تعلّم الأبناء اللباقة الاجتماعية هي مسؤولية الأهل وهم النموذج الاجتماعي الأوّل الذي يقلّده الأبناء، فإذا كان الوالدان ممن لا يكترثون لأهمية اللباقة الاجتماعية واللياقة في التواصل مع الآخرين، فمن الطبيعي أن يكون الأبناء على صورتهم. وقد يكون الأهل على عكس ذلك، كأن يكونون من الأشخاص الذين يولون أهمية كبيرة للباقات الاجتماعية ويفرضونها على أبنائهم بشكل قاس من دون أن يأخذوا في الاعتبار الاستعدادات النفسية عند الأبناء والأسلوب الملائم لتعليمهم اللباقات الاجتماعية والتي يشكل إلقاء التحية أحد وجوهها، كما ورد في مجلة «جمالك». فكم مرّة نسمع والدة توبّخ طفلها أمام الآخرين لأنه لم يلق التحية فتشعره بالإحراج والإرباك في الوقت نفسه. فهو يسأل نفسه كيف تطلب مني احترام الآخرين الذين توبّخني أمامهم . وهذا سؤال مشروع ومنطقي إذ لا يمكن للأهل الطلب من الطفل احترام الآخرين إذا لم يحترموه.

 

- لماذا إلقاء التحيّة ضروري؟

 

وحسب ما ورد في مجلة «لها» من المعلوم أن إلقاء التحيّة هو أول موقف يتّخذه الفرد للتواصل اجتماعيًا، وهو يسمح بالدخول إيجابيًا خلال التواصل مع الآخرين.

فعندما نلقي التحية ننظر إلى الشخص الذي نلقي عليه التحيّة، والابتسام له والقول صباح الخير أو يومك سعيد أو السلام عليكم.... ، وللاندماج في مجموعة تجب المراقبة وتعلّم الطلب قبل الانضمام إلى المجموعة.

هل يمكنني اللعب معكم! . وعندما لا يرد الطفل التحية فهو يجازف بتفويت فرصة تعلّم قدرات اجتماعية أخرى أكثر تعقيدًا.

التواصل يبدأ من الابتسامة إلى اللباقة

يدخل الطفل بنظراته في علاقة تواصل مع من حوله، فهو يبدأ الابتسام بين العشرة شهور والسنة، يحرّك يديه عندما يرسل له أحد زوار العائلة قبلات عن بعد قبل أن يغادر الغرفة. وعندما يبدأ الكلام يمكنه أن يقول الو على الهاتف وصباح الخير ووداعًا .

وفي السنة الرابعة من عمره يمكن الأم إعداد طفلها للتصرف بلباقة، فمثلاً قبل الذهاب لزيارة الجدّة يمكنها أن تجعله يتوقّع الطريقة التي عليه التصرف بموجبها بلباقة: سوف نذهب لزيارة جدتك التي تحب كثيرًا عندما تحييها بالقول السلام عليكم أو صباح الخير.

- كيف يمكن تعليم الطفل اللباقة؟

للمثال الذي يعطيه الأهل أثر كبير في تعليم الطفل اللباقة. فمثلاً عندما تذهب الأم مع طفلها للتسوّق من الضروري أن تلقي التحيّة على البائع قبل أن تسأل عن السعر.

بمعنى آخر على الأم والأب أن يعزّزا سلوك اللباقة عند أطفالهما من خلال تواصلهما مع الآخرين، لا أن يتصرّفا وكأن الآخرين غير موجودين، فعندما يلاحظ الطفل أن والده يلقي التحيّة على الجار وإن كان لا يعرفه شخصيًا فإنه يدرك أن التحية أسلوب جميل للتواصل مع الغير الذي لا نعرفه.

- ولكن ألا يشكّل ذلك أحيانًا خطرًاعلى الطفل الذي لن يميّز بين الغريب الشرير والغريب الطيّب؟

صحيح، ولكن على الأهل أن يعلّموا أطفالهم أيضًا أن إلقاء التحية على الغريب لا يعني السماح له بحضنه وإنّما لا يجوز أن تتعدّى عبارة السلام عليكم، أو مرحبا .

- هل يكفي أن يقول الطفل صباح الخير ، شكرا ، وداعاً ، ليكون مهذبًا ولبقًا؟

هذه العبارات لا يكفي التفوه بها ليكون الطفل مهذباً، بل عليه معرفة آداب السلوك الصحيحة التي ستصير جزءاً من سلوكه الاجتماعي والتي يحتاج تعليمه إياها إلى مجهودٍ يبذله الوالدان معه منذ نعومة أظفاره، خصوصاً أن الطفل غير المهذب لا يمكنه بناء علاقات اجتماعية ناجحة.

فغالباً ما يؤدي عدم التقيد بآداب السلوك إلى انحراف اجتماعي، يظهر في مرحلة المراهقة.

 

JoomShaper