سيدتي - خيرية هنداوي

المشاجرات بين الأشقاء من الظواهر الطبيعية التي تحدث في معظم العائلات، وهي جزء من تطور العلاقات الأسرية، ومع أنها قد تكون محبطة لطرفيها أحياناً، ومؤلمة للآباء غالباً؛ فإن هذه المشاجرات يمكن أن تكون فرصة لبناء مهارات اجتماعية وعاطفية لدى الأطفال، إذا تم التعامل معها بشكل صحيح.

في هذا التقرير يتناول الدكتور حامد عمران أستاذ التربيةوتعديل السلوك أسباب المشاجرات بين الأشقاء، وآثارها في الأسرة والأطفال، بالإضافة إلى طرح عدد من الطرق الفعَّالة للتعامل معها لتعزيز العلاقات الأسرية.

المشاجرات بين الأشقاء أمر طبيعي، بل تُعتبر جزءاً من النمو العاطفي والاجتماعي للأطفال.

مشاجرات الأطفال يمكن أن تكون فرصة لتعليمهم مهارات الحياة الأساسية مثل: التفاهم، التعاون، وحل النزاعات.

التدخل الحكيم من الوالدين يضمن عدم تأثير المشاجرات سلباً في العلاقات الأسرية، أو في نمو الأطفال النفسي.

تشجيع الأشقاء المختلفين على الحوار ورسم الحدود وتعزيز التعاون بينهم، يمكن أن يحول هذه المشاجرات إلى فرص لتقوية الروابط الأسرية وبناء مهارات حياتية قيمة للأطفال.

الأسباب الشائعة للمشاجرات بين الأشقاء

ملكية اللعب بين الأشقاء سبب للمشاجرات

التنافس على الاهتمام:

من أكثر الأسباب شيوعاً للمشاجرات بين الأشقاء هو التنافس على حب واهتمام الوالدين، خاصة في العائلات التي تضم أكثر من طفلين؛ فقد يشعر أحد الأشقاء أو أكثر بأنهم لا يحصلون على الحب والاهتمام الكافي من الوالدين؛ ما يؤدي إلى مشاجرات وصراعات حول من يحصل على القدر الأكبر.

اختلاف الشخصيات:

لكل طفل شخصيته الخاصة، وبالتالي تتفاوت أساليب التعبير عن المشاعر والاحتياجات بين الأشقاء؛ بعضهم قد يكونون انطوائيين ويميلون للعزلة، في حين يكون بعضهم الآخر من الأشقاء اجتماعيين ويحبون التفاعل مع الآخرين، هذه الاختلافات قد تؤدي إلى مشاجرات وتوترات بين الأشقاء، خاصة إذا لم يتمكنوا من التفاهم والتعامل مع هذه الاختلافات.

الغيرة بين الأشقاء:

قد تنشأ الغيرة بين الأشقاء عندما يشعر أحد الأطفال بأن الآخر يحصل على شيء من الوالدين أو المعلمين أو الأصدقاء لم يحصل عليه، سواء كان ذلك يتعلق بالاهتمام، أو الهدايا، أو حتى التقدير، فإن الغيرة قد تدفع الأطفال إلى النزاع والقتال لأتفه الأسباب.

التسلط والتنمر:

في بعض الأحيان، قد يمارس أحد الأشقاء دور "الأخ الأكبر" أو "الأخت الكبيرة" في محاولة للسيطرة على الآخرين أو فرض سلطته، هذا التسلط قد يسبب توترات بين الأشقاء ويؤدي إلى مشاجرات مستمرة، حيث يشعر الأطفال الأضعف بأنهم مضطهدون.

الحدود الشخصية:

أحياناً لا يعرف الأطفال كيفية احترام حدود بعضهم بعضاً، سواء في المساحة الشخصية أو في استخدام الممتلكات، قد يسبب ذلك مشاجرات عندما يتعدى أحد الأطفال على ممتلكات الآخر أو يدخل في خصوصياته بطريقة غير لائقة.

تأثير المشاجرات في الأشقاء والآباء

تأثيرات في العلاقات العاطفية: المشاجرات المتكررة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات بين الأشقاء أنفسهم؛ ما يخلق بيئة أسرية مشحونة بالعداء والبرود العاطفي، كما أن الأطفال الذين يواجهون مشاجرات مستمرة قد يتعلمون أو يصلون إلى عدم التفاهم أو التعاون مع الآخرين في المستقبل، سواء في العائلة أو في المجتمع من حولهم.

انخفاض الثقة بالنفس: الأطفال الذين يتعرضون لمشاجرات مستمرة قد يشعرون بالإحباط والتقليل من شأنهم؛ فإذا شعر الطفل أنه دائماً في موقف الخاسر في هذه المشاجرات، فقد يؤدي ذلك إلى تدني ثقته بنفسه وقدرته على التفاعل الاجتماعي.

