتماعية في عمل البر والاحسان للمحتاجين من افراد مجتمعه.
2 – يجب ان يؤثر الحياة الزوجية على العزوبية.
3 – يجب ان يمرن نفسه على تمرين عقله على التفكير والمنطق والنظر الموضوعي في الامور ويتجنب النظر الذاتي في المشكلات التي تعترضه في الحياة.
4 – يجب ان ينشد الانسان لنفسه دينا يستقر عليه، ليكسب منه الشعور بالطمأنينة.
5 – يجب ان يجعل المستقبل جزءا من الحاضر ولكن يجب ايضا الاّ يضحي بالحاضر من اجل المستقبل - - - وطبعا هناك الشخصية المريضة التي لا مكان لها هنا.
( سلامه موسى في عقلي وعقلك )
كيف تتطور الشخصية في المجتمع ؟
- التفاصيل