بين الآباء والأبناء.. في رأي اختصاصية
علاء الدين محمد
غالبا ما تكون العلاقة بين الآباء والأبناء علاقة مد وجزر وإن أهم ما يعكر صفو هذه العلاقة هي الانفعالات الصاخبة لكلا الطرفين إزاء أي موقف لا يروق للطرف الآخر، فالسبيل الأمضى هو تفهم كل طرف بروية لاحتياجات الطرف الآخر والصبر على ما يحب ويكره.
العديد من الأبناء يشكون من ردة الفعل الصاخبة لدى أهاليهم إزاء الأفعال الصادرة عنهم وحتى قبل التروي والتفهم لمضمونها ومحتواها، مجرد أنها غير مطابقة لتفكيرهم يرفضونها ويخطئونها وهذا ما يترك أثرا سلبيا في نفوسهم، ويدفعهم لمقابلة ردة الفعل بعناد وتحد، والضحية غالبا ما تكون البنت التي تلجأ في أغلب الأحيان الى الانزواء والبكاء وإذا امتلكت حس التمرد اتهمت من قبل المجتمع بأنها خرقت المنظومة القيمية للمجتمع، أما الابن الذكر يبقى موقفه أسهل وأيسر رغم كل المعاناة.‏‏

 

وبعضهم الآخر يتساءل أن مشكلة التوافق الأسري والاجتماعي يعاني منها الآباء والأبناء على حد سواء ويتجلى ذلك في عدم النضج الانفعالي الذي يتبدى بشكل واضح في سرعة الغضب والثورة وحدة الطبع والمزاج وهي جميعها تسبب حالة من عدم الاستقرار والقلق الذي يزيد من المشكلات لاسيما في كل وجهة نظر يبديها الآباء والأبناء، على كل حال ليس المطلوب فقط من الأهل دائما الاستيعاب والتروي في فهم الفعل الصادر من أبنائهم بل على الأبناء أيضا.‏‏
معاملة ثابتة‏‏
السؤال الذي يفرض نفسه. كيف نرتقي بهذه العلاقة الى شكلها الصحيح، هذا الموضوع نقلناه الى الدكتورة لينا الشالاتي من كلية التربية جامعة دمشق. حيث أشارت أن تربية الأبناء تحتاج الى الكثير من الوعي والتفهم في كيفية التعامل معهم وفقا لطبيعة المرحلة التي يمرون بها، السنون الأولى من أعمارهم لها خصوصيتها بالتالي لها تأثير على كافة مراحل العمر، فإذا تم التعامل مع الطفل بمحبة وصبر فإنه ينشأ بشكل طبيعي وإن استخدم معه اللوم والتوبيخ والقسوة فتنعكس على نشأته، ويشعر بالتوتر والإحباط أو التمرد والعصيان.‏‏
ومن أهم الأمور التي يجب على الوالدين الالتزام بها في عملية التربية أولها الاتفاق على معاملة ثابته مع الأبناء تتصف بالرفق والحزم في آن معا، فإن الاختلاف بالتربية بين الأبوين يضعف نفوذهما ويسبب القلق والإضطراب للأطفال -ثانيا عدم التذبذب في المعاملة أي لا يمدح الطفل على شيء قد زجر عليه بالأمس، لأن هذا يجعل الطفل غير قادر على التمييز بين الخطأ والصواب وتجعله أيضا شديد التناقض، وعلى الوالدين حب الأبناء باعتدال دون إفراط وتفريط، وإن المبالغة في الدلال والحماية للطفل والاستجابة لكل طلباته تؤدي الى ضعف الثقة بنفسه، وتجعله غير مبال ويرى أن من حقه الحصول على كل شيء، وعلى الوالدين أن يقللا من التوبيخ والانتقاد لكل فعل يقوم به الطفل والابتعاد عن القسوة لانها قد تولد لدى الطفل الشعور بالخوف والتردد، ويجب عدم التمييز بين الأولاد وإثارة التنافس بينهما لأن في ذلك تتولد الغيرة والكراهية وحب الانتقام، وعليهما قدر الإمكان تجنب الخصامات والخلافات أمام الأطفال فالجو المشحون بين الأبوين. ينعكس على سلوكهم في المدرسة حيث يقومون بأعمال تخريبية وتحطيم أثاث المدرسة أو الشجار مع الأخرين، علينا تشجيع الطفل على طرح الأسئلة والإجابة عنها بشكل مبسط ومعقول ودون الدخول في التفاصيل، والحذر من زجر الطفل من كثرة أسئلته، إضافة الى تعويده على النظام، الغداء في موعده والنوم أيضا وعدم السهر.‏‏
علينا أن نكون قدوة لأطفالنا‏‏
الأباء قدوة للأطفال في النظافة وعدم رمي النفايات في الشارع أو من نوافذ السيارات، وفي حال الخروج الى نزهة لا بد من اصطحاب كيس لجمع النفايات كي يعتاد الطفل هذا السلوك وتعويده على الرفق بالحيوان، وعلى عدم الإدمان لمشاهدة التلفاز وذلك عبر تنويع الألعاب وتشجيعه على القراءة الهادفة، إضافة الى تعويده المحافظة على ألعابه، قد يلجأ الطفل الى تخريب ألعابه لا بدافع التخريب وإنما برغبة منه لمعرفة حقيقة الأشياء، لذا يجب ان نشجع هذه الرغبة عن طريق المكعبات والفك والتركيب، والأهم من هذا كله هو عدم تعنيفه أمام اصدقائه حتى لا يشعر بالإحراج.‏‏
علينا أن لا ننسى أن الوالدين هما مصدر التربية ونبع الحب والحنان والعطف ولا يمكن للخدم في البيت أن يحل محلهما، وكل ما ذكرناه في تربية الأولاد لا يعد غيضا من فيض لانها عملية معقدة وتحتاج الى صبر وعقلانية من الوالدين.‏‏

الثورة

 

JoomShaper