منذ الأزل والرابة أو زوجة الأب، مشوَّهة السمعة ومذمومة. وغالباً ما تصورها المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية، وحتى القصص الخيالية، على أنّها "الشيطان" بعينه.
في الواقع، يمكن أن تتمكن الرابة المحبة والحنون من تغيير نظرة أطفال الزوج وكل المحيطين بها إليها، وأن تلعب دوراً فعالاً في حياتهم. ويمكن أن يساعدها بعض من الأفكار، التي نقدمها، على التغلب على مخاوف أطفال الزوج وربما بعض مخاوفها.    
- تقييم الوضع:
عندما ترضى المرأة بأن تكون زوجة أب، من المهم أن تبحث مع الزوج الوضع بدقة، وأن تتفهم وضعها وواقع كل فرد في العائلة، التي ارتضت أن تكون جزءاً منها. عليها أن تعرف مسؤولياتها وحدودها، والدور الذي يجب أن تلعبه في تربية وحياة الطفل، وما هو متوقع منها. وأن تقرر منذ البداية بأي اسم تحب أن يناديها ابن أو بنت الزوج. كما أن عليها أن تُشعر الطفل بأنها ستكون أفضل أم له. وأن تطلب مساعدة ودعم الجميع لتتمكن من القيام بهذا الدور.
- إجراء بحث دقيق:
على الرابة أن تراقب طريقة تعامل الأب مع طفله، لتتعلم كيف تتعامل هي بدورها معه وتتقرب منه. عليها أن تعرف ما يحب الطفل وما لا يحب، والأسلوب الأمثل الذي يمكن أن تتّبعه في تربيته. إذا أخذت الأُم وقتها في البحث حول كل هذه الموضوعات منذ البداية، يمكن أن تقل نسبة المشاكل والصراعات مع الطفل في ما بعد.

- عدم الخوف من المقاومة:
في العادة، يقاوم ابن الزوج الرابة ويرفض التعامل معها، خاصة في البداية. في هذه الحالة، عليها ألا تذهب بعيداً في تفسير موقف الطفل وتفترض أنه يكرهها. حتى لو صرح لها الطفل بذلك، عليها ألا تصدقه. إذ غالباً ما يلجأ الطفل إلى أسلوب اختبار الحدود التي يستطيع تجاوزها مع الجميع، خاصة الأشخاص الذين يخافهم، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بزوجة الأب؟ فإذا كانت علاقة الأب مع زوجته السابقة (أم الطفل) سيئة ولن تكن مستعدة للتضحية والصمود، قد يعمد الطفل إلى مقاومة الرابة ويرفض تنفيذ أي شيء يمكن أن تطلبه منه، ليعرف إن كانت مستعدة للصمود والبقاء. على الرابة ألا تكتفي بإشعار الطفل بأنها تحبه، بل عليها أن تجعله يحس بأنّها مستعدة دائماً للاعتناء والاهتمام به أيضاً.

- إزالة الاعتقاد باجتماع الشمل:
بعض الأطفال يتمسكون بإيمانهم بإمكان عودة العلاقة بين الأُم والأب، إلى ما كانت عليه في يوم من الأيام. وربما يعتقدون أيضاً أنهم إذا استطاعوا "تطفيش" زوجة الأب، تزداد فرص اجتماع شمل العائلة ثانية. في هذه الحالة، على الأب أن يقنع طفله بضرورة نزع هذه الفكرة الخيالية من ذهنه نهائياً، ولأسباب لا علاقة له بها.

- عدم تغيير وجهة النظر:
على الرابة ألا تعتبر أن تصرفات الطفل السيِّئة، هي دليل على أنه طفل سيِّئ. فمثل هذه التصرفات، هي في الواقع ردود فعل طبيعية، بالنسبة إلى طفل يحاول التأقلم مع الوضع الجديد. فبقدر ما يكون الوضع الجديد صعباً على زوجة الأب، فهو أيضاً صعب على الطفل الصغير أيضاً. إنّ السنوات الأولى بعد الزواج، هي من أصعب الأوقات التي يمكن أن يمر بها كل فرد في العائلة الجديدة، إلى أن يتوصل الجميع إلى طريقة للتعامل مع بعضهم البعض. لذا، على الرابة ألا تيأس وتستسلم.

