مريم نصر
عمان - في حياتنا لا توجد وصفة سحرية للحصول على السعادة، فهي كلمة عصية على التعريف، ولا يمكن تحديدها للأشخاص؛ لأنها نسبية ومتغيرة من فرد لآخر، لكن هذا لا يعني أننا لا نستطيع إيجاد السعادة، بل يمكننا من خلالها إيجاد التوازن العاطفي.
والتوازن العاطفي قد يعني النظرة الإيجابية للحياة بغض النظر عما يحدث حولنا. وبالنسبة للبعض قد يعني فهم عواطفنا بطريقة تسمح لنا بالاستجابة لمشاعرنا. وليس إبداء ردة فعل اتجاهها، وقد يعني أيضا أننا نحس بمشاعرنا قدر استطاعتنا، وإن كانت جياشة في الوقت نفسه يجب الالتزام بالاعتدال في التعبير عنها.
إن التوازن العاطفي يتحقق مع الممارسة العملية في الدعاء والتأمل. عندما نجلس في مكان هادئ وأفكارنا وأمانينا وهواجسنا كلها مرتبطة بالله، وندعوه أن يهدينا إلى سواء السبيل ويسدد خطانا.
والتوازن العاطفي ينبع من قدرة الإنسان على تحقيق رشاقته الروحية، ويقول د.نورمان روزينتال المتخصص في طب النفس العلاجي من جامعة جورج تاون، إن الإنسان حين يحب نفسه ويقدر ذاته ويشعر بشعور جيد حيال حياته، فإن جسده يبقى بصحة جيدة، ويشعر بالطاقة والحيوية وتتقوى لديه المناعة لمقاومة الأمراض.
وتفيد الدراسات أن 55 % من الشعور بالسعادة مرده الجينات، لكن هذا لا يعني أن الجينات التعيسة تدفع المرء إلى التعاسة، بل البيئة وتهذيب الذات يلعبان دورا كبيرا في جلب السعادة.
وهذا يعني أن يحقق المرء توازنه العاطفي، ويفسر روزينتال أنه ولتخيل معنى التوازن العاطفي نقربها من فكرة ركوب الأمواج، حيث على المرء تعلم التوازن على اللوح حتى لا ينزلق ويقع.
وهنالك طرق لتحقيق ذلك، بحسب روزينتال، إذ على المرء الجلوس مع ذاته وتسجيل المشاعر التي مر بها خلال الأسبوعين الماضيين؛ مثل مكتئب، قلق، سعيد، غاضب، حزين، مجروح، راض، كل تلك المشاعر سواء سلبية أو إيجابية، وأن يبحث عن أسباب شعوره بمثل تلك المشاعر. ويتعمق ليدرك كيف شعر وكيف يمكنه إيجاد حلول تمنع إصابته كليا بالإحباط أو الاكتئاب ليحقق التوازن العاطفي.
أما مفاتيح الشعور بالتوازن العاطفي، فتتم من خلال إراحة الدماغ وأخذ إجازة ذهنية وعدم التفكير في شيء يذكر. إلى جانب أحلام اليقظة، إذ يقول روزينتال "عندما تفكر في حدث سار فإن الدماغ يعمل بطريقة شيقة تبعث السعادة في المرء".
كما يجب على المرء تصنع السعادة فيبتسم كذبا؛ لأن هذه الابتسامة وإن لم تنبع من شيء حقيقي تسهم في تحسين المزاج ورفع الثقة بالذات.
كما يمكن تحقيق التوازن العاطفي من خلال الاستماع إلى الموسيقى المفضلة أو قراءة الكتب الشيقة مثل؛ كتب الرحلات وكتب التصوير. ويتحقق التوازن العاطفي أيضا من خلال الهروب والبقاء وحيدا في مكان مريح.
ويمكن للمرء المصاب باكتئاب متوسط، أن ينجز أعماله ويمضي في حياته، لكنه لن يكون سعيدا ما لم يتخلص من أسباب الاكتئاب، ويمنع المرء من الاستمتاع بنواحي حياته المختلفة. كما أن الذين يعانون من قلق مستمر يؤرق نومهم عليهم مراجعة الطبيب لإيجاد حلول تحقق التوازن العاطفي.
وقبل التوجه إلى المساعدة الخارجية من مستشار أو طبيب، على المرء تجربة عادة التأمل التي أثبتت مرارا وتكرارا، فعاليتها في التخلص من التوتر والحزن وغيرها من المشاعر السلبية.
واليوغا أيضا تساعد على التركيز العاطفي والنفسي، وفيها يمكن الاعتراف بما يسعد المرء وما يغضبه أو يحزنه.
وإذا لم تفلح هذه الاستراتيجيات في تحسين مزاج الإنسان، عليه التوجه إلى المساعدة المتخصصة لإيجاد الحلول حول ذلك.

JoomShaper