د. العربي عطاء الله
ذهاب الأطفال إلى المدرسة قد يكون تجربة مثيرة ومفيدة لهم عقلياً وذهنياً واجتماعياً، أو قد تكون تجربة سلبية لكل قدراتهم وتطورهم النفسي والاجتماعي، ففي المدرسة يتعرض الطالب في مختلف الأعمار إلى امتحانات يومية لمدى نضوجه النفسي وقدراته العقلية، ويواجه في كل لحظة تحدياً مجهداً لكل قواه وقدراته العقلية.
المدرسة ليست مكاناً لتعلم القراءة والكتابة بصورة عقلية بحتة مجردة من أي تأثيرات أخرى، بل إن الطالب في المدرسة يضع عقله وقلبه ومستقبله على المحك لمدة تصل إلى 14 سنة، هذا إن تم احتساب سني الروضة، فكيف يمر الطلاب بهذا الامتحان الطويل المسمى المدرسة؟ وماذا يمكن للآباء أن يفعلوا لهم كي تكون المدرسة مكاناً للتعلم والنضوج والنمو الصحي في الوقت نفسه، لمواجهة الحياة الحقيقية بعد المدرسة؟
قد تكون شخصيّة الطفل وما يمتلكه من استعدادات وقدرات وميول تجعله لا يتقبّل الجوّ المدرسي، ولا يقبل عليه، أو نتيجة عدم قدرة التلميذ على استغلال وتنظيم وقته، مع جهله لأفضل طرق الاستذكار، فيسبّب له إحباطاً، وإحساساً بالعجز عن مسايرة زملائه في التحصيل العلمي، أيضاً الرغبة في تأكيد الاستقلالية وإثبات الذات، فيظهر الاستهتار والعناد، كذلك، ضعف الدافعية للتعلّم، وهي حالة تتدنّى فيها دوافع التعلم فيفقد الإثارة لمواصلة التقدم، ما يؤدّي إلى الإخفاق المستمر وعدم تحقيق التكيّف الدراسي والنفسي.
تظهر بعض السلوكيات غير الصحيحة لدى بعض الأبناء عند ابتداء العام الدراسي، كالغضب والعنف ومحاولة إيجاد أعذار مفبركة للغياب عن مقاعد الدراسة، ناهيك عن مشاكل صغار السن الذين يبتعدون عن أحضان أمهاتهم لأول مرة ليواجهوا عالماً خارجياً لم يكن ضمن حساباتهم.
وقد يلجأ بعض الأبناء -خاصة الكبار منهم- إلى التوجه لأماكن التسلية والترفيه بدل مقاعد الدراسة دون معرفة ذويهم.
ولكي لا يكون الانتقال إلى الحضانة أو المدرسة مفاجأة للابن، لا بد من التحضير لأول يوم في الدراسة منذ منتصف العطلة الصيفية.
بحيث يشعر الطفل الصغير أن عملية الانتقال إلى النظام المدرسي تتم من دون صدمات أو تبديلات جذرية تحطم ثقته بنفسه، أو بالروتين الذي كان اعتاد عليه.
لا شك أن غياب الأطفال فترة من الزمن عن المدرسة قد يصيبهم بنوع من الأرق، أو التخوف من العودة إلى الدراسة خاصة، بعدما تعودوا على السهر وتقضية وقتهم باللعب والتسلية لساعات طويلة، لذا، فهناك بعض الأطفال الذين يرفضون فكرة العودة إلى المدرسة وقد تصل بهم الأمور إلى أن يقولوا «أنا أكره المدرسة» أو «أنا لا أريد الذهاب إلى المدرسة».
والتعاون بين المنزل والمدرسة أمر ضروري، حيث يتمكن الأهل من معرفة كل ما يهم الطفل، وأساليب معاملته، والخبرات التي اكتسبها خلال الروضة.