سيدتي - لينا الحوراني

هل يبدو أن طفلك يقع دائماً في مشاكل بسبب الشجار؟ ورغم أنك حاولت التحدث معه، لكن السلوك العدواني للأطفال لم يتوقف، فهو لا يزال يتشاجر مع أشقائه في المنزل إلى حد الإصابة، ويتشاجر مع الأطفال في الحافلة ويدخل في معارك بالأيدي في المدرسة، حول سلوك الأطفال والمراهقين العدواني، يشرح الاختصاصيون سبب انخراط الأطفال في الشجار في المقام الأول، ويخبرونك بالأنواع الثلاثة الأساسية من الشجار التي تحتاجين إلى معالجتها كأم.

لماذا تزداد حالات الشجار بين الأولاد والبنات هذه الأيام؟ في الواقع، علينا أن نحدد السؤال أكثر، وهو لماذا تتزايد مشكلات سلوك الأطفال إلى هذا الحد؟ لا يتعلق الأمر بالشجار فحسب؛ بل يواجه العديد من الأطفال أيضاً صعوبة أكبر في إظهار الاحترام لمن هم أكبر منهم، ويرفضون طاعة الوالدين في قوانينهم التربوية، ويرفضون الاستجابة للتعليمات البسيطة وإكمال المهام، في هذا الزمن نلاحظ أن الأطفال يتراجعون أكثر فأكثر على جميع مستويات السلوك المتعارف إليها، والمنطقية منها.

خطة تربوية لتمكين الوالدين

حسب التجارب فإن كل هذه السلوكيات تشكل جزءاً من المشكلة الأكبر نفسها، لسبب أو لآخر لا يتعلم العديد من الأطفال مهارات حل المشكلات التي يحتاجون إليها لتجنب الدخول في قتال جسدي، ونتيجة لهذا، فإنهم يطورون مهارات مواجهة غير فعالة.

إذا كان طفلك يستخدم القتال كمهارة للتكيف، فقد تشعرين بشكل طبيعي بالإحباط وعدم القدرة على كيفية التعامل مع الطفل العدواني، غالباً ما يصاب الآباء بالذعر عندما يبدأون في الاستيقاظ على حقيقة أن الأمور تزداد سوءاً مع سلوك أطفالهم، ويستخدمون في التربية، الأساليب نفسها التي تعلموها في الماضي، إلا أنهم يستخدمونها بقوة أكبر أو بصوت أعلى أو بشكل عقابي أكثر، تكمن المشكلة في أنه إذا لم يستجب طفلك لأساليبك التربوية في المقام الأول، فإن القيام بذلك بصوت أعلى أو أقوى ربما لن يغير ذلك، في رأي الخبراء أن الأمر لا يتعلق بضرورة استخدام الآباء للمهارات التربوية نفسها، بل إنهم بحاجة إلى تطوير مهارات أكثر كثافة.

3 أسباب لتصرف الطفل بعدوانية

يميل بعض الأطفال إلى الانخراط في معارك بالأيدي ودفع الآخرين أكثر من غيرهم، للأسباب الآتية:

    يواجه العديد من الأطفال صعوبات في حل المشكلات الاجتماعية، وقد يؤدي هذا غالباً إلى سلوك عدواني، يمكن أن تكون المشكلة الاجتماعية أي شيء من تعلم كيفية الحصول على الطعام عندما تشعر بالجوع، إلى مشاركة الألعاب، إلى الاستجابة بشكل مناسب عندما يقول شخص بالغ "لا".

    معظمهم لم يتعلم كيفية التعامل مع هذه المشكلات خلال فترة نموه، ربما بسبب إعاقة التعلم أو بعض العوامل الخفية الأخرى، في كل الأحوال هم لا يطورون مهارات حل المشكلات عند الأطفال التي يحتاجون إليها للعمل بمستواهم، هؤلاء هم الأطفال الذين يلجأون غالباً إلى العنف والعدوان، يستخدمون الإساءة اللفظية والقتال بدلاً من مهارات التأقلم التي كان يجب أن يتعلموها على طول الطريق.

    هناك أخطاء من الأبوين، في تنمية مهارات التأقلم لدى أطفالنا من دون قصد، فيتعلمون إيجاد الأعذار وإلقاء اللوم على الآخرين، فعندما يقول أحد الوالدين لطفله: "لماذا ضربت أخاك الصغير؟"، فإن الأخ المعتدي مطالب بإيجاد عذر فقط، وإذا لم يفعل ذلك، فسوف يقدمون هم عذراً على الفور ويقولون: "ربما كنت غاضباً"، فبحثهم عن عذر للطفل العدواني خطأ كبير، فهم بهذا يكرسون تعليمه ما كان يحاول تحقيقه، لذا فإن السؤال الأفضل له هو "ماذا كنت تحاول تحقيقه عندما ضربت أخاك؟" لأنهم بهذا يصلون إلى حقائق هذا التصرف.

