هل يمكن للأسرة أن تدير ميزانيتها دون اللجوء إلى الديون؟ وهل يمكن للميزانية أن تكفي حاجات الأسرة مهما كان حجمها وقيمتها؟ وهل هناك وسائل معينة لتوزيع الميزانية على المتطلبات والاحتياجات دون خلل؟
هذه أبرز المحاور التي طرحناها على عدد من ربات البيوت، وعلى أستاذتين متخصصتين في إدارة الشؤون المنزلية، فماذا قال الجميع؟
البركة قبل التدبير
بداية تقول الحاجة أم توفيق (ربة بيت وجدة)، ميزانية البيت المهم فيها البركة قبل أي شيء، بعد ذلك مهما كانت الميزانية صغيرة أو كبيرة، فيمكن لربة البيت الشاطرة أن توفي بكل احتياجاتها دون استدانة، ودون أن تحرم نفسها أو أن تحرم أطفالها. وتضيف: في السابق لم يكن لدينا ميزانيات ولا رواتب كأجيال اليوم، وكنا ندير المنزل دون أن نشغل الرجال باحتياجات البيت، ولم تكن لنا تطلعات كبنات اليوم، وكنا نضع كل شيء في مكانه دون تبذير ودون أن نحرم أنفسنا أيضا.
أما السيدة هالة السيد مدرسة بمدرسة عمر مكرم الابتدائية فتقول: علمتنا الحياة والالتزامات بالعمل أن نكون محددين، وأن نتجنب الأزمات المالية قدر الإمكان، خصوصا لمن جربها.
وتذكر أنها تعرضت للديون حين قامت بتقسيط غسالة أعجبتها ولم تكن في حاجة ملحة لها، وكان لديها غسالتها القديمة وحالتها كانت معقولة، وتضيف أنها اضطرت لاقتطاع مبلغ شهري لمدة عام ونصف لسداد أقساط الغسالة، ولم يكن هذا المبلغ في الحسبان، فأرهق ميزانية البيت بشكل كبير، خصوصا أنها لجأت لشراء سلعة لم تكن الحاجة إليها ملحة.
لا يُسلم الميزانية كاملة!
أما محمد سعد ـ مهندس ديكور ـ فيقول: سأقول لك سرا!.. إنني وحتى أتجنب الاستدانة ولكي تفي الميزانية بكل ما نحتاج، أعطي زوجتي 75% من الميزانية التي أقدرها من راتبي لتدبر بها شؤون المنزل، واحتجز الـ 25% لأعطيها لها بعد ذلك على هيئة سلفة أو عند الضرورة، فتشعر أنها تجاوزت الميزانية المرصودة وأنني لم أخذلها، ومن ناحية أخرى نكون تجاوزنا الشهر ونحن في مأمن من أي تعثر مالي.
ويضيف: أحيانا كثيرة لا تحتاج زوجتي أن تعود لي فأحجز الـ25% من الميزانية كنوع من الادخار الخاص باحتياجات البيت، أو للطوارئ المنزلية، أو التخطيط لتنزه، وأكون بذلك وفقت بين احتياجات البيت ولم أحرم أسرتي من شيء.
ماذا قال المتخصصون؟
ولتقديم تصور واضح عن إدارة ميزانية المنزل توجهنا للدكتورة عواطف عيسى الأستاذ المساعد تخصص إدارة المنزل بكلية التربية جامعة قناة السويس، فأكدت أن تسيير ميزانية الأسرة دون الحاجة للاستدانة من الأمور السهلة والميسورة، إذا توافر التخطيط الجدي لموارد الأسرة المالية، وفقا للواقع الملموس وليس ماهو متوقع أو متخيل.
وأضافت أنه لابد من وضع قائمة بالأولويات: المهم فالأقل أهمية حتى تفي الموارد، سواء كانت رواتب أو غيرها بالاحتياجات والمطالب.
وأوضحت أنه لابد من أخذ رأي أفراد الأسرة قبل تحديد الأولويات للوقوف على أولويات كل عضو في الأسرة، ومراعاة لنفسية الأبناء، والنظر فيما يمكن تحقيقه وما يمكن تأجيله ليكون الجميع شريك في القرار، وبالتالي يساعد على تنفيذه.
الشراء العاطفي
أما ما الذي نفعله إذا وقعنا في الاستدانة، ولم تف الميزانية بالمتطلبات؟ فتقول الدكتورة عواطف: الاستدانة تحصل عادة نتيجة الشراء العاطفي، وهو نوع من الشراء لا نتحكم معه في الاحتياجات، فنشترى أشياء ليست ضرورية وربما لسنا في حاجة لها أصلا.
ولعلاج هذا الخلل تقول الدكتورة عواطف: يجب معالجة رغبة الشراء العاطفي، بشراء الضروري أو ما نحتاجه فقط، إضافة إلى تخفيض النفقات حتى نتجاوز الاستدانة.
وحول إمكانية تكييف الميزانية مهما كان حجمها، قالت الدكتور عواطف: هذا أمر ممكن جدا، وذلك عن طريق التصنيع المنزلي بدلا من اللجوء للشراء دائما، فيمكن أن نستبدل المياه الغازية بالعصائر المنزلية، ويمكن أن نصنع المربى بالبيت بدلا من شرائها، كذلك يمكن عمل الكيك والحلويات المختلفة بالبيت، وهذه كلها أشياء موفرة ولا تستهلك الميزانية.
وحول الجهود التي يبذلها المتخصصون في الاقتصاد المنزلي في توعية الجماهير بأهمية البعد عن الاستدانة تقول: هناك برامج توعوية ننشرها بين الناس، إضافة إلى الندوات والدورات التدريبية التي تسعى لترشيد الاستهلاك والبعد عن الاستدانة في إدارة شؤون المنزل.
الورقة والقلم
وتقول الدكتورة سوسن عبدالغني وكيل كلية التربية بجامعة قناة السويس والرئيس السابق لقسم الاقتصاد المنزلي بالكلية: إنه يجب على كل أسرة أن تضبط ميزانيتها بالورقة والقلم، حتى لا تلجأ للاستدانة، وأنه يتوجب أن تتعلم ربات البيوت كيفية تقسيم الميزانية في حدود الاحتياجات، التي تصبح ثقافة بمرور الوقت ولا تشعر أنها بحاجة للاستدانة.
وأضافت: لقد مررنا جميعا بهذه المراحل في بداية حياتنا، ولا أحب الاستدانة كما لا أحب تقسيط الأجهزة وما تطرحه المحلات بالتقسيط، ومن الضروري احتجاز جزء من الميزانية للطوارئ أو للمناسبات المختلفة.
وحول إمكانية تهيئة الميزانية بالدرجة التي لا تلجأ ربة البيت الاستدانة تقول الدكتورة سوسن: من الممكن جدا أن تكيف ربة البيت ميزانيتها بما تحتاجه مهما كان حجم ونوع هذه الميزانية أو نوعيتها، سواء كان راتبا شهريا أو أسبوعيا أو يوميا.
المصدر:لها اون لاين