- احترام الزوج:
إنّ أفضل وأسرع وسيلة لكسب احترام ابن الزوج، هي احترام والده. من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالأمان في كنف الوالدين. إن مراعاة زوجة الأب مشاعر الزوج واحترامه له، يؤكدان للطفل أنها خير نصير له، وليس العكس. ولابدّ من حصول بعض النزاعات في كل أسرة، ويجب ألا يغيب عن ذهن زوجة الأب، أن ابن زوجها يراقبها بدقة. إن طريقة تعاملها مع الزوج في مثل هذه الحالات تعطي الطفل الانطباع عنها وعن تصرفاتها.

- احترام الزوجة السابقة:
حتى لو كانت الزوجة السابقة لا تستحق الاحترام، على الرابة عدم الإشارة إلى ذلك إطلاقاً. إنّ الحديث بالسوء عن أم الطفل، يزيد من حدة التوتر بين الرابة وابن الزوج، ومن المحتمل أن يوتر الأجواء مع الزوج أيضاً. عند الاضطرار إلى التعامل مع الزوجة السابقة، يفضل أن يُترك الأمر للزوج للقيام بهذه المهمة.

- التصرف بمرونة:
لا تشعر الرابة بالراحة إلا بعدما تتمكن، مع مرور الوقت، من كسب محبة واحترام الجميع، ومن الاعتراف بحقوقها ومكانتها. لذا، عليها ألا تتصرف بطريقة ديكتاتورية، أو أن تحاول فرض سيطرتها على الجميع، خاصة في البداية. فقد يؤدي مثل هذا التصرف إلى نظر ابن الزوج إليها على أنها دخيلة ومتطفلة، فيصعب عليها تغيير نظرته في ما بعد واعتبارها فرداً من العائلة. هذا لا يعني أن عليها التساهل مع ابن الزوج في حال أخطأ التصرف، وأن تبدو وكأنّها شخص ضعيف يسهل التغلب عليه. بل عليها أن تتعامل بحزم، ولكن بمحبة من الأخطاء، آخذة في الاعتبار وضعها كزوجة أب.

- المال لا يشتري المحبة:
على الرابة أن تتجنب المبالغة في شراء الهدايا لابن الزوج، يقصد كسب حبه واحترامه وتقبله لها. إن شراء الملابس والألعاب والهدايا، لا يشتري ود أحد، بمن فيهم ابن الزوج. بل قد يدفع به إلى توقع الحصول على ما هو أبعد من هدية بسيطة. إن أفضل وسيلة لنيل قبول ابن الزوج ورضاه هي قضاء وقت مميز معاً كطفل وأم. إنّ الوقت الذي تستثمره الرابة في التعرف إلى ابن الزوج والتحدث إليه والاستمتاع معه في اللعب، لا يقدر بثمن.

- السماح للطفل بتحديد سرعة التواصل وإقامة علاقة مع الرابة:
بعض الأطفال يكونون منفتحين وودودين بطبعهم، فيتقبلون زوجة الأب بسرعة. قد يكون السبب انفصال الأُم والأب منذ فترة طويلة قبل إقدام الأب على الزواج ثانية، ما يجعلهم متأكدين من استحالة عودتهما إلى بعضهما البعض ثانية. في هذه الحالة، لا يَعتبر الطفل أنّ الرابة سرقت الأب منه. ولكن على الرابة أن تكون حذرة. إذ من الممكن ألا تطول فترة التقبل هذه. خاصة إذا أدرك الطفل أنّ الأب يمضي معظم وقته مع الزوجة وشعر بأنّه مهمل. إنّ الأطفال ماهرون في التعبير عن مشاعرهم. فإذا انتبهت الرابة إلى أنّ الطفل يغار منها، عليها الإسراع إلى حل هذه المشكلة بتشجيع الأب على قضاء وقت كافٍ مع طفله ليشعر أن أباه لا يزال يحبه. ويتوجب عليها الجلوس مع الطفل وإفهامه أنه ليس في نيتها سرقة والده منه، بل إن هدفها هو أن تصبح جزءاً من العائلة ومقبولة من الجميع. فأحياناً كثيرة يحب الطفل أن يشعر بأنّه ليس مهماً لوالده فقط، بل لزوجته أيضاً.

