تنخرط أقطارنا العربية، في سياق خضوعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي لبرامج الرأسمالية العالمية؛ في تحقيق مطالبها الرأسمالية على مستوى (التصورات ـ وأنماط السلوك ـ والعلاقات) فقد افتتح في دمشق صباح 21 / 2 / 2003 في فندق الشام الاجتماع الإقليمي الثاني لقياس المساواة بين الجنسين باستخدام الإحصاءات المصنفة المبنية على (النوع الاجتماعي) (الجندر) والذي ينظم بالتعاون بين الاتحاد النسائي والمكتب المركزي للإحصاء وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة.

وحضرت الاجتماع السيدة سعاد بكور رئيسة الاتحاد النسائي العام، والتي ألقت كلمة أشارت فيها إلى الجهود التي تبذلها سورية لإدماج مفهوم (النوع الاجتماعي) (الجندر) في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية !!

كما حضرت الاجتماع الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومي للمرأة في مصر، والدكتورة هيفاء أبو غزالة المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي (اليونيفيم) والدكتورة شرين شكري الخبيرة في الصندوق.

وتقوم بإدارة الاجتماع السيدة هناء قدورة المنسقة الوطنية (لليونيفيم) في سورية عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام النسائي رئيسة مكتب العلاقات الخارجية.

ويهدف المشروع إلى تحقيق:

ـ دمج بعد (النوع الاجتماعي) (الجندر) في عمليات دائرة الإحصاءات الوطنية وهياكلها التنظيمية.

ـ مأسسة إطار العمل التحليلي القابل للتكرار والذي يعمل على تشجيع التعاون ما بين مستخدمي ومنتجي الإحصاءات في سبيل إعداد مؤشرات إحصائية نوعية (جندرية).

ـ وتحسين استخدام البيانات الإحصائية.

ـ توفير منتدى حوار للدول العربية من أجل التشارك بالخبرات ولتبني إطار عمل عام للمقاييس الإحصائية النوعية (الجندرية) ولتوثيق أفضل الممارسات في هذا المجال.

ويتناول جدول أعمال الاجتماع المواضيع التالية:

ـ عرض تقرير عن واقع جمع البيانات الإحصائية المتعلقة بالقضايا الثلاث، في كل من الأردن وسورية ومصر اعتماداً على المؤشرات التي تم تحديدها في اجتماع الخبراء الأول في القاهرة.

ـ وعرض نموذج العنف ضد المرأة مدعماً بالمفاهيم والتعاريف المستخدمة وبجداول الإنتاج الإحصائية.

ـ ومناقشة منهجية إعداد التقرير الوطني وما تم التوصل إليه ومناقشة بناء القدرات الوطنية في مجال (النوع الاجتماعي) (الجندر) والإحصاءات المؤشرات المرتبطة بالقضايا الثلاث، العنف ضد المرأة، واتخاذ القرار، والعمل في القطاع المنظم وغير المنظم.

هذا وقد تضمن النقاش الذي دار في الاجتماع الأول لمشروع قياس المساواة بين الجنسين باستخدام الاحصاءات المصنفة حسب (النوع الاجتماعي) (الجندر) الذي عقد في القاهرة خلال الفترة ما بين 23 ـ 24 تشرين الأول 2002 عن تحديد المحاور الرئيسية التي ستضمها التقارير الوطنية من جهة، وتحديد عدد من المؤشرات التي تندرج تحت كل محور من المحاور المذكورة. ولا شك أن المحاور التي تم الاجماع حولها هي العنف ضد المرأة، اتخاذ القرار، والعمل المنظم وغير المنظم من المحاور الأكثر أهمية في مجال قياس المساواة بين الجنسين حيث أنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بوضع المرأة اجتماعياً واقتصادياً، ونظراً لتعدد مصادر البيانات المتعلقة بالمحاور المشار إليها أعلاه فإن عملية جمع البيانات هي من المهام التي تنجز بصعوبة بشكل عام، كما أن البيانات التي يمكن الحصول عليها قد تكون بيانات تاريخية مما يشكل فجوة في سلسلة المعلومات المطلوب توفيرها. (جريدة البعث السورية 22 / 2 / 2003) أ . هـ بتصرف

والجندر أو (الجنس الاجتماعي) كما يحاول أن يلطف غموضه المترجمون هو ابتداء محاولة رأسمالية (لتشييء) الإنسان أو (تسليعه) في سوق (الإنتاج ـ والاستهلاك) بعيداً عن أي تصور: قيمي أو عاطفي. فالإنسان منتج للسلعة، وهو في الوقت نفسه مستهلك لها. وهذا هو الاعتبار الوحيد الذي يقيمه نظام الرأسمالية لهذا الكائن.

