رسالة المرأة
تواصل الأم رحلتها مع التعرف على الأسباب والدوافع التي تقود طفلها إلى فخ الكذب الذي يدمر شخصيته ويجعله يتحول إلى شخصية غير سوية.
1 ـ حيازة المنفعة : نعلن للطفل احياناً باننا سنشتري له الشيء الفلاني الذي يحبه كثيراً اذا ما حاز المرتبة الاولى في امتحانات الفصل الثاني ، وامتحانات نهاية العام الدراسي ، او فيما حصل على درجة عالية في الدرس الفلاني ، فلنتصور الحال لو انه فشل في حيازة المرتبة الاولى ، وكان شديد التعلق بالشي الفلاني الذي وعدناه بشرائه فمن الطبيعي ان يضطر الى انتهاج الاساليب غير القويمة ، كالكذب مثلاً ، من اجل الحصول على غايته . او نلاحظ الشخص الكبير انه مستعد للقسم على انه اشترى هذه السلوة بالثمن الفلاني ولايجني من بيعها الآن سوى ربح يسير ، وذلك كله من اجل صيانة منفعته الشخصية .
2 ـ الغرور والمباهاة : تظهر بعض التحقيقات بأن اكثر من 15 % من انواع الكذب منشؤها المباهاة وصيانة الغرور . فيتحدث الشخص كذباً امام الآخرين عن شخصيته والمنزلة الاجتماعية لعائلته ، وما تحظى به من الأهمية ، وذلك من اجل ان لا يستهين به الآخرون ، او يستقلوا شأنه ، فيقول ان اباه يحتل منصباً رفيعاً ، وفي دارنا 900 غرفة ، وانني حزت على المرتبة الاولى في النجاح في مدرستي ... هادفاً من كل ذلك الى مكانته والاستحواذ على اهتمام الآخرين واشباع اهوائه النفسية .
3 ـ التستر على الخطأ :الطفل مجبول ـ كالآخرين ـ على حب ذاته ، فهو يحب ذاته ويعتز بشخصيته . وحينما يقع في أي خطأ او منزلق يشعر بانه سيتعرض للمهانة الاجتماعية بسبب الطعن والتوبيخ الذي سيلقاه على ايدي الآخرين . فيبادر الى معالجة الموقف بالكذب في سبيل التغطية على خطئه . ولأجل الافلات مما قد يتعرض له من استهزاء واحتقار ، يصبح مستعداً للادلاء باقوال تتنافى مع الواقع . ولو انه كان يعلم بأن خطأه سيغفر له من قبل المجتمع لما اضطر الى الكذب .
4 ـ الأمال والأماني :وقد تعكس اكاذيب الطفل احياناً ما يدور في مخيلته من آمال وأمنيات . ( مثلاً ) فهو يتمنى القدرة على القفز من فوق النهر الفلاني واجتيازه ، فيطرح هذه الفكرة امام الآخرين وكانها قد تحققت فعلاً على ارض الواقع ، وهو يتمنى ايضاً ايجاد آصرة من الصداقة والانس فيما بينه وبين معلمه ، فهو يتحدث عن هذه الأمنية احياناً وكأنها واقع قائم .
نلاحط الاطفال يتحدثون في بعض الأوقات كذباً عن امور لم يقوموا بها وعن اشياء ومواقف من الشجاعة يأملون في مخيلتهم ـ تحقيقها او بلوغها . انهم يطمحون لنيل أمنيات لا يتحقق لهم نيلها حالياً ، ويرغبون في بلوغ درجة من الاستعداد واللياقة لا تتوفر فيهم حالياً .
5 ـ الانتقام : ويمثل الكذب في بعض المواقف نوعاً من الانتقام ايضاً ، كأن يضع أبويه في موقف حرج جزاء لهما على ايذائهما له ورغبة في الانتقام منهما وحرق قلبيهما كما احرقا قلبه . فالطفل يدرك ان كذبه يثير الاضطراب لدى أبويه . او قد يحاول القيام بما يسيء الى كرامة ابويه لأنهما انتقصا من كرامته امام صديقه ، وكثيراً ما يتجلى مثل هذا السلوك عند الاطفال الذين يفتقدون المقومات النفسية السليمة ويشعرون غالباً بالمظلومية والضعة والحقارة . وهم يعدون هذا الاسلوب كوسيلة للدفاع عن أنفسهم .