كيف عليك التصرف؟

لا تسألي طفلك "لماذا"، اسأليه "ماذا كنت تحاول تحقيقه والوصول إليه؟"، حيث لا يؤدي سؤال "لماذا" إلى تغيير في السلوك، لكن سؤال "ماذا كنت تحاول تحقيقه والوصول إليه" يؤدي إلى هذا التغيير، لأنه عندما يخبرك ابنك بما كان يحاول تحقيقه، فهناك نافذة حيث يمكنك إخباره بكيفية القيام بذلك بشكل مختلف في المرة القادمة، إذا لم نكن حذرين، فبحلول الوقت الذي يبلغ فيه الأطفال خمس أو ست سنوات، نكون قد علمناهم كيفية إيجاد الأعذار وتبرير السلوك غير المناسب، تعلمي إخبار ابنك كيف يمكنه التصرف، بطريقة مختلفة في المرة القادمة لتحقيق ما يريده من دون ضرب أخيه الأصغر أو الوقوع في مشاكل، وغالباً ما لا يستطيع الأطفال الأصغر سناً معالجة هذا الأمر بعد، لذا عليك أن تقدمي لطفلك الأصغر بعض الاقتراحات مثل: "يمكنك الذهاب إلى غرفتك؛ يمكنك الابتعاد؛ يمكنك المجيء وإخباري أنك بحاجة إلى بعض الوقت بمفردك".

هناك العديد من المتخصصين الذين يعتقدون أن السؤال "لماذا" مهم، فهم يعتقدون أنه إذا عرف طفلك سبب قيامه بشيء ما؛ فسوف يفهم مشاعره بشكل أفضل، وإذا فهم مشاعره، فلن يصبح عدوانياً، فإن فهم مشاعر الطفل بشكل أفضل لا يؤدي ببساطة إلى تغيير في السلوك فقط، لكنه يمكن الطفل من أن يتصرف على طريقته نحو مشاعر أفضل، لذلك نريد دائماً التركيز على ما كان عليه السلوك ثم ما يجب أن يكون عليه السلوك.

أساليب الشجار عند الأطفال

عندما تفكرين في القتال، فإنك عادة ما تفكرين في شخصين يغضبان من بعضهما البعض ويتبادلان الضربات الجسدية، ولكن من المؤكد أن الأطفال يتشاجرون بطرق عديدة ولأسباب مختلفة، وهي:

القتال المعارض والمتمرد

 وهو أحد أشكال القتال التي يكون الطفل فيها معارضاً ومتمرداً تجاه كل شيء، هؤلاء هم الأطفال الذين يتشاجرون ولا يعرفون حتى السبب، وكلما حاولنا استكشاف "السبب" معهم، تصرف الطفل بتمرد. هؤلاء هم الأطفال الذين يميل الآباء إلى تعليمهم الأعذار من دون قصد.

الإساءة اللفظية ونوبات الغضب

غالباً ما يتشاجر الأطفال من خلال الإساءة اللفظية؛ وبهذه الطريقة يهاجمون من يتشاجرون معه، والهدف من التدخل مع الذين يستخدمون الألفاظ السيئة لدى الأطفال، هو تعليمهم كيفية القيام بالأشياء بشكل مختلف في المرة القادمة.

السلوك الغاضب والعدائي

في بعض الأحيان يغضب الأطفال أو يعادون طفلاً آخر ويضربونه، أو قد يتشاجر طفلان أو أكثر ويتصاعد الأمر حتى يصل إلى الضرب، بعض الأطفال يسهل استفزازهم، وغالباً ما يستخدمون القبضة بدلاً من مهارات التأقلم الأخرى.

أعتقد أن كل هؤلاء الأطفال الذين يناضلون من أجل هذه الأسباب لديهم شيء واحد مشترك: إنهم ببساطة لم يطوروا مهاراتهم في حل المشكلات الاجتماعية، سواء كانت القدرة على التواصل، أو قبول الحدود، أو الوفاء بالمسؤوليات، أو التعايش مع الآخرين، بطريقة تمنحهم السيطرة الكافية على اندفاعاتهم الغاضبة والمحبطة.

كيف أتعامل مع طفلي العدواني؟

إن التعامل مع طفل عدواني يدخل في مشاجرات طوال الوقت أمر صعب حقاً؛ ونحن نفهم ذلك جيداً، لكن إليك الحال الذي يجب أن تكوني عليه، لتواجهي الموقف:

كوني هادئة، وابتعدي عن التوتر، الذي يسبب الإحباط، فأنا أرى اليوم الكثير من الآباء المحبطين، أي كوني قدوته، من الضروري أن يجد الطفل نموذجاً جيداً يُحتذَى به ويقلده، أي لا تصرخي ولا تغضبي، فطفلك سيراقبك ويتصرف مثلك.

اقرئي كتباً وشاهدي برامج تلفزيونية عن تربية الأبناء، بهذا ستكونين قادرة على تغيير سلوك أطفالك، وابحثي عن معلومات جديدة وتعلمي مهارات جديدة بقدر ما تستطيعين.

قللي وقت الشاشات، سواء التلفزيون أو التابلت أو الموبايل فهي تزيد من اضطراب وعصبية الطفل وتجعله أكثر ميلاً للعنف والعدوانية، واستثمري الوقت فيما يفيد.

لا تنتقلي إلى معالج آخر، وخذي وقتك في حل المشكلة بنفسك مع طفلك، من المؤسف أن العديد من الآباء يبذلون الكثير من الجهد للحصول على تشخيص لأطفالهم الذين يعانون من سلوكيات سيئة من خلال الانتقال من معالج إلى آخر، لكنهم غالباً لا يحصلون على معلومات كافية حول كيفية أن يصبحوا آباءً أكثر فعالية، بغض النظر عن التشخيص.

من المفيد تنمية مهارات الطفل وضبط سلوكه في اتجاه آخر غير العدوانية بممارسة الرياضة والدفاع عن النفس.

لا تفرطي في أساليب العقاب والقسوة من الأبناء ولا تتهاوني وتبالغي في الثواب؛ بل امدحي سلوكاً قام به الطفل بالتوازن فهذا يجعله أقل عدوانية وعنفاً.

JoomShaper