هل يصرخ طفلك ويضرب رِجله بالأرض حين لا يحصل على طلباته؟ إليك الوسائل المناسبة لتهدئته من دون مشاكل.
بين عمر السنتين والثلاث سنوات
بعد عمر السنتين، يدرك الطفل نهائياً أنه كائن مختلف عن أمه ويفهم أنه موجود بشكل منفصل عنها. فيبني شخصيّته ويختبر فرادته من خلال مواجهتك. لا تتوقفي كثيراً عند هذا الرفض الذي يقابلك به باستمرار. الغضب تعبير عن تعبه ومخاوفه وعن الضغوط التي يشعر بها. إنها إشارة الى حالة طبيعية في مراحل نموّه، ما يدلّ على أنه لا يخضع للآخرين وينمو بشكل سليم. إذا كان الطفل يرغب في الحصول على كلّ شيء فوراً، فهذا يعني أنه شغوف، فضوليّ، حيويّ.
لكن الخضوع لنزواته لا يفيده أيضاً. فهو يحتاج إلى أُطر ترسم له حدوداً لتصرّفاته. عليه أن يدرك معنى الحدود التي تفرضينها عليه أو تلك التي يفرضها المجتمع. لا تترددي في التصرّف معه بصرامة. من واجبك حمايته من ردات فعله العدائية. لكن لا تخلطي بين السلطة والتسلّط. تأكدي من أنك لن تكوني أمّاً سيئة إذا قسوتِ عليه أحياناً، بل على العكس من ذلك.
في الشارع
يرفض طفلك عبور الشارع. يبدأ بالصراخ بلا توقّف في وسط الطريق.
ما الحلّ؟ طفلك في موقف خطير. أمسكي بيده جيداً، بلا أي تردد، وبالقوة إذا دعت الحاجة. بعد أن تصبحا في مكان آمن، انزلي إلى مستوى طوله للتكلم معه بهدوء، وجهاً لوجه.
الكلمات المناسبة: احرصي على أن يتخطّى غضبه. حوّلي انتباهه إلى أمور أخرى. قولي له مثلاً: «سنسأل والدك هذا المساء إذا انتابته نوبات غضب في صغره، اتفقنا؟» المهم هو المحافظة على نبرة صوت هادئة. لا يسمع الطفل إلا نبرة صوتك، لا معنى كلماتك. أخبريه بأمور تساهم في تهدئته.
في المتجر
يضرب طفلك رِجله بالأرض ويثور لأنك ترفضين شراء لعبة أخذها من على أحد الرفوف.
ما الحلّ؟ لا تتأثري بنظرة الآخرين إليك ولا توليها أيّ اهتمام. أمسكي بطفلك وكلّميه بهدوء.
الكلمات المناسبة: نبّهيه مسبقاً بأنك ستشترين حاجيات المنزل فحسب وأنك لن تشتري له الألعاب. إنها أبسط طريقة لتفادي تدهور الأمور. في حال لم تفعلي ذلك وواجهتِ أزمة في المتجر، اقترحي عليه فوراً نشاطاً يثير اهتمامه: «سنشتري الطحين لتحضير قالب حلوى للعشاء عند العودة إلى المنزل». أعطيه قيمة من خلال تكليفه بمهمّة خاصة بالكبار.
في الحضانة
سبّب طفلك أزمة رهيبة في غيابك، فرفض تناول طعامه بعنف.
ما الحلّ؟ أطلبي من طفلك حضور الحديث الذي سيدور بينك وبين المسؤولة عن الحضانة. ثم خذيه جانباً وناقشي الأمر معه. في اليوم التالي، إذا عاد إلى الحضانة، أعطيه لعبته المفضّلة ليحتفظ بها إذا شعر بالسوء. عندها، يدرك العاملون في الحضانة أنك سيطرتِ على الوضع.
