تعرضت المرأة العربية إلى سهام الأعداء على مر العصور من خلال حرب ضروس استهدفتها، حيث لم يقتصر هذا الاستهداف بعد على المرأة العربية وفقط بل شمل المرأة المسلمة أيضا، هذه الحرب التي أرادت المرأة لم يكن لشخص المرأة بقدر ما كانت موجهة في الأساس للمجتمع بأكمله الذي تواجدت فيه، لأسباب بسيطة جدا أنك إذا أردت أن تذكر هذا المجتمع بخير أو سوء بما قدم أو تخلف فعليك في الأساس أن تذكر المرأة، حيث تمثل عنصرا شريكا في المعادلة الحضارية، وإذا أردت أن تهدم مجتمعا فالمرأة هي الطريق المفتوح لذلك، وصدق الشاعر الذي قال " الأم مدرسة إذا أعددتها أعدت شعبا طيب الأعراق "، فإذا كان هذا حديث الشاعر عن الأم فما بالك بباقي الأدوار التي تؤديها المرأة، من كونها زوجة مثلا وادوار أخري تقوم بها المرأة ربما لا يستطيع الرجل أن يقوم بها تؤديها المرأة بمهارة تفوق الرجل، وهذا ليس عيبا في الرجل بقدر أن الله عز وجل أهل المرأة للقيام بهذا الدور الرفيع.
وعلي كل الأحوال فإن المرأة تعرضت لحملات شتي من خلال خطط ودراسات وبرامج سار أصحابها عليها أملا في أن يصدق ومعودهم بسقوط هذا المجتمع، في مقدمة هذه الحملات وأهمها الإعلام الذي غزي بيوتاتنا، وغزي عقول الأبناء بل والمجتمع بأجمع، ونري ذلك في برامج ومسلسلات وأفلاما سينمائية أنتجت للترويج السيئ للمرأة، بحيث جعلت المرأة مادة ثرية للإغراء وجسدا عاريا تنهشه الأنظار، فوجدنا علي سبيل المثال كافة الإعلانات التجارية التي تقدم في التليفزيونات العربية إما يقدمها نساء ظهرن في شكل سافر أو قدمن حركات وإيماءات مخلة، أو علا صوتهن بشكل ظهرت فيه نبرة الإثارة، وملخص ذلك كله هو المرأة التي تناولها كتاب وروائيين علي أنها العاشقة والخائنة للحياة الزوجية، كما تناولت كافة الأعمال المنتجة المرأة وربطت ذلك بقصص الغرام أشكالا وأنواع.
تعجبت من مخرجة احدي الأعمال السينمائية وتسمي إنعام محمد علي بحيث عقبت على فيلم وطني لها "الطريق إلى إيلات"يحكي قصة تدمير الميناء الصهيوني "إيلات" قبيل حرب العاشر من رمضان أكتوبر عام 1973عن طريق بعض الضفادع البشرية، عندما سئلت عن إقحام العنصر النسائي في الفيلم، قالت إن القصة الحقيقة المنقول عنها الفيلم لم يكن فيها العنصر النسائي مطلقا، غير أنني أضررت لذلك لإضفاء نوع من الحبكة الدرامية، مع العلم أن الفيلم به عدد من المشاهد الخارجة أقحمتها المخرجة تحت دعوي الإبداع وما هو بذلك.
والعجيب في نفس السياق أننا وجدنا كتابا وشعراء تخصصوا في الحديث عن المرأة فنجد إحسان عبد القدوس يكتب "الراقصة والسياسي" وهو نموذج لأعمال تناولت المرأة بشكل مسف، ليحاول بلغة أو أخري تصوير المرأة علي أنها جسد وفقط، كما نجد الشاعر نزار قباني يربط في أغلب أشعاره بين المرأة وكأس الخمر، وفي كل هذه السياقات نجد الأعمال الفنية تصور المرأة العاملة أنها النموذج المثالي للمرأة وسط مزاحمة مرفوضة وممقوتة للرجال ليس بها بطبيعة الحال أي حياء، ومن هذه الأعمال وما أكثرها "مراتي مدير عام" و "أريد حلا " والأمر لم يقتصر علي ذلك بل وصل التفنن في موضات خبراء الأزياء العالميين الذين يقضون الأوقات الطويلة في التفكير المرهق في خلق ملابس أكثر إثارة للتخديم علي أفكارهم المقصود منها الشرقية والمسلمة بالدرجة الأولي، فنجدهم هذا العام يستهدفون جزء في جسد المرأة ليستهدفوا جزءا آخر في العام القادم حتى لم يبقوا في المرأة ولا لها شيئا.
وعلي نفس الطريقة نجد الفيديوهات والتي يطلق البعض عليها الفيديو كليب الذي انتشر فأصبح ظاهرة تميزها أغلب الفضائيات العربية والذي يعرض المرأة كجسد فتجد الأغنية وكأنها جزء من فيلم "بورنو" وكـذلك تتخيل أن المخرج أخطأ فركب مشهد من فيلم داعر علي الأغنية، حتى تفاجأ بالحقيقة المرة وهي أن هذه الفيديوهات هي إخراج فني للاعنيه، وإذا دققت النظر لا تجد علاقة من قريب أو بعيد بين المشاهد الراقصة أو الداعرة – إن أردت توصيفا صحيحا – وبين كلمات الغنية ذاتها.
وفي هذا السياق تجد أحدي الكليبان تظهر فيها صورة المغنية علي فراش الزوجية وكأنها في انتظار علاقة حميمة، وأخري وكأنها في علاقة حميمة تجمع بينها وبين أحد الحيوانات " الحصان "، ليدلل كل ذلك علي ما وصلت إلية المرأة العربية وما سارت علية هذه الحروب ولتضع علامات استفهام كبيرة حول دور المرأة المسلمة في التصدي لمثل هذه الحملات وما هو دور المجتمع وهل من أشكال جديدة مطروحة لتعريف المرأة بدورها وحتى تكون محصنة أكثر ضد حملات الغزو التي لم تبقِ لها شيئا.
لها أون لاين