هناك مراكز تسوق على طول الشوارع تتنافس في الممارسات التجارية والتسويقية مستخدمةً كل الوسائل المتاحة لديها. والإعلانات لها دور رئيسي في مجال الأعمال التجارية بالنسبة إلى المراكز التجارية بحيث إنها تساهم في زيادة الأرباح بقدر معتبر. ومعظم هذه المراكز تقدم عروضا خلّابةً تجذب قلوب العملاء، من الخصم في الأسعار إلى منح أشياء مجانًا لمن يشتري الأصناف المحددة.
«اشتري اثنين، واحصل على واحد مجانًا» هذه عبارة نراها كثيرًا في العروض التي تظهر في الإعلانات أمام مراكز التسوّق وفي الجرائد اليومية وغيرهما. ونفهمُ منها المعنى مطلقًا من دون أن نفكر فيما يقصد بهذه العبارات في الواقع! وإذا فسرنا الكلمات والألفاظ فيها بكل ضمائرها نجد أن المعنى هو «اشتري (أنتِ الأنثى) اثنين، واحصل (أنتَ الذكر) على واحد مجانًا»! فالمرأة هي التي تشتري الأشياء والرجل هو من يحصل على ما هو مجانًا!
وصيغة «اشتري» فعل أمر يخص الأنثى في حين أن صيغة «احصل» فعل أمر يخص الذكر! فالعبارة الصحيحة هي «اشترِ اثنين، واحصل على واحد مجانًا» أو «اشترِي اثنين، واحصلي على واحد مجانًا. فحرف الياء في «اشتري» يُحذف حينما يُستعمل لفعل الأمر المبنيِّ للمفرد المذكّر الحاضر، لكون الفعل معتلَّ الآخِرِ ومجزومًا.
يكون هدف الإعلان هو ابلاغ الجمهور حول ما لدى مراكز التسوق من الميزات وعروض وتنجح المراكز في هذا الأمر، ولكنه في نفس الوقت يجب على الأشخاص المعنيين أن يجعلوا لغة هذه الوسيلة أيضا صحيحة وخالية من الأخطاء، حتى لا يلقوا إلى الناس لغةً غير نقية. وإن كان هذا الخطأ اللغويُّ الشائع صغيرًا في اللمحة الأولى، علينا جميعًا أن نكون على وعيٍ تامٍّ بحيث أن لكل حرفٍ ولكل نقطةٍ ولكل حركةٍ دورها المهمّ في اللغة العربية. ومن يدافع عن لغة الضاد سوانا؟!
عندما يُرزق الزوجان بطفل يتمنيان أن يُحسنا تربيته، وأن ينشأ شخصاً فاعلاً في المجتمع، وأن يكون-أيضاً- شاباً صحيحاً وسليماً بدنياً ونفسياً. وفي نفس الوقت يحاولان إسعاده بشتى الطرق، وتلبية احتياجاته وطلباته، إلا أنه أحياناً قد يبالغ الوالدان في ذلك، ويتحول الاهتمام به ومحاولة إسعاده إلى تدليل زائد عن الحد، مما ينعكس على تصرفاته وسلوكياته بالسلب. ونحذر هنا من التدليل الزائد، لأنه مفسدة لشخصية الطفل وبالتالي لمستقبله، وبشكل خاص الطفل الوحيد، والذي غالباً ما يكون مُدللاً وأنانياً ويكبر مُحباً للسيطرة والسطوة على من حوله.
ونستعرض هنا بعضاً من أضرار وعواقب التدليل الزائد على حياة وسلوكيات الطفل:- إن التدليل الزائد للطفل يقضي نهائياً على أي فرصة لتكوين روح الإرادة في نفسه، وليس معنى ذلك- أو بالضرورة- أن تكون الشدة أوالغلظة في التربية هي الحل البديل أو الضمان الأمثل لنشأة هذا الطفل نشأة سليمة وصحية، ولكن خير الأمور أوسطها. التمييز في المعاملة بين الأبناء(الإخوة) يخلق مشاعر الكراهية والحقد والغل بينهم، ونتيجة لذلك يُصاب الأبناء المُهملون بالاضطرابات النفسية، كما أن للتمييز بين الأبناء عواقبه الوخيمة في المستقبل. العاطفة الفياضة الزائدة تجعل الطفل عاجزاً وغير قادر على تكوين علاقات صداقة بينه وبين أقرانه حيث يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة فلا يميل إلى الآخرين ومن ثم يُنمي ذلك داخله مشاعر الوحدة والانعزال ثم الانطواء. الطفل المُدلل هو طفل قلق بطبعه يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم أوهدوء، وعلى مستوى شخصي يرضيه وليس على المستوى الموضوعي المطلوب. إن اهتمام الوالدين بطفل دون آخر من شأنه أن يزرع مشاعر الحقد والكره والغل في نفس الطفل (الآخر) المُهمل ويهين كبرياءه، فتتحول طباعه بحيث تتسم بالغرابة والعنف والميل الى الانتقام من المجتمع المحيط به.
تسيطر على الطفل المُدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته والعنف في تصرفاته معهم لإحساسه بالاختلاف والتميز عنهم. الطفل المُدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة مصاعب وتحديات الحياة، فينشأ اتكالياً غير واثق في نفسه. ولذلك فعلى كل أب وكل أم أن يضعا في الحسبان بعض الأمور المهمة عند تربية أطفالهما، وخاصة الطفل الأول، ومنها: الاعتدال في تربية الطفل وعدم المبالغة في الحماية والتدليل –أو الإهمال- على حد سواء. حينما نمنع بعض الأشياء عن الطفل ونرفض تلبية بعض طلباته، ليس ذلك معناه حرمانه أو القسوة عليه، إنما المقصود هو تنشئته تنشئة صحيحة يعرف من خلالها قيمة الأشياء. يجب على الآباء والأمهات أن يدفعوا أطفالهم لممارسة الأنشطة المختلفة سواء كانت تلك الأنشطة رياضية أو اجتماعية أو ذهنية، وذلك من أجل استغلال طاقاتهم، مما يوفر لهم الفرص لتكوين صداقات مع أقرانهم. وأخيراً. إن محاولة إرضاء الطفل وتلبية كافة طلباته على الفور قد يُسعد الطفل ويُسعد كذلك الأم عندما تراه راضياً سعيداً وضاحكاً، ولكن هذه السعادة لن تدوم حينما تتعارض طلبات طفلها ورغباته- فيما بعد- مع الثوابت والمحظورات.