الدكتور محمد عمر الفقيه
بعد القراءة المتأنية والدقيقة للآيات القرآنية ذات العلاقة بموضوع الدراسة واستناده عليها فقد توصل الباحث إلى أن الأنفس الإنسانية تقسم إلى نوعين : النوع الأول الذي اختار بمحض إرادته سلوك النهج الإلهي الذي ارتضاه الله لعباده ، والنوع الثاني الذي اختار بمحض إرادته طرق الفجور والشر ، وأن سلوك أي الطريقين لا يعني بالضرورة الثبات والاستمرار عليه إلا بحال أن يقرر الإنسان ذلك باختياره ، كما أن أكثر الناس اختاروا طريق الكفر والضلال والفجور .
لقد تناول القرآن الكريم النفس الإنسانية على أنها قضيته المحورية والأساسية لذلك عرضها بنوع من التفصيل في جميع جوانبها ابتداءً من خلقها وانتهاءً بخلودها ،هذا بالإضافة إلى بيان طبيعة هذه النفس ، وما وهبها الله تعالى من قدرات عقلية، وحرية إرادة، واختيار وما ركب بها من استعدادات للخير وللشر على حد سواء، والى جانب هذا كله فالإنسان مخلوق يحمل أمانة التكليف والاستخلاف في الأرض ، وأمام هذه التحديات والمفترقات اختارت النفس الإنسانية أحد المنهجين:
المنهج الأول : وهو المنهج الإلهي الذي أوصى الله به عباده بعد هبوطهم إلى الأرض .قا ل تعالى : (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى)طه/123.
وبسبب ما جبلت عليه النفس الإنسانية من حب للشهوات ،وتعلق بالحياة الدنيا تغفل عن غايتها الأساسية التي خلقت من أجلها ،وتنغمس بمتع الحياة وملذاتها إلا أنها سرعان ما تنيب إلى خالقها، وتلوم ذاتها على ما قصرت وفرطّت في جنب الله تعالى قال تعالى : (لاأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ(1)ولا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)القيامة/1-2
وتمثل النفس اللوامة منهج الذين اتبعوا الخط الرسالي منذ آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها حيث سيبعثون يوم القيامة مطمئنين آمنين. قال تعالى :( يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ(27)ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً(28)فَادْخُلِي فِي عِبَادِي(29)وَادْخُلِي جَنَّتِي)الفجر/27-30 .
المنهج الثاني :والذي يمثل سبل الشيطان والانغماس في الشهوات ،وإتباع جانب الفجور في النفس الإنسانية ، وهذا الفريق من الناس تكون آماله وغاياته التي رسمها لا تتجاوز إطار الحياة الدنيا، ولقد وصف الحق سبحانه وتعالى تلك النفس التي تستجيب لكل نداءٍ غير نداء الحق بالنفس الأمارة بالسوء . قال تعالى :( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إن النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إن رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)يوسف /53 .
إن النفس الإنسانية بما فطرت عليه من حرية الاختيار قد تختار الإيمان ردحاً طويلاً من الزمن ثم بمحض اختيارها تجثم على الكفر والباطل ،وكذلك العكس قال تعالى: (إن الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ) آل عمران/90 .
وقال تعالى: (لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إن نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) التوبة/66 .
ومن هنا يتبين مدى الابتلاء الذي يتعرض له الإنسان في الحياة الدنيا ومدى قدرته الاستمرار على منهج الحق الذي أمره الله تعالى إتباعه .
وبناءً على ما تقدم من اختيار النفس الإنسانية منهجاً لها في الحياة الدنيا، فقد انقسم الناس إلى فريقين ،منهم من اختار طريق الحق والاستقامة، ومنهم من اختار طريق الباطل والضلال والانحراف ،ولقد كشف الحق عن الممارسات الاعتقادية والسلوكية التي يمارسها كل فريق ،وقد تقصى الباحث هذه الممارسات كما بينها القرآن الكريم على النحو الآتي :
الممارسات الاعتقادية والسلوكية التي يقوم بها الذين اختاروا طريق الحق والإنابة إلى الله تعالى وهي :
1. التراحم فيما بينهم . قال تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)الفتح/29 .
2. التذكر والإنابة إلى الله جل وعلا . قال تعالى: (إن الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُون)الأعراف/201 .
3. اتباع الحق .قال تعالى: (وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ)محمد/3 .
4. عدم تقديم الرأي على حكم الله وحكم رسوله .قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أن يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)الاحزاب/36 .
5. موالاة المؤمنين .قال تعالى:( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)التوبة/71.
6. عدم الخوف من الأعداء.قال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إن النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل) آل عمران/ُ173.
7. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .قال تعالى: (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِين)آل عمران/114
8. الجهاد في سبيل الله قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)الأنفال/74 .
9. عدم موالاة الكافرين. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ)الممتحنة/1 .
10. الإيثار. قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)الحشر/9 .
11. التناجي بالبر والتقوى وعدم التناجي بالإثم والعدوان. قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)المجادلة/9 .
12. عدم الارتياب أو الشك. قال تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا)الحجرات/15 .
13. التحقق قبل إصدار الأحكام.قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)الحجرات/6.
14. الوفاء بالعهد .قال تعالى: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ)الرعد/20.
15. الاستجابة لأوامر الله تعالى. قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)الرعد/21 .
16. الصبر ابتغاء مرضاة الله تعالى. قال تعالى: ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ ) الرعد/22 .
17. السكينة والطمأنينة .قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)الرعد/28 .
18. الإنفاق في سبيل الله تعالى. قال تعالى: (قُلْ لِعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ)إبراهيم/31 .
19. التوكل على الله تعالى. قال تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)النحل/42 .
20. التواضع والترفع عن الرد على السفهاء . قال تعالى: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)الفرقان/63
21. الدعاء الدائم إلى الله بالنجاة من العذاب يوم القيامة .قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إن عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا)الفرقان/65 .
22. الاعتدال في الإنفاق . قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)الفرقان/67 .
23. اجتناب الشرك بالله تعالى وقتل النفس والزنا .قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) الفرقان/68 .
24. عدم شهادة الزور والإعراض عن اللغو. قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)الفرقان/72 .
25. التفكر والاعتبار بآيات الله تعالى .قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)الفرقان/73 .
26. الدعاء إلى الله بالذرية الصالحة وأن يكونوا قدوة للمؤمنين . قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)الفرقان/74 .
27. القيام بالعبادات كما أمر الله تعالى . قال تعالى: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون)النمل/3 .
28. الإيمان بالغيب . قال تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)البقرة/3 .
29. المسارعة في فعل الخيرات . قال تعالى: (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)المؤمنون/61 .
30. اجتناب الكبائر والآثام . قال تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ)النجم/32 .
الممارسات الاعتقادية والسلوكية التي يقوم بها الذين اختاروا طريق الباطل والضلال والانحراف وهي :
1. اتباع الباطل .قال تعالى: ( ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ)محمد/3 .
2. اتباع الهوى. قا ل تعالى: (إن الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا) النساء/150 .
3. الإجرام. قال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)الأنعام/123 .
4. الاعتراض على الله. قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا)البقرة/26 .
5. الإعراض عن الحق. قال تعالى: (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ)الأنعام/4 .
6. الإفساد في الأرض .قال تعالى: (إن الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) آل عمران/21 .
7. البخل والأمر به . قال تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ )النساء/37 .
8. الترف. قال تعالى: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُون) المؤمنون/64 .
9. التفرقة والاختلاف . قال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)آل عمران/105 .
10. التكبر. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا)النساء/36 .
11. الجهل . قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)البقرة/118 .
12. حب الدنيا وتفضيلها على الآخرة . قال تعالى: (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)إبراهيم/3 .
13. الخيانة . قال تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إن اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِين)الأنفال /58 .
14. الذل والمسكنة. قال تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)آل عمران/112 .
15. السخرية بدين الله تعالى . قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)المائدة/57 .
16. الضلال . قال تعالى: (إن الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلا)النساء/137 .
17. الطغيان . قال تعالى: (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)المائدة/68.
18. الظلم .قال تعالى: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أن الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)آل عمران/86 .
19. العداوة للمؤمنين . قال تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أن تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إن خِفْتُمْ أن يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إن الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا)النساء/101 .
20. العناد في الباطل . قال تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)البقرة/75
21. الغرور. قال تعالى: (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) الأنعام/70 .
22. الغفلة عن الحق . قال تعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ)النحل/108 .
23. الفجور . قال تعالى: (أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَة)عبس/42 .
24. الفسق . قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمْ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)الأنعام/49
25. كتمان العلم . قال تعالى: (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا)النساء/37 .
26. التكذيب لآيات الله تعالى . قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)المائدة/10 .
27. الكيد للمؤمنين . قال تعالى: (إن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إن اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)آل عمران/120 .
28. معصية الله ورسوله. قا ل تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا)النساء/42 .
29. المكر بالمؤمنين . قال تعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) آل عمران/54
30. منع الخير قال تعالى: (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ)ق/25 .
31. نقض العهود .قال تعالى: (إن شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (55)الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ)الأنفال/55-56 .