إن أول الانحراف عن سنن الفطرة في موضوع (الجندر) إنما يكمن في تغيير خلق الله، برفض حالة (الزوجية) المبثوثة في أرجاء الكون (ومن كلٍّ خلقنا زوجين..) للانتقال إلى الجنس الثالث حيث يجرد (الفرد) أو (الإنسان) من خصوصيته، سواء كان ذكراً أو أنثى، ويكون إلغاء الخصوصية، ومن ثم التخلي عنها عتبة لدركات في التسفل في أنماط السلوك والعلاقات.

يفقد الفرد خصوصيته، ومن ثم يفقد وظيفته ودوره النوعيين، حيث تصبح اهتماماته ومناطات حياته بعيدة كل البعد عن السعي لاستمرار النوع الإنساني.

والدركة الثانية من دركات (النوع الاجتماعي) هو تذليل السبيل لحياة تقوم على اصطياد (المتعة) بعيداً عن أي شكل من أشكال الالتزام (الطبيعي) أو (القيمي). بل إن مفهوم (الجندر) الذي تنخرط فيه أقطارنا يفضي تلقائياً إلى تمهيد الطريق أمام أشكال من العلاقات القائمة على (الإباحة) و(الشذوذ) اللذين انتشرا انتشار الوباء في المجتمعات الغربية، وما زلنا نجد عصمة منهما بفضل الشريعة القويمة التي أكرمنا الله بها، والتي تحمل عطاياها رحمة للعالمين.

وغدا الإنسان بلا وظيفة (نوعية) صياداً (للمتعة) السوقية، التي يشتريها من سوق (السلع)، دون اعتبار لأي ضابط أخلاقي أو قيمي. حتى مصطلح (الشذوذ) قد تم التخلص منه لإبعاد ظلاله عن العلاقات المنحرفة، واقترحت تسميته تحت لافتات (الجندر) بالعلاقات (المثلية)، التي تخالف مقتضى الطبيعة، وتأباها الفطرة، والتي يعتبر (الايدز) والأمراض الأخرى الفتاكة بعض ثمراتها المرة.

والدركة الثالثة من دركات السير في منحدر (الجنس الاجتماعي) (الجندر) مصادرة (الأمومة) و(الطفولة) لمصلحة صاحب (رأس المال). فحركة الإنتاج المسيطرة على قوانين المدخلات والمخرجات الاجتماعية، لم تعد بحاجة إلى هذا الكم الهائل من الأفواه المفتوحة المشاركة لأصحاب رأس المال في ثروات الأرض.

تقوم النظرة الرأسمالية للإنسان، الذي لا تتطلبه عملية الإنتاج، على أنه عبء إضافي، ومستهلك بلا طائل، ومعوق من معوقات التنمية !! وحسب تقديرات الدارسين الاقتصاديين، فإن عملية الإنتاج يمكن أن تدور في ظل السنوات القادمة بـ 11 % فقط من مجموع سكان الأرض، وربما تنحسر هذه النسبة في ظل التطور الإلكتروني عن هذا الرقم بكثير.

ومن هنا نلحظ حالة التآكل الديموغرافي الذي تعيشه المجتمعات الغريبة، والتي يعتبرها أصحاب مشروع (الجندر) حالة أنموذجية يجب أن تحتذى في بلدان العالم أجمع. وإذا كان علماؤنا قد أكدوا أن حكمة تحريم الإباحة الجنسية هو منع اختلاط الأنساب الذين يفضي إلى حالة من الاضطراب الاجتماعي والإنساني، فإن الآتي في مسلسل دركات الجندر هو انقراض النوع بسره.

من جهة أخرى يتطلع المتابعون لعمليات الاستنساخ (البشري) إلى التخلص من كل العقابيل الناشئة عن اللقاء الإنساني الحميم، فلم تعد الإنسانية بحاجة إلى (الزوجية) للنمو والتكاثر، إذ أن الاستنساخ، في آفاقه المستقبلية، التي يتطلع إليها ممولوه؛ سيصير إلى إنتاج (الإنسان المحسن) (الروبوت) الذي تتوافر فيه الإمكانات للقيام بعبء الدور المطلوب فقط. والتي ستجعل الفرد منه يغني عن الكثيرين.

طريق (الجندر) أو (الجنس الاجتماعي) طريق تدمير الإنسانية، لمصلحة شياطين رأس المال. وهو باطن السياسات الماسونية والرأسمالية. كما أنه لا يهدد أمة ولا شعباً ولا ملة، وإنما يهدد الإنسانية كل الإنسانية.

وإنه لمما يُدمي القلوب، ويفتت الأكباد، أن ينخرط فيه عن علم أو عن جهل حملة الرحمة للإنسان كل الإنسان. فهل يعي المسترسلون في مسايرة هذا البرنامج الشيطاني إلى أين يسيرون ؟!!

إن مقاومة السياسات (الإمبريالية) أو (الرأسمالية الأمريكية) ليس عملاً سياسياً أو إعلامياً وإنما هو جهد عام يرتكز على ثوابت أمتنا الحضارية ويحافظ على هويتها ويتصدى لحمل رسالة الخلاص للناس أجمعين.

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

JoomShaper