عمان - الدستور: كانت تصحو قبل صياح الديك ، وكانت تنتهي من واجباتها المنزلية قبل ان ينهض الزوج او الاولاد ، ولم تكن تقتصر واجباتها على العمل المنزلي فحسب ، وانما كانت لها مساهماتها الكبيرة في تحمل المسؤولية في عمل زوجها او مساعدته في النفقات.
لم تكن الزوجة تشكو ابدا ، وهي ترى زوجها يذهب الى عمله مرتاحا بعد ان هيأت له كل وسائل الراحة والاستقرار.
الآن انقلبت الصورة ، اصبح الزوج ينهض من نومه ويذهب الى عمله ، دون ان تكلف زوجته نفسها مهمة فتح عينيها لتداول القليل من الكلمات معه. وقد اصبحت "الزوجة النؤوم" ظاهرة في مجتمعاتنا ، فلا تكاد تسأل رجلا عن الوضع في البيت الا وتجد على لسانه عبارة "طقعت لي".
محمد خليل - موظف - يقول: الفوضى التي دخلت بيوتنا نتيجة لدخول وسائل الترفيه والراحة هي السبب في ذلك ، فقد اصبح السهر على المحطات الفضائية عادة لدى افراد الاسرة ، ولا ينهض من النوم صباحا الا من له عمل ، اما الاخرون بمن فيهم الزوجة غير العاملة ، فانها تفضل ان تبقى نائمة حتى اشعار اخر ، اذ تعتقد انه لا فائدة من الاستيقاظ المبكر في الصباح.

سوسن