32. نكران النعم . قال تعالى: (ألم تر إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار) إبراهيم/28 .
33. النميمة . قال تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيم)القلم/11 .
34. البغض للمؤمنين . قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إن كُنْتُمْ تَعْقِلُون)آل عمران/118 .
35. التذبذب وفق مصالحهم . قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)النساء/141 .
36. التظاهر بالإيمان .قال تعالى :(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ)البقرة/8 .
37. الرياء .قال تعالى: (إن الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا)النساء/142
38. الشماتة بالمؤمنين .قال تعالى :(إن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إن اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)آل عمران/120
39. الغيظ على المؤمنين . قال تعالى: (هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إن اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)آل عمران/119 .
40. الكسل حال القيام بالعبادات . قال تعالى: (إن الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً)النساء/142 .
41. مرض القلب . قال تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون)البقرة/10 .
42. ابتغاء الفتنة . قال تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمْ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِين)التوبة/47 .
43. الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف .قال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إن الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)التوبة/67 .
44. تحكيم غير شرع الله . قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أن يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا)النساء/60 .
45. التخلف عن الجماعة . قال تعالى: (وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا)النساء/72 .
46. التخلف عن الجهاد . قال تعالى: (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ)التوبة/44 .
47. حلف اليمين الكاذبة . قال تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أن يُرْضُوهُ إن كَانُوا مُؤْمِنِينَ)التوبة/62 .
48. موالاة الكافرين .قال تعالى :(الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)النساء/139 .
أظهرت هذا الدراسة إن الحق جل وعلا خلق النفس الإنسانية بقدرات واستعدادات يتمكن من خلالها أن يختار أهدافه وأن يحدد سلوكه بمحض إرادته، بغض النظر عن نوع هذا السلوك ، فالنفس الإنسانية في كل لحظة من لحظات حياتها تكون على مفترق طرق، وعليها أن تختار طريقها، فالنفس الإنسانية ليست نموذجاً مقرراً مسبقاً لا خيار له فيه، فالإنسان قادر على تشكيل نفسه ، وأي إنسان يريد أن يكون ، فالنفس الإنسانية التي اختارت طريق الهدي الإلهي تتلمس طريقها وسط بدائل متعددة من الممكن أن تختار واحدة منها ، وفي اختيارها لطريقها لا يعني بحال من الأحوال استقرارها على هذا الخيار، فمن اختار طريق الضلال اليوم فقد يختار طريق الهداية بعد لحظة ، فحالات النفس الإنسانية التي فصلها القرآن لا تعني بحال من الأحوال إن كل نفس تشكل حالة واحدة مستمرة على الدوام ،بل إن كل نفس إنسانية تمر بهذه الحالات جميعاً. أحياناً تكون النفس الإنسانية أمَارة بالسوء ، فتسول لنفسها فعل السوء ،وتطوع لها فعل المنكرات ،وتزين لها المحرمات ،وأحيانا تكون نفساً لوامة تلوم نفسها على ما فرطت في جنب الله تعالى ،وتسعى وبشكل مستمر إلى الاستقامة على المنهج الرباني الذي أمرها الحق جل وعلا بإتباعه حتى تبعث يوم القيامة مطمئنة .
وبناء على ما تقدم مما له صلة بالواقع الاجتماعي إن الكثير من الناس يطلقون أحكاماً وأوصافاً على أشخاص معينين من خلال مواقف معينة صدرت منهم سابقا، والحقيقة ليست كذلك فقد يصدق عليه هذا الوصف أو هذا الحكم في حال القيام به ولكن بعد ذلك لا يجوز تعميم هذا الحكم لأن الإنسان في كل لحظة من لحظات عمره على مفترق طرق ،وفرص الاختيار كذلك متاحة للنفس الإنسانية على الدوام ،ولقد زخر القرآن الكريم بنماذج بشرية كثيرة اتبعت طريق الهداية والاستقامة ثم حادت عن جادة الطريق وانحرفت ومثال ذلك قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ)الأعراف /175 .
تشير الآية الكريمة إن رجلا من بني إسرائيل بلغ من التقى والصلاح والعلم ما بلغ إلا أنه بعد ذلك اختار طريق الكفر والغواية ومات على ذلك فخسر الدنيا والآخرة. ولقد عرض القرآن الكريم حالة التردد التي يمكن أن تمر بها النفس الإنسانية بسبب ما زودت به من قدرة على الاختيار، فقد وصف الحق حالات هذه النفس بقوله تعالى: (إن الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) النساء/137.