الكلمات المناسبة: حاولي أن تفهمي منه ما حصل. هل يشعر بالانزعاج في هذه الأيّام؟ هل من أسباب جعلته يفقد توازنه؟ ضعي نفسك مكانه: «هل كان اليوم صعباً عليك؟ ماذا حصل؟ أنا إلى جانبك الآن وسأهتمّ بك». عودي فوراً إلى المنزل ليستعيد طفلك شعوره بالأمان.
في المنزل
يجعل الطفل حياتك مستحيلة، يرفض ارتداء ملابسه والاغتسال، ويؤخّرك عن مواعيدك دائماً.
ما الحلّ؟ لا تستعملي العنف أبداً. اعزليه في غرفته أو في الزاوية لبضع دقائق، في مكان لا يثير الخوف. لا تضعيه أبداً في مكان يتعلّق بحاجاته الحيوية (كسريره أو الحمّام مثلاً). إذا عاقبته، عليك رفع العقاب بنفسك لإعادة بناء الثقة بينكما.
الكلمات المناسبة: تفادي العبارات التالية: «أنت ترهقني»، أو «أنت تثير غضبي». استعملي عبارات مثل: «أنا مرهقة» أو «أنا غاضبة». أوضحي له أنك تفهمينه: «أعرف أنك لا تحبّ أن أستعجلك، لكني مرغمة على إيصالك باكراً إلى المدرسة. لديّ موعد مهمّ». إذا صرختِ في وجهه، برِّري الأمر: «أعذرني إذا غضبت في وجهك، لكني هدأت الآن. يمكننا القيام بنشاط مشترك». لكن إذا أقدم الطفل على ضربك، تصرّفي بصرامة: «إياك أن تضربني، هذا أمر ممنوع».
عند موعد النوم
هل يتحوّل طفلك إلى وحش كاسر عندما يحين موعد النوم؟
ما الحلّ؟ لا تستسلمي لرغبته فهو بحاجة ماسّة إلى النوم. يكون الطفل في المرحلة الأوديبيّة، فيسعى إلى الانفصال عن الأهل. اسمحي له بإشعال النور وباحتضان لعبته المفضّلة إذا أراد ذلك.
الكلمات المناسبة: خذي بالاعتبار حقيقة أنه يكبر وعدّلي عاداته وفقاً لذلك: «لن تحصل بعد الآن على الماء في زجاجة الأطفال، بل سأضع كوباً صغيراً من الماء إلى جانب سريرك». كلّميه قليلاً، إروي له قصّة لكن لا تبقي معه لوقت طويل. لا تقولي لزوجك أمامه: «اجعله ينام. لم أعد أحتمل!».
ما التصرّف المناسب لوضع حدّ للأزمة؟
انزلي إلى مستوى طوله وكلّميه بهدوء، ولا تنفجري غضباً. فسّري له من دون إشعاره بالذنب أنك تفهمينه لكن أحداً لا يستطيع فعل كلّ ما يتمنّاه. اعزليه لفترة قصيرة ثم عودي إليه. هكذا يهدأ كلّ منكما على حِدة. ثم غيّري الموضوع. كلّميه عن طفولتك وأخبريه أنك اختبرتِ المشاعر التي يحسّها! نسّقي مع والده لاتّباع النهج نفسه. لا تناقضا نفسيكما واتّخذا القرارات معاً.
نصيحة أمّ: لا للتدخّل!
هدى، 29 عاماً: «لتفادي مواجهة مواقف صعبة، نبّهتُ والدتي وأصدقائي مسبقاً: في حال نشوب أزمة مع طفلي، طلبتُ منهم عدم التدخّل أبداً حتى لو رغبوا في المساعدة. يحتاج ابني إلى فهم الأمور بوضوح، من دون مفاوضات أو تسويات. أحرص على السيطرة على نزوته بطريقتي الخاصّة من خلال المحافظة على هدوئي. مع الوقت، ينجح الأمر بشكل أفضل. لم أعد أشعر بالذنب حين أرفض الرضوخ لمطالبه. ما من حالات استثنائية! هكذا، صرتُ أمضي لحظات هادئة مع أقاربي».
صوت العراق