د. طارق طهبوب
نشرت صحيفة (الدايلي تلغراف) بتاريخ 7-1-2010 نتائج دراسة أظهرت أنّ ربّي الأسرة يضيّعان ما معدّله (40) دقيقة في اليوم في الجدال المحتدم حول مشاكل منزليّة بسيطة، مثل: برودة الطّعام، أو بعثرة الزّوج لملابسه.
وهذا الجدال في بيئة مكتفية مادّيًّا، محصّنة بالتّأمين الصّحي والتّعليم المجانيّ وإعانات ضدّ البطالة، فكيف بها لو عانت عشر معشار ما تعانيه العائلة العربيّة التي يعيش 80% منها تحت خط الفقر، حيث تحوّلت المعيشة إلى نضال مستمرّ للبقاء فوق الموت جوعًا ودون الكفاف، وحيث الأب المريض والابن المتخرّج من الجامعة بدون عمل، وشبح الفقر يطارد العالم العربيّ بأسره (على الرّغم من حمّى الأبراج). وقد قالت دراسة الاسكوا بأنّ العالم العربيّ يحتاج إلى خمسين مليون فرصة عمل خلال عشرة الأعوام القادمة للمحافظة على معدّل البطالة الحالي 26,5%.
كلّ ما تقدّم يبشّر بعودة الأمّة إلى دينها، وبحاجتها إلى تحكيم شرع الله لمقاومة الفساد المستشري كالسّرطان في جسد الأمة، والذي يأكل البلاد والعباد، كما تأكل النّار الهشيم.
نظرة إلى شريط الاخبار على أيّة قناة تلفاز يظهر لنا حجم معاناة الأمّة، على الرّغم دعاوى السّيادة (30 مليون يشربون من مياه الصّرف الصّحي، 14 مليون مصابون بمرض فيروس الكبد الوبائيّ، ستّة ملايين عانس في مصر، نصف مليون عانس في الأردن، جدار فولاذيّ ورافعات ضخمة لم نرها عندما انهار المقطم على سكّانه - حوكرة مشروع الحاكوره للمختلسين).
في ظلّ هذا البلاء والوباء لا بدّ من تفعيل السّلاح الرّباني، و (40) دقيقة من المودّة و الرّحمة، ليس فقط بين الزّوجين، ولكن مع دعاء الأمّ لابنها بعد إيقاظه لصلاة الفجر بالتّوفيق للبحث عن عمل، ودعاء الأب لابنته، وحرصه على أن يرزقها زوجًا صالحًا، وزيارة الجار لجاره المريض، فضلاً عن أخته القاطنة في الزرقاء، واحترام الطّالب لأستاذه، وحنوّ الأستاذ على طلبته، والحرص على مصلحتهم، وحرص الموظّف على إنهاء المعاملة في أسرع وقت.
ولعلّ الكثيرين ينسون أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- بُعث لإتمام مكارم الأخلاق، ولو عمل بقاعدة المودّة و الرّحمة لكانت المناعة الاجتماعيّة جزءًا أصيلاً من العون المجانيّ على شظف العيش وتخليص الأمّة من البلاء والشّقاء الذي سيزول -بإذن الله- بالعودة إلى منهج السّلف الصّالح، وجزء أساسيّ منه (40) دقيقة فما فوقها من المودّة والرّحمة.
أربعون دقيقة من المودّة والرّحمة
- التفاصيل