ومما له صلة بالواقع كذلك ومما يجري عليه كثير من الناس ،أنهم يتبعون بعض الأحياء أو الأموات ممن عرف عنهم الصلاح بكل ما قالوه على اعتبار أنهم ثقاة صالحون فكل ما يقولونه صواب ، وهذا مجانب للصواب من حيث أن الصلاح صفة متغيرة فمن هو صالح اليوم ليس بالضرورة أن يكون صالحاً في الغد وكذلك العكس، هذا بالإضافة إلى أن الأحكام لا تكتسب صفة البطلان أو الصحة بمجرد إتباع شخص معينٍ لها فالرجال يعرفون بالحق وليس الحق يعرف بالرجال .
وعلى ضوء ما تقدم فقد اختار بعض الناس طريق الهداية والإنابة إلى الله تعالى استجابة لجانب التقوى الذي فطرت عليه النفس الإنسانية، واختار البعض الآخر طريق الضلال والانحراف استجابة لجانب الفجور في النفس الإنسانية ، فالطبيعة الإنسانية تحمل استعدادات متساوية نحو الخير أو الشر ، ولكن ومن خلال النتائج التي تم التوصل إليها ظهر أن أكثر الناس اتبعوا الباطل واستجابوا لنداء الشيطان ،ولذلك ما يبرره ، فأكثر الناس لم يتبعوا طريق الهداية التي أمرهم الحق باتباعه قال تعالى : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)البقرة/38 . فالطريق الوحيد التي تؤمَن الإنسان من الخوف والحزن هي طريق إتباع الهدي الإلهي، وبغير إتباع هذه الطريق ستتفرق به السبل عن سبيل الله، وكل السبل تؤدي إلى الهلاك والضياع إلا سبيل واحد وهي الخط الرسالي الذي جاء به الأنبياء جميعا من لدن نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم . وبسبب ما جبلت عليه الأنفس البشرية من حب الشهوات على مختلف أنواعها وما يقوم به عدو الإنسان اللدود إبليس من وسوسة وتزيين للمنكرات دفع بالكثير من الناس إلى السعي للوصول إلى ما يحقق لهم ما يرنون إليه من أهواء وشهوات.
ومما له صلة بالواقع يعتقد الكثير من الناس إن معيار الحق والصواب ما اختاره أكثر الناس وقبلوه وأثنوا عليه وزكّوه، وأن معيار الباطل ما لم يقبله أكثر الناس وانصرفوا عنه ، ولكن الحقيقة التي كشفت هذه الدراسة جاءت مغايرة تماماً لهذا المعيار، فقد تبين ومن خلال الآيات القرآنية إن أوصاف أكثر الناس تنحصر بالأوصاف الآتية :لا يعلمون ، لا يؤمنون ، لا يعقلون ، لا يوقنون ، للحق كارهون ، فاسقون ، كافرون ، غافلون ، لا يشكرون ، يجهلون ، لا يسمعون ، يتبعون الظن ، معرضون ، ضالون .
ولقد كشف الحق حقيقة أكثر الناس بقوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِين)سبأ/20 .
بينما وصف الحق القلة بقوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ) سبأ/13 .
والنتيجة التي يمكن تقريرها دون تردد إن الحق والصواب هما كذلك ولو لم يتبعهما أحد. والباطل هو باطل وإن اتبعه الناس جميعا ، فالصواب والحق معيارهما داخلي بما يحملانه من مطابقة للواقع وليس بما يحكم به الناس فحكم الآخرين لا يغير من حقيقة الأمر شيء .
ومما توصل إليه الباحث إن النفس الإنسانية ليست نفساً منمطة مسبقاً ذات صيغة محددة لا تقبل التغيير أو التعديل وإنما هي نفس مرنة تتمتع بقابليات عالية للتعديل والتغيير والتربية ، ومن هذا المنطلق أصبح من الممكنات التربوية صياغة النفس الإنسانية لتكون نفساً لوامة تحس بمسؤولياتها وتقوم بها على أكمل وجه نحو ذاتها ونحو خالقها ونحو مجتمعها مما يجعلها نفساً مطمئنة راضية مرضية ، تُقبل على الحياة بتفاؤل ورضا ، وذلك من خلال العمل التربوي الهادف المدروس الذي يستمد فلسفته وأهدافه العليا من كتاب الله عز وجل ، حيث يتم ترجمته من خلال مناهج تربوية تعمل على تحقيق مخرجات تربوية تتسق مع الغاية التي خلق من أجلها الإنسان ، ولكي تتحقق هذه المخرجات المرجوة لا بد أن تتصالح كل فلسفات وأهداف مؤسسات الدولة الأخرى وأن تسعى جميعاً من أجل إعداد الإنسان الصالح المؤهل للفوز في الدنيا والآخرة.