6 ـ الالعاب الصبيانية :يميل الطفل بطبيعته الى اللعب والى اللهو بكل ما يجد فيه متعة ولهواً ، وقد يعمد احياناً الى الكذب في سبيل ان يتلهى ويلهي معه الآخرين ، فيرغب الآخرين ـ على سبيل المثال ـ بالاحاديث المخيفة والاخبار الكاذبة كأن يخبرهم بان شرارة قد انقدحت في كهرباء المطبح فيسارع الأب المسكين الى اقتلاع المفتاح الرئيس للكهرباء ، ويتجه للبحث عن موضع الإتصال الكهربائي والطفل يركض وراءه متظاهراً وكأن الحق معه وان الخبر الذي اورده لاغبار عليه ، وهو يضحك في اعماقه على هذا الموقف الذي افتعله ، فهو يحب إفتعال الموقف مع الآخرين كما يجب اثارة الضجيج والاضطراب في اللعب ويشغل الآخرين .
7 ـ التخيلات الصبيانية : من المسائل المهمة والنقاط الاساسية في علم نفس الطفل بأنه لا يفرق كثيراً في بعض الحالات بين الواقع والخيال فما اكثر المسائل التي يتخيلها في ذهنه ثم يطرحها في ما بعد على اساس انها حقيقة فيتصور في ذهنه مثلاً ان القطة قد دخلت المطبخ وأكلت اللحم . في أي الى امه حالاً ويخبرها بذلك فتسارع الام الى المطبخ فلا ترى ما يؤيد ذلك .
تلاحظ هذه الظاهرة بكثرة عند الاطفال الذين لا يتجاوزون سن الخامسة . وكثيراً ما يثير هذا التصرف استهزاء الوالدين وغضبهما ويدفعهما الى إتهامه بالكذب ، بينما يقتضي واقع الحال تعليمه وتوعيته . فمثل هذا الكذب لا يمثل كذباً في الحقيقة ، بل هو نوع من التصور والخيال ، او قد يكون إنعكاساً لحكاية قصتها عليه امه بالامس او حلماً رآه في الليلة البارحة لاسيما وانه عاجز عن التفريق بين الواقع والخيال وعاجز عن بيان معنى كلمنهما .
8ـ الجهل بالشؤون التربوية : اثبتت الدراسات بان الوالدين اللذين يجعلان اجواء البيت مليئة بالصدق والمحبة ، ويرعيان الضوابط الاخلاقية في المنزل وينتبهان الى جميع تصرفاتهم واقوالهم ، سوف ينشأ اطفالهم على الصدق والاخلاص . ولكن مما يؤسف له ان بعض الآباء والامهات يفتقدون لهذا الوعي او الانتباه اللازم ، ويتصرفون بلا وعي او ادراك . فالأم على سبيل المثال تفعل شيئاً امام طفلها وتقول له اذا سألك أبوك عن هذا فلا تقل له شيئاً ، فمثل هذا الموقف يعد بحد ذاته درساً في الكذب او حينما يكثر الطفل من الالحاح على امه بطلب نوع الطعام تقول له لقد انتهى ولا يوجد منه شيئاً حالياً ، فهذا يعتبر ايضاً درساً في الكذب واسلوباً فجاً في تربية الاطفال .
9ـ الأسوة السيئة : تعتبر اذن الطفل وعينه نوافذ يطل منها على العالم المحيط به فهو ينظر الى ما تفعلون ويسمع لما تقولون فمن المؤكد انكم تنصحون اطفالكم دوماً بصدق القول إلا ان عملكم قد يكون خلافاً لذلك ، فهو يراكم تقولون للآخرين اثناء وجوده في البيت بأنه غير موجود ، ويتعلم منكم اعطاء المواعيد وعدم الوفاء بها ، ويتعلم منكم حينما يطلب منكم جاركم شيئاً تقولون له ليس لدينا ، وهو لديكم . ولا تنسوا ان الطفل يتعلم منكم كل ما يراه منكم من افعال واقوال ، ويمارس اليوم اوغداً ما تعلمه منكم في علاقاته الاجتماعية . فكل تصرفاتكم اليومية درس يأخذه الطفل عنكم وينتقل اليه منكم .
أزمة الكذب عند الأطفال "2-2"
- التفاصيل