وائل بن إبراهيم بركات
لا يوجد دين حث عليه كدين الإسلام!
ولا يوجد دين حث على إظهار العاطفة والحب في كل وقت مثل الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا أَوَلاَ أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم" (رواه مسلم54)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه"  (أبو داود 5124، والترمذي 2392، وهو صحيح).
ولا يوجد دين دعا أتباعه إلى الحب الشامل لتمتد عاطفة كل إنسان يؤمن بهذا الدين لتشمل حتى الجمادات مثل الإسلام، فهذا جبل أحد يقول عنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "هذا أحد جبل يحبنا ونحبه" رواه البخاري (2889)، مسلم (1365).
هذا هو الحب في الإسلام شامل وإيجابي ومتوازن ليس محصورا على صورة واحدة وهي الحب بين الرجل والمرأة، كما يصوره الإعلام!.
منذ أن بدأ الإعلام في كافة أشكاله المقروء والصوتي والمرئي في الظهور،  لم يكف عن الحديث عن الحب؛ حتى وصل الأمر إلى أن الحب انقلب على نفسه، فأعلن البراءة مما يرتكب باسمه وهو برئ.
ودخلت التكنولوجيا والتقنيات المختلفة على الخط، فأصبحت جميع وسائل الإعلام تتاجر بالحب!.

إن الإعلام  بكافة وسائله وخاصة المرئية منه، يقوم بإقصاء الحب عن الإنسان واختزاله في تصور شهواني، يربط الحب بالمرأة كجسد أنثوي، وليس كيان مكرم مكون من ثنائية الروح والجسد، وهنا يتم تجريد المرأة من إنسانيتها، وكينونتها وهويتها، فأصبحت وسيلة استغلال وعامل إثارة باسم الحب، وبالتالي تتجه أنظار المشاهدين إلى ربط الحب بجسد الأنثى، وتتساوى بالتالي حالة الحب الطبيعي مع حالة الحب الشهواني، و ينمو المشاهد وينشأ على هذا النوع من الحب المبتذل فلا يعرف غيره، فلا يتحدثون عن الحب الطاهر بين الرجل وزوجته والمرأة وزوجها.
إن الحب بصورته المبتذلة المعروضة على الشاشات ـ رغم التشدق بالحب وأهميته ووجوده ـ ما هو إلا حب لا يمت للواقع بصلة، حيث إن هناك انفصام بين الواقع وبين ما يعرض عن الحب. وهنا أتساءل عن هذا الحب المنتشر في كل مكان:
هل أحب الناس بعضهم فعلاً؟
هل خفت أو اختفت الصراع ـ الذي يدندن حوله أهل الأهواء والشهوات ـ بين الرجل والمرأة؟
هل انتشرت فضيلة السلم والتعاون والإخلاص والإيثار والمودة في المجتمع؟

إن الحب أكبر وأجمل بكثير مما يعرضه الإعلام، ويدعو إليه أهل الأهواء والشهوات: فالحب كما يقول ابن القيم: "فبالمحبة وللمحبة وجدت الأرض والسموات، وعليها فطرت المخلوقات، ولها تحركت الأفلاك الدائرات، وبها وصلت الحركات إلى غاياتها، واتصلت بداياتها بنهاياتها، وبها ظفرت النفوس بمطالبها، وحصلت على نيل مآربها، وتخلصت من معاطبها، واتخذت إلى ربها سبيلاً، وكان لها دون غيره مأمولاً وسؤلا، وبها نالت الحياةَ الطيبة وذاقت طعم الإيمان لما رضيت بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً "
ومهما تكلم الإعلام بكافة أشكاله وألوانه عن الحب، ومهما عظموه واحتفلوا به ، فنحن أولى به.
لا يؤمن أي إنسان حتى يحب الله ورسوله وملائكته وكتبه.
"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" الحديث متفق عليه.
إن الإنسان المسلم يحب كل الناس، ويحب الخير لكل الناس.
إن الإنسان يحب كل ما في هذا الوجود من كائنات، وجماد، وأرض وسماء.

وما نتيجة هذا الحب؟
أظهرت دراسة جديدة في واشنطن:  أن العشيق أو الشريك الحميم هو وراء حادثة قتل امرأة من بين كل ثلاث يلقين مصرعهن في ظروف مختلفة في أمريكا، وأن 5 % من الرجال يقتلون على أيدي شريكاتهن الحميمات في هذا البلد.
من كل امرأة في أمريكة تم اغتصابها أو تعرضت لاعتداء جسدي من زوج سابق أو حالي أو شريك عاشت معه أو خلال موعد.
كل يوم يتم قتل 3 نساء من الزوج أو من الرفيق في أمريكا( 1247 خلال العام 2000 ) وخلال العام نفسه يتم قتل 440 رجلا من زوجته أو من رفيقته.
شقاء وخواء وقتل وتدمير للنفس البشرية، والإعلام لا يكف عن النقل من مزبلة الغرب ليرميها في عقل المشاهدين بوعي أو بلا وعي، وها نحن نرى السعار المحموم فيما يسمى بعيد الحب.
ولن أتحدث عن عيد الحب، وأنه أسطورة، لا تُعرف قصته الحقيقية!
ولن أتحدث عن عيد الحب والألوان الحمراء والاحتفال به في يوم معين!
وإنما الموضوع الأساسي هو في المبدأ.
من أنا؟ وما هويتي؟
ولماذا كل هذا التفاعل مع كل غريب قادم من الغرب والذوبان فيه؟
ولماذا هذا الاحتفال بالأعياد الغربية، في حين أن الغرب لا يحتفل بعيد الفطر أو بعيد الأضحى؟!.

JoomShaper