أحمد يوسف المالكي
يعيش الطفل اليوم في ظل متناقضات الحياة التي تنطلق أبسطها من المنزل، فبين العائلة تكمن مجموعة من التناقضات القيمية التي يعيشها الطفل مع والديه، مثل بعض النصائح التي يقدمها أحد الوالدين قائلاً له: «احرص أن تتعامل بأدب إذا جاء الضيوف، وإذا غادروا افعل ما تشاء، فلا تسود وجهي أمامهم»، أو أخبر من يسأل عني أنا غير موجود الآن!
ولا تقف تلك التناقضات فقط داخل المنزل، وإنما تتعدى لتصل إلى المدرسة التي تقدم باقة قيمية من الأخلاق، وفجأة يجد تناقضها في المنزل والشارع وبين الأصدقاء، كالمحافظة على النظافة وغيرها من السلوكيات التي يدعون لتطبيقها،
والواقع خلاف ذلك.
تتوقعون أن الأمر يقف عند هذا الحد؟ للأسف لا! حتى المجتمعات تؤثر على الطفل بسبب تناقضاتها واختلافها، فالدولة الفلانية اليوم تحبك وغداً تكرهك، كالذي نعيشه اليوم في ظل أزمة دول الحصار، التي أصبح فيها الطفل يعي ويفهم ما يدور حوله من تناقض وكذب.
والسؤال المهم: كيف نربي الطفل في ظل هذه التناقضات؟
بداية، لا شك أن التأثير جد خطير على تفكير وسلوك الطفل، فهو يكتسب تلك التناقضات، لتتحول إلى مجموعة من القيم يتشبعها ثم يطبقها أمام الآخرين بوجوه متعددة.
ثم لننظر إلى أنفسنا، ولنغير من ذواتنا وتصرفاتنا داخل البيت الواحد، فلا نجعل فيه تناقضات، ولنكن قدوة فعالة صالحة للطفل، تساعده على كشف تلك التناقضات بنفسه، كي يسعى دائماً لأن يكون واعياً ومدركاً الخطأ الذي يعيشه من يناقض نفسه.
وبعد ذلك يأتي الاجتهاد بتربية الطفل على الفضائل، والتذكير بها دائماً وتدريبه عليها، فاليد الواحدة لا تصفق، فمن المهم تضافر جميع الجهود في توفير البيئة الآمنة والبرامج المفيدة، التي تساعد أطفالنا على التغير والعيش وسط حياة تقوم على أسس من التآلف فيما بينها.
إننا لا نريد أن يعيش أطفالنا وسط قلق، والآخرون هم من يقودون سلوكهم نحو الخطر! بل نريد أن نربي جيلاً قويماً فاهماً أن ما يدور حوله هي مجموعة تناقضات ينبغي ألا ننساق معها، ولا نعطيها أي اهتمام، ولنجعل الأخلاق عنوان سلوكنا.;