إبراهيم معتوق عساس
من المعروف أن للبيت دوراً في تربية الأبناء والبنات ليكونوا عماداً لهذا الوطن ولكن هذا الدور معطل في العديد من البيوت بسبب المشاكل الأسرية الموجودة في بعض تلك البيوت وهي مشاكل نتج عنها ظهور جرائم لم نكن نسمع بها قبل سنوات قليلة، فقتل الأبناء والأطفال الرضع على يد والدهم أو والدتهم جريمة صعبة لا يُمكن أن نكتفي فقط بأن نلصقها بأن الأب أو الأم كانوا يتعاطون المخدرات أو أن وراءها زوجة أب أو انتقام الأب من الزوجة المُطلقة لأن ذلك كله يُعد تحليلاً سطحيّاً لما حصل وهو من أجل قفل محضر القضية على اساس أن الفاعل معروف وعليه يُقام الحد الشرعي أما دراسة الأسباب الحقيقية فإن الخوض فيها لمعرفة الدوافع الحقيقية التي أدت إلى تدهور الأسر وتعطيل الدور المهم للبيت لذلك ظهرت مثل هذه الجرائم وهي جرائم لا يُمكن أن تحدث إلا من أشخاص يتعاطون المخدرات.
لذلك فإن كل ما يُقال عن أسباب انتشار هذه الجرائم أن الجاني يتعاطى المخدرات، أما معرفة الأسباب والدوافع الأخرى فإنه يُعد أمراً صعباً، ولذا تتكرر الجرائم ولا أحد يُحرك ساكناً لمعرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت الأب أو الأم إلى قتل الأبناء والبنات، ولماذا ابتليت الأسرة بتعاطي المخدرات التي أدت هي وغيرها إلى دمار البيوت بعد أن تأثر بها الزوجان نفسيا وجسديّاً ولم يجدوا ما يمنعهم من القيام بهذه الجرائم البشعة التي تنشر في الأحياء السكنية بين السكان ثقافة الإحباط والخوف بين بعض أفراد المجتمع فكل رب عائلة يسمع بهذه الجرائم يخاف على ابنه أو ابنته من الاختلاط مع الأطفال الآخرين في المدرسة أو في الحي لما يسمعه من قصص مزعجة عن أحوال بعض الأسر ومما ينعكس على أخلاق وتصرفات الأبناء في تلك البيوت فيصبح الإنسان غريبا في حيه الذي يسكنه بعيداً عن جيرانه الذين أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعضهم على بعض.
نجد الجار يدخل ويخرج من شقته لا يسأل عن جاره خوفاً من أن يحصل تعارف بينهم يؤدي إلى تبادل الزيارات فيما بينهم فإن الجار يتفادى مقابلة جاره أو السلام عليه فيقول كل واحد منهما إذا سألته عن أحوال جاره «هو في داره وأنا في داري» لذلك فإن أي شيء يحصل للجار يظل هو في داره وهكذا ينتهي الدور الاجتماعي للأحياء في حين كان أبناء الحي في السابق يتفاخرون بأهل الحي وان من صفات الحي وأهله أن صغيرهم يوقر كبيرهم وأن الكبير يُعلّم ويُهذّب الصغير أي أن الحي قديماً يُعد مدرسة للقيم والأخلاق وللرجولة فكيف نُعيد الثقة للحي ليقوم بدوره الاجتماعي بما يُقضى به على ثقافة الإحباط بين أبناء الحي الواحد.
وأخيراً فإن الأمور الاجتماعية تحتاج إلى أن تتدخل الجهات التعليمية المعنية فقد يكون من الواجب معرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الخلل للقيم وأن تكون الدراسة شاملة وافية وأن تُشارك الجهات بتقديم الإحصائيات التي تُبين اتساع الجرائم المخيفة بين بعض أفراد المجتمع فقد تخرج جهة علمية ببحث يؤدي إلى خفض مثل هذه الجرائم بعد معرفة الدوافع الحقيقية وقد يكون ذلك بوضع برامج ثقافية أو تهيئة أماكن للتسلية داخل الأحياء يتم الاشراف عليها من قبل جهة مختصة حتى لا تكون البيوت مصدرًا من مصادر الإحباط، وأن تقوم المساجد بدور تهذيب المجتمع خلاف دورها الحالي الذي يُركز على أحوال الخارج دون النظر إلى الداخل!!
جريدة البلاد