مشكلات سلوكية: المشاجرات بين الأشقاء قد تؤدي إلى مشكلات سلوكية، مثل الميل إلى العدوانية أو إلى العزلة عن الآخرين، والانطوائية، كما أن الأطفال الذين ينشأون في بيئة مليئة بالمشاجرات قد يكونون أكثر عرضة لتطوير سلوكيات عدوانية تجاه الآخرين، أو قد ينسحبون عن الآخرين إذا شعروا أنهم لا يستطيعون التعامل مع النزاعات بشكل صحي.

تأثير مشاجرات الأبناء في الوالدين

المشاجرات بين الأشقاء لا تؤثر فقط في الأطفال، بل قد تكون مرهقة نفسياً للوالدين أيضاً؛ الأم والأب قد يشعران بالإحباط والعجز عند محاولة إنهاء المشاجرات المتكررة بين أبنائهم؛ ما يؤدي إلى التوتر داخل الأسرة، ويؤثر في الجو العام للعلاقة الأسرية.

كيفية تعامل الآباء مع المشاجرات

أم تحاول تهدئة طفلها

إذا كانت المشاجرات بين الأشقاء تشكل جزءاً من الحياة الأسرية؛ فإن التعامل معها بشكل صحيح يمكن أن يقلل من تأثيراتها السلبية، إليك بعض الإستراتيجيات الفعَّالة التي يمكن للأم والأب اتباعها لتحسين الوضع:

تجنب التحيز:

من المهم أن يبقى الوالدان محايدين في أثناء المشاجرات بين الأشقاء. التحزب لأحد الأطفال على حساب الآخر قد يزيد من الشعور بالظلم ويعزز مشاعر الغضب. بدلاً من ذلك، يجب على الوالدين الاستماع إلى كل طفل على حدة وفهم وجهة نظره قبل اتخاذ أي قرار.

تشجيع الحوار والتفاهم:

على الوالدين تشجيع الأشقاء على التحدث عن مشاعرهم والمشكلات التي أدت إلى المشاجرة. من المهم أن يشرح كل طفل سبب غضبه أو استيائه بطريقة هادئة؛ ما يساعد الجميع على فهم المواقف بشكل أفضل.

وضع حدود واضحة:

من خلال تحديد حدود واضحة حول السلوك المقبول وغير المقبول داخل المنزل، يمكن للأشقاء أن يتعلموا احترام بعضهم بعضاً. يمكن للوالدين توضيح أن العنف اللفظي أو الجسدي غير مقبول، وأن أي تصرفات تؤدي إلى إيذاء الآخرين ستترتب عليها عواقب.

تعزيز التعاون بين الأشقاء:

من خلال أنشطة جماعية مثل الألعاب أو الواجبات المنزلية المشتركة، يمكن للوالدين تعزيز التعاون والعمل الجماعي بين الأشقاء. عندما يتعلم الأطفال كيفية العمل معاً لتحقيق هدف مشترك، تقل احتمالية المشاجرات بينهم.

تعليم مهارات إدارة النزاع:

من المهم أن يتعلم الأطفال كيفية إدارة النزاعات بشكل صحي. يمكن للوالدين أن يعطوا مثالاً حياً في كيفية التعامل مع الخلافات بطرق سلمية، وأن يعلموا الأطفال إستراتيجيات للتعامل مع الخلافات مثل أخذ فترة من الراحة أو التحدث بصوت هادئ.

تقوية الروابط الأسرية:

على الوالدين العمل على تعزيز الروابط الأسرية من خلال قضاء وقت ممتع معاً، مثل تناول الوجبات المشتركة أو الأنشطة العائلية؛ فالعلاقات الأسرية القوية يمكن أن تقلل من حدوث المشاجرات بين الأشقاء، حيث يشعر الأطفال بالأمان والتواصل العاطفي داخل الأسرة.

هل يمكن للمشاجرات أن تساعد في تطور الأشقاء؟

قد تبدو المشاجرات بين الأشقاء سلبية في البداية، إلا أن هناك جوانب إيجابية يمكن أن تنشأ منها:

    تعلمهم مهارة التفاوض وحل النزاعات: يتعلم الأطفال من خلال المشاجرات، كيفية التفاوض والتوصل إلى حلول وسط، هذه المهارات تُعتبر أساسية في الحياة اليومية، سواء في العمل أو في العلاقات الشخصية الآن ومستقبلاً.

    تعزز الثقة بالنفس: عندما يتمكن الأطفال من حل مشاجراتهم بأنفسهم أو مع القليل من الدعم من الوالدين، فإن ذلك يعزز من شعورهم بالقدرة على مواجهة التحديات بشكل مستقل.

    فهم الحدود الشخصية: من خلال المشاجرات، يتعلم الأطفال أهمية الحدود الشخصية واحترام مشاعر الآخرين، هذا يمكن أن يكون درساً قيماً في بناء علاقات صحية في المستقبل.

JoomShaper