الکاتب : د. مأمون طربيه
"الغرباء أمامنا يمكن أن يكونوا أفضل مرآة تعكس فعلياً ما نحن عليه، وما تريد أن تراه، فإن أرسلت إشارات جميلة، يكون الرد ما تحب أن تسمعه!!".
كثيراً ما نحكم على الناس إما حسبما يقال لنا عنهم أو تبعاً لما يبدو ظاهراً بالنسبة لنا وهذا ما يجعل علاقاتنا بهم متأثرة بانطباعات غير دقيقة، مرهون تأكيدها للتجربة في أكثر من موقف، لكن الوضعية الأكثر تعقيداً عندما نتعامل مع الناس وفقاً لتصورات منمطة أو بناءً على غايات خاصة، فتبقى أسيرة آرائنا عنها.. ومن هذه الأفكار ما حدث لإحدى الفتيات التي توظفت كسكرتيرة في عيادة طبيب وبعد عدة أسابيع اكتشف الطبيب أن سكرتيرته كانت ربيبة مأوى حالات اجتماعية صعبة، فبادرها بالقول: "لم أكن أعلم أنك كنت تعيشين هناك ولو علمت قبل ذلك لما وظّفتك.. لأن مثل هذه الأمكنة هي بؤرة أمراض" فأجابت الفتاة على الفور: "لا سيدي ليست دور الرعاية هي بؤرة الأمراض إنما عيادات الأطباء هي الأخطر فهنا يأتي الناس ليرموا بأمراضهم لديك".هناك أناس يعتبرون أنفسهم كالشمس تجري كل الأمور من حولهم كالمجرات وحين يحدث خطأ ما يعتبرونه من الآخرين وليس من أنفسهم، كما أنهم يعتقدون أنّ الابتسام للأثرياء فقط ولا يمكن للفقراء أن يدفعوا نفقته.. مثل ذاك الاعتبار وهذا الاعتقاد هو من قبيل الحكم المسبق الذي يحكم ذهنية البعض تجاه البعض الآخر ويتعاملون على أساسه وكأنّه الأصح.
رغم تغير الظروف في علاقاتنا الاجتماعية لا زلنا نرى تفكيراً منمطاً وسلبياً في نظرة الناس لبعضهم البعض. لكن ما ينبغي أن ندركه أن ارتقاء المرء بالعلاقات أو فشله بها، وسعادته بما يصاحب أو تعاسته إنما يتوقف على موقفه من هذه العلاقة، ذلك أن موقف الرجل هو الذي يوجد الوضع الذي يتخيله المرء.. وهذا ما يؤكده عالم النفس المعروف وليم جيمس بقوله: "الإنسان قادر بكل بساطة أن يغيّر حياته عبر تغيير طريقة تفكيره" هذا يعني أنّ العلاقة مع الآخر هاجس الشباب الدائم بل هاجس كل واحد منّا في مراحل عمره، لأن وجود أحدهم إلى قربك هو عامل حاسم في تخفيف العناء وتأمين المرح.
فحوى هذا الكلام صديقي الشاب هو أن تحرص على تقدير أربعة أشياء: الثقة/ الوعد/ العلاقة/ المشاعر، وهذا ما يختصره نيكولاس بوثمان في كتابه الظريف: "كيف تجعل الناس مثلك". عن بداية علاقة سلسلة حيث يكون غالباً في أمور خمس:
1- إعلان انفتاح (Open): وخطوة الإعلان أن تنفتح بلغة جسدك أوّلاً فلا تتبرم من حضور الآخرين وتنزوي بعيداً متفرجاً.. إنما فكر بأهمية العلاقات وضرورة الانفتاح عليها.. اجعل قلبك يتوجه نحو الشخص الذي تود أن تلتقيه...
2- نظرة اهتمام (Eye): يقرر البعض أنّ الإتصال بالنظر هو الاتصال الحقيقي في اللقاءات والمناسبات، فأن تبقى على اتصال بالنظر مع الآخر الذي تتكلم أو تلتقي فأنت في بداية تعارف.. اجعل نظرك يتوجه مباشرة نحو الشخص الذي تريد التعرف إليه. وأنت تنظر اجعل نظرك يعكس اهتماماً وإيجابية واحتراماً..
3- إشراقة ابتسام (Beam): وهي الخطوة التالية المتممة لاتصال النظر فعندما يعلو محياك ابتسامة وأنت تنظر فهذا يعني رغبة منك نحو علاقة ودودة..
إذ غالباً ما تعكس الابتسامة المشرقة انطباعاً إيجابياً من قبلنا أو من قبل الآخر.
4- تحية دافئة (Hi.. i): كما عبرت النظرات والابتسامة عن "إيجابية موقف" من قبلك تجاه الآخر، كذلك يمكن للتحية أن تفعل فعلها إذا أُعلنت بطريقة ودودة.. فعندما تتقدم نحو أحدهم ألق السلام بصوت دافئ.. ثمّ قدّم نفسك وأنت تصافحه بهدوء وتقدير.
وقفة اعتبار (Lean): قلما يقدر البعض "شكل الوقوف" تجاه الشخص الآخر بينما هي في بعض المواقف تعكس دلالات اعتبار إذا تضمنت إمالة بسيطة من الجسم نحو الشخص الذي يواجهنا.. راقب وقفتك إزاء الشخص الآخر كيف هي!! فمن الحذاقة أن تقف بشكل ينبىء عن تقدير.
المصدر: كتاب كيف يمكن أن تعيش الحياة ببساطة