- بناء علاقة صداقة مع ابن الزوج:
من المعروف أن معظم الأطفال لا يحبون بحث أمورهم الخاصة مع الأهل. لذا، فهم في حاجة إلى الوثوق بشخص ناضج ليتكلموا معه. على الرابة أن تحاول أن تكون محل ثقة ابن الزوج، وأن تشعره بأن في إمكانه التحدث إليها من دون أن تحكم عليه أو تنتقده. ولكن عليها ألا تخفي الأسرار التي يمكن أن تؤثر سلباً في حياة الطفل أو الأب. فإذا شعرت بأن هناك حاجة إلى إطلاع الأب على أمر ما، عليها أن تخبر الطفل قبل الإقدام على هذه الخطوة حتى لا يشعر، عند بحث الأب الموضوع معه، بأنّه كان مغفلاً وبأنه تعرض للخيانة، وحتى لا تفقد الرابة ثقة الطفل بها.

- المزاح مع ابن الزوج:
من السهل إرضاء الطفل وإسعاده. فإذا لاحظ الطفل أنّ الرابة تشعر بالسعادة والبهجة عند رؤيته، ينعكس ذلك عليه أيضاً. إنّ الاستمتاع بالوقت الذي تقضيه الرابة مع ابن الزوج، لا يكلف كثيراً. عليها أن تعرف ما يحب فعله وتفعله معه. مثلاً، يمكنها الطلب من الطفل تعليمها استخدام الـ"رولر"، فكما وقعت أرضاً، تنشرح أسارير الطفل ويشعر بالسعادة فيضحك. في إمكانها مشاركة الطفل أي نشاط يحبه ويقربها منه، وليس لعبة الـ"رولر" فقط.

- الصبر:
يجب ألا يغيب عن بال الرابة أنّ الأمور لا تتم بين عشية وضحاها. لذا، عليها أن تتحلى بالصبر وتعطي نفسها، والطفل أيضاً، الوقت الكافي حتى يعتادا على بعضهما البعض، ويبدأ الطفل في التقرب منها واحترامها والشعور بالسعادة من وجوده بقربها، فتتمكن مع مرور الوقت من بناء أسرة متحدة ومترابطة. أمّا إذا شعرت بأن ابن الزوج يرفضها ويرفض التقرب منها، فعليها أن تتراجع خطوة إلى الوراء وأن تفسح في المجال أمامه ليقود هو العلاقة. عليها أن تسمح للعلاقة بأن تنمو وتزدهر من دون ضغط من طرفها.

- عدم أخذ دور الأُم:
إنّ الخطأ الكبير الذي ترتكبه أغلبية زوجات الآباء، هو محاولة أخذ دور الأُم، فيحاولن إجبار الأطفال على اعتبارهنّ "الأُم الجديدة"، بمعنى آخر يحاولن الحلول مكان الأُم الحقيقية. قد يتسبب مثل هذا التصرف في شعور الطفل بالاستياء كثيراً، لأنّه يشعر بأنّ الرابة تحاول إبعاد الأُم الحقيقية للحلول محلها. على الرابة ألا تحاول إقامة علاقة بالقوة مع ابن الزوج. بل عليها أن تكون صديقة، ومحل ثقة واحترام، والباقي يأتي مع مرور الوقت.

- تعزيز العلاقة:
في إمكان الرابة تعزيز علاقتها بابن الزوج إذا اتبعت أموراً ثلاثة: التعلم، الإصغاء والحب. على الرابة أن تبذل كل جهد ممكن لتعرف ما يحب ابن الزوج وما لا يحب، ما هي أحلامه، ما يعجبه ولماذا؟ وباختصار، عليها أن تدرك أن ابن الزوج شخص، عليها التعامل معه على هذا الأساس. يجب أن تصغي الرابة إلى ابن الزوج عندما يتكلم إليها. عليها أن تصغي إليه بصدق وبانتباه، وأن لا تسمع له فقط، وأن تتجنب حل كل مشاكله، أو أن تملي عليه ما يفعل. بل عليها أن تحاوره وتطرح عليه الأسئلة لتعرف كيف يفكر، ثمّ تطلب رأيه في حل المشكلة.
يتمتع الأطفال بحس عالٍ وشعور مرهف. إذ في إمكانهم الإحساس بما إن كان الشخص الذي يتعامل مهم يحبهم أم لا. على الرابة أن تحب ابن الزوج يصدق، لا أن تمثل عليه الحب. فعندما تكون صادقة في مشاعرها، يشعر الطفل بذلك فيبادلها الشعور نفسه، يطيعها ويحترمها ويقبلها زوجة لأبيه.

