الدستور - رنا حدادتتعامل غالبية المجتمعات العربية مع المسنين معاملة في مجملها تعمد الى تهميش طاقتهم وقدراتهم وتجاربهم وهذا ما يجيب على تساؤل لماذا انتشرت دور المسنين في اقطارنا العربية التي لطالما تميزت بدفء العائلة.ولعل الغالبية الكبرى من المسنين يصلون هذه المرحلة العمرية وحيدون بعد ان يكون الموت قد خطف الشريك الاخر.وفي المجمل يرفض الابناء زواج اهلهم مرة اخرى لعدة اعتبارات تصب في مجملها في غير مصلحة هذا المسن الذي هو وبحسب الدراسات الاجتماعية والنفسية ونتائجها أكثر عرضة لبعض الأزمات النفسية أو الاكتئاب أو الانطواء والأمراض التي تسمى بأمراض الشيخوخة المعروفة. فترة حرجة ومرحلة صعبة على المسن واهله لاسيما ان كان يقطن وحيدا في منزله والابناء غائبون بدواعي العمل والاسرة الصغيرة.الابناء الذين يصبحون في هذه المرحلة أصحاب قرار في حياة هذا المسن يرفضون في المجمل زواجه من جديد بحجج ودواع نبرز تاليا اهمها بحسب كلامهم.لا أقبل"ندى" التي رفضت واخوتها زواج والدهم من جديد عزت رفضها ورفضهم الى ان المرأة التي اختارها الوالد لا تصلح له مطلقا وتضيف ندى"ليست هذه من تحل محل والدتي ولا اجد امرأة في الكون تفعل.. ولكن من اختارها والدي بالذات رفضناها لانها مختلفة في الاطباع ولم نعتقد انها تناسبه باي حال من الاحوال ..ورغم ذلك فقد قرر والدي الارتباط بها رغم رفضنا جميعا".وتضيف ندى "اعلم ان والدي يحتاج لمن يؤنس وحدته ويلبي طلباته ، الا انني واخواتي واخواني نسعى جاهدين لسد هذه الحاجة وهذا الفراغ واتمنى ان يثنيه اهتمامنا به عن قراره بهذا بالزواج"،.ندى ليست وحدها من رفضت فكرة زواج والدها فهي على الاقل لم تقاطعه كما فعل ابناء "ابو نبيل" الذي اضطر للزواج بعد رحيل زوجته وبعد ان وجد نفسه وحيدا ينتظر من يغسل له ملابسه ويكوي له كوفيته ..ابو نبيل كان يحس بنزاع ابنائه وبناته واختلافهم "على الدور" فهم كانوا يقسمون خدمته وزيارته على ايام بينهم ..ولم يخدع تظاهر الابناء بالرضا الرجل الستيني فهو كان يعرف في قرارة نفسه ان الامر يشكل عبئا على الابناء والبنات سيما وان الجميع متزوج ويعمل فما كان منه الا ان فكر بالزواج واختار سيدة خمسينية يتكأ عليها ويعيش معها بهدوء وسلام. اعتراض بدافع "العمارات"اعترض احمد واشقائه على زواج والدهم من جديد بعد رحيل الوالدة .ووالد احمد واشقائه رجل ميسور يمتلك ثروة وعقارات: احمد صرح بخوفه هو واخوته أن تشاركهم الزوجة الجديدة في الميراث. ودافع احمد عن ما اسماه "حقه وحق اخوانه"وقال "ما الذي يضمن لي عدم لعب الزوجة الجديدة بعقل والدي مستغلة احتياجه لها فيتنازل لها عن جزء كبير من الميراث ، كما أن فكرة زواج المسن مرفوضة لدينا في المجتمع العربي.ابناء يزوجون اهاليهمولكن هل نجد في المقابل أبناء يسعون للبحث عن شريك حياة لآبائهم وأمهاتهم ويتمنَّون زواجهم ، وذلك لتخفيف المسئولية عنهم ، وليكونوا في الوقت نفسه مطمئنين على أن هناك مَن يتولي رعايتهم ويؤنس وحدتهم نعم هذا ما حدث مع "عيسى" واشقائه الذين كانوا هم وراء زواج والدهم مرة ثانية .يقول عيسى "نعم نحن من بحثنا لوالدنا على عروس تنسجم مع ظروفه بل وظروفنا جميعا والحمدلله وفقنا في الاختيار وهه هو والدي يعيش مرتاحا مع زوجته التي نحبها ونعتبرها واحدة من اسرتنا كيف لا نفعل وهي تراعي احتياجات والدنا التي تمنعنا ظروفنا كأصحاب عائلات وموظفين من متابعتها والوقوف عليها ..زوجة ابي لها حق الاحترام ونحن لا نرى انها تشكل اي خطر يذكر فلها حقها شرعا ولنا حقنا ايضا فلماذا الخوف؟؟".زواج بدون انجابلاحظنا في هذا الاستطلاع ان فكرة الزواج قد لا تجابه مباشرة بالرفض اذا استثنينا فكرة الانجاب كما لاحظنا ان الرجل المسن هو من يسعى للزواج وليست المرأة المسنة باعتبار ان المرأة قادرة اكثر على التعايش مع الظروف الصعبة وقادرة على خدمة نفسها في ظل اسوء الظروف.كما لاحظنا ان الرجل المسن لا يتطلع إلى امرأة مسنة تؤنس وحدته بل إلى فتاة في الأربعين من عمرها فاتها قطار الزواج قادرة على خدمة المسن والعمل على راحته.فكرة زواج المسنينتباينت الآراء حول نشأة زواج المسنين ، فهناك من يري أنها قادمة من الغرب الذي يسعي الفرد فيه بعد سن الستين إلى الزواج والتمتع بحياته حتى آخر لحظة فيها ، والبعض يراها قديمة منذ عصر الإسلام الأول ما سبق كله دفع مؤخرًا كثيرا من جمعيات عربية تتولى رعاية المسنين إلى تطبيق فكرة زواج المسنين مثل جمعية "الرباط المقدس" و"الجمعية المصرية لتدعيم الأسرة"وغيرها من الجمعيات: حيث يقوم تنفيذ الفكرة على توفير الجو العام لتعارف المسنين على بعضهم البعض ، وذلك من خلال أنشطة الجمعية المختلفة من أنشطة ثقافية وفنية وإرشادات صحية ، ومن خلال اللقاءات المتعددة يبدأ البعض منهم يأنس للآخر ، بل قد يقدم المسن استمارة واضعا فيها شروطه ومواصفاته لشريكة حياته ، كما تقوم تلك الجمعيات بدور آخر وهو: محاولة إقناع الأبناء بأن هذا المسن من حقه أن يعيش حياة مستقرة ، وأن هؤلاء الأبناء انشغلوا بحياتهم الأسرية وأصبحوا في ظروف تتحكم فيهم ، وأنهم غير قادرين على رعاية آبائهم ، وأن مسألة الورث والأعمار بيد الله ، يبدلها كما يشاء ووقتما يشاء.وتقول رئيسة الجمعية ونائبة المنظمة العربية للأسرة د سوسن عثمان ، إن فكرة زواج المسنين ليست بالجديدة فهي تطبق في غالبية الدول الأوروبية في أندية المسنين "ولكن الفكرة جديدة في الدول العربية إلى حد ما وبدأت بمشروع بتنفيذ مشروع "رباط الونس"في عام 2003 للتوفيق بين كبار السن.
جريدة الدستور