د. بشرى بنت عبد الله اللهو
قرار لحظة وندم العمر
لا للطلاق، نعم للإصلاح، لم يحل الله الطلاق إلا لحكمة ولغاية، ولأنه سبحانه وتعالي خلق النفس البشرية، وهو أعلم بما يصلح لها، ولأن الطلاق قد يكون هو الحل الأمثل، بل ربما الوحيد، لحل بعض المشكلات الزوجية.
ولكن بعد التطورات الأخيرة التي شهدها المجتمع، زادت نسبة الطلاق بشكل مريع، وهبت على خيمة الأسرة عواصف من كل حدب وصوب، تريد قلعها من جذورها، إلا أن الله سخر لها عبادا من عنده، يتمسكون بأوتادها ويحاولون تثبيت جذورها واستقرارها.
فإذا ألقيت نظرة على بعض (وأكرر البعض) ممن يطالبن بحقوق المرأة، فإنك تسمع شيئا عجباً، يجعلك تفرك عينيك جيدا، لتتأكد ممن صدر عنها هذا الشيء العجب،هل هي سعودية.؟!! ولكننا حين نقرأ الاسم نراها  سعودية أبا عن جد. ولا أحد يشكك في وطنيتها، ولولا حبها الخير له، لربما لم تكلف نفسها هذا العناء. إننا حين نستمع بعواطفنا الحارة إلى مرارة الشكوى من هذا الظلم العظيم الذي يقع عليها، نظن أن امرأة أمريكية قد قذف بها فجأة وبلا مقدمات في هذا المجتمع السعودي، لتعاني من هذه الصدمة الحضارية.
فهذه تتذمر لأنها تطبخ لزوجها، وتلك تتذمر لأن زوجها لا يدرس الأبناء..... وتستمر الشكوى إلا أن أسوأها على الإطلاق التذمر من نصوص شرعية صريحة وصحيحة من القرآن والسنة.
فهن يرين أن المجتمع بجميع فئاته يمارس خطأ ما، وهو  ضد المرأة، وبهذا فإن 99.99% من بيوتنا تحوي ولو جزءا منه.
فبعض الحقوقيات يرينه  أمرا ليس له حل إلا بالطلاق، بل بعضهن عندهن حساسية شديدة، فمعنى أنك أصبحت زوجة فهذا هو الذل الذي يجب التحرر منه.
وقد نسمع  عبارات: لماذا أصبر كما صبرت أمي وجدتي؟ فأنا موظفة.
لماذا يقولون: اصبري من أجل بيتك وأطفالك؟
زوجك يذلك طلقيه.
زوجك يهينك طلقيه.
زوجك يزعجك طلقيه.
جميل جدا، ولنفرض جدلا أن قوافل المطلقات يتدبرن أمورهن المالية جيدا.
فماذا عن أمورهن النفسية، إن صبر المرأة على  مشاكلها الزوجية ليس ضعفا، و  لا  ذلا من الرجل، بل استجابة لغريزة الأمومة التي لا تستطيع أن تتجاهلها، فمهما وصلت أعلى المراتب إلا إن سعادتها تكمن في أطفالها وزوجها، فإن غاب، فمن سيكون البديل؟
نعلم علم اليقين أن هناك الكثير من الأخطاء تصطلي بها الكثير من النساء، ولكن أرجو ألا يصحح الخطأ بخطأ أعظم منه.
وأرجو عدم سن قوانين تشجع على الطلاق، و لا تحد منه، كما هو الحال في بعض دول الخليج، ففي حسابات من تهمهم المادة، أن تكوني مطلقة أفضل وضعا من أن تكوني زوجة، بل بعض الأسر تحث بناتها على طلب الطلاق، وإليكم مثالاً على هذه القصة:
في إحدى دول الخليج كانت هناك أسرة فقيرة تعيش في بيت متهالك،  لا تحمل جنسية ذلك البلد، تزوجت ابنة لهم ثم سرعان ما طُلقت، فالوضع الطبيعي لهذا الطلاق أن يخيم الحزن على كل أفراد الأسرة لتحملهم عبئاً ثقيلاً بطلاق ابنتهم، إلا أنهم فرحوا و استبشروا بهذا الطلاق، بل سجدوا شكراً لله، لماذا؟ لأن ابنتهم بعد طلاقها أصبح لها بيت سعي (رسمي) من الدولة، انتقلوا إليه جميعهم، وعاشوا فيه، بل تزوج فيه كل إخوتها الذكور، بل الأكثر والأدهى من ذلك أن ابنتهم أصبحت تصرف لها الدولة راتبا يكفيها  وأسرتها الفقيرة وزيادة.
نصل إلي خاتمة الأمر، أتمنى أن لا يكون الطلاق هو الحل الوحيد لكل مشاكلنا الأسرية، وأن يُفسح المجال للإصلاح عبر مؤسسات، نأمل ألا تطالها يد البيروقراطية، ومدعمة بسلطة القانون، لتكون ملزمة للطرفين. كما أتمنى أن لا يقتصر الإصلاح على حديثي الطلاق، بل يشمل حتى القديم منه؛ لأن هناك الكثير من المشاكل يُصبح الزمن وحده كفيلا بحلها. فقد يصبح أحد الطرفين أكثر نضجا، أو تتغير الكثير من الظروف المسببة للطلاق.
وهمسة في أذن أولئك الحقوقيات، لا تدعن سيل العولمة  يجرف استقرار أسرنا.

JoomShaper