- احترام زوجة الأب:
قد لا يتمكن الطفل من تجاوز خسارة الأُم أو الأب أو العائلة. ولكن لا تستطيع زوجة الأب فعل أي شيء حيال شعوره سوى تقبل وضعه، وتجنب الدخول معه في نزاعات حول الموضوع. عليها أن تحددي قوانينها منذ البداية، وأن تجلس مع ابن أو بنت الزوج، وأن توضح له أو لها ما هو مطلوب منه، وأن تقول له مثلاً: "ليس مطلوباً منك أن تناديني ماما، ولكن عليك أن تحترمني وأن تتّبع توجيهاتي".
من الطبيعي أن تستاء زوجة الأب إذا لم يحترمها أبناء الزوج، أو إذا ععاملوها بخشونة أو فظاظة، أو إذا قالوا لها كلاماً مثل: "أنت لست أمي. لن أنفذ أوامرك". في هذه الحالة، على الرابة أن تكون حذرة جدّاً، لأنّه إذا تكررت هذه التصرفات ولم تتم معالجتها من الأب والزوجة أيضاً، فمن الصعب جدّاً وضع حد لها. فالطفل يتصرف بفظاظة ليحمي نفسه، ولـ"يدرب" الرابة على ما يمكن أن تطلب منه وما لا يمكن، وما لا يجب أن تتوقع منه. في هذه الحالة، على الأب أن يقرر طريقة كلام وتعامل الطفل مع الرابة. وعلى الرابة وضع القوانين بالاتفاق مع الأب، وأن تثبت عليها. مثلاً، إذا قال لها ابن الزوج: "لست أمي، ولست مرغماً على تنفيذ ما طالبت به". يمكنها القول: "حقاً أنا لست أمك، ولكن يجب عليك أن تؤدي واجبك المدرسي". أو "نحن لا نبحث في موضوع إن كنت أمك أو لا، نحن نتحدث بشأن واجبك المدرسي".
إنّ نتائج هذا النوع من التصرف يجب أن تكون سريعة وواضحة. مثلاً، يجب أن يعرف الطفل أنّه إذا لم يحترم الرابة، سيخسر بعضاً من امتيازاته، مثل مشاهدة التلفزيون، استخدام الكمبيوتر، الذهاب لزيارة صديق... إلخ. بمعنى آخر، على الرابة ألا تتحمل كل تصرفات ابن الزوج. فهي التي تتحمل عبء الاهتمام به وبالعائلة، وهي التي تبذل الجهد لتأمين احتياجاته، وهي التي تضحي من أجله. لذا، على ابن الزوج أن يعاملها باحترام. ليس مفروضاً أن يناديها "ماما" إلا إذا كان راغباً في ذلك، ولكن من المفروض أن يحترمها.
على الرابة ألا تحاول قراءة ما في ذهن الطفل، فهي لا تستطيع فعل ذلك. مثلاً، إذا لم يحب الطفل أن تأمره الرابة بفعل شيء ما، لكنه يفعله كيفما اتفق، عليها ألا تعترض على ذلك وتحاول تفسير مغزى تصرفه. وعليها ألا تنزعج إذا نظر إليها بطريقة معينة عند الطلب منه تأدية واجبه. يكفي أن يؤديه سواء رغب في ذلك أم لم يرغب. لذا، عليها ألا تحاول قراءة أفكار الطفل لتقرر ما إذا كان لا يريد فعل الشيء أو لا يرغب في فعله. عليها أن تدع الأمور حتى تسير إلى أن يتوصل كل طرف إلى معرفة الطرف الآخر وفهمه، وبالتالي نيل احترامه.

JoomShaper