خوله مناصرة
  عندما اعتزم خالد ومنى إنجاب طفل ثان، خططا لكل شيء. إجازة الأمومة، توفير المال الكافي لنفقات الولادة، تجهيز احتياجات الطفل، ولكن ما لم يخطر ببالهما هو ردّ فعل طفلهما يزن من المولود الجديد.
يعتقد معظم الناس أن من الطبيعي أن الأطفال الأكبر سنا سيقبلون وسيستقبلون المولود الجديد بكل الحب. لكن واقع الأمر يختلف عن هذه الصورة المثالية، وقد يكون استقبالاً سلبياً تماماً.
وتتراوح سلوكيات الإخوة الكبار السلبية في حدودها البسيطة من محاولة إخفاء أغراض الصغير، إلى النكوص لسلوكيات طفولية مثل: التبول اللاإرادي، والكلام الطفولي، وشرب الحليب من الزجاجة.   أما الغيرة والتنافس على حب الوالدين واهتمامهما فأمر طبيعي شائع جداً، قديم قدم البشرية، وكلنا يعرف كيف قتل قابيل أخاه هابيل بسبب التنافس.
فكيف يمكن للوالدين تقليل العداوة الطبيعية الناتجة عن الشعور بالغيرة؟
إن المقارنة بين الأبناء هي السبب الأساسي الذي يشعل نار الغيرة بينهم، لذلك يجب على الآباء الحذر عند إصدار العبارات التي تحتوي على مقارنات بين الأبناء وبالتالي تعني تفضيل احدهم على الآخر.
الأطفال حساسون جداً تجاه المواصفات الجمالية، فمن المؤلم جدا للطفل أن يسمع الأم تثني على جمال احد أطفالها على حساب الآخر. فمثلا تسمع الأم تردد في مناسبات عديدة أن ابنتها لمى ستكون فتاة رائعة الجمال، وتنسى تماما أن تذكر شيئا عن أختها ربى، إن هذا في واقع الأمر يخلق تنافسا بين الأختين خاصة إذا كان هناك فرق طبيعي بين جمال الأختين. وتقوم الأم بتأكيد الفكرة بتكرار عبارات الثناء على جمال لمى وستشعر ربى أنها فتاة بشعة، مما سيخلق الاستياء والغيرة، وبالتالي الكراهية المجانية بين الأختين.
كذلك عنصر الذكاء، فمن المألوف أن نسمع الآباء يقولون أمام أطفالهم بدون تحفظ «اعتقد أن زيد أكثر ذكاء من أخيه». غير مدركين مدى أهمية هذا النوع من التقييم على عقل الطفل ونفسيته.
وغالباً ما تأتي مثل هذه التعليقات بشكل عفوي ومتكرر، وهذا يعطي الطفل تصوراً واضحاً كيف ينظر الوالدان إلى طفلهما وكيف يقدرانه.
ويهتم الأطفال ( الذكور تحديداً) وينظرون إلى الأمور بشكل تنافسي عندما يتعلق الأمر بقدراتهم الجسمانية والرياضية. فأولئك الذين هم أبطأ وأضعف وأقل تناسقا من إخوانهم لا يتقبلون الأمر ببساطة.
ويدرك معظم الآباء والأمهات بأن أطفالهم يولدون ولدى كل منهم مواهب وقدرات خاصة، ولكن الأطفال لا يزالون عرضة لمقارنة مهاراتهم مع بقية الأخوة أو أطفال الأقارب والجيران.
أما على صعيد التعامل مع أطفالنا من الجنسين فنحن أكثر حرصا على الحماية عند التعامل مع بناتنا، وأكثر تساهلا مع الأولاد. فيسمح للأبناء بالبقاء خارج المنزل حتى وقت متأخر بعكس البنات، كذلك يطلب من الفتيات بذل المزيد من العمل المنزلي أكثر من الأولاد، وهذا يبعث برسالة مفادها أن البيت هو مكان المرأة، كما يشجع الآباء أبنائهم على المشاركة في أنواع الرياضة التنافسية أكثر من البنات. وبالتالي يمنح الأولاد قدرا أكبر من الاستقلال.
طبعا هذا لا يعني القضاء على جميع الجوانب الشخصية في حياة الأسرة، أو منع المنافسة الصحية؟ لكن يجب أن يعرف الأطفال أنهم موضع محبة وفخر الوالدين في كل ما يتعلق بصفاتهم، ومن ذلك بالجمال، والذكاء، والقدرة الرياضية، وان الابن موضع الحب الاحترام والمساواة مع إخوته.
كذلك يجب توزيع الاهتمام، والثناء، والمديح، والانتقادات، والهدايا، والمشتريات، والمصروف، على نحو متساو قدر الإمكان بين الأبناء، بالرغم من أن بعض الأبناء سيكونوا أكثر نجاحاً من إخوتهم في الحياة العملية.
وأخيرا، ينبغي أن نتذكر أن الطفل لا يبني حواجز حول نقاط القوة في شخصيته، بل يبنيها من أجل حماية نقاط ضعفه. لذلك عندما يبدأ الطفل بالتباهي والتفاخر أو التعامل مع أخوته بالعنف سواء كان لفظيا أو جسديا، فهذا تعبير عن شعوره بالتهديد والخوف من الحرمان من حب الوالدين وتقديرهما له. وحساسيتنا وفهمنا لتلك الإشارات تساعد في تقليل احتمالات الغيرة بين أطفالنا.
WWW.Shallwediscuss.com

 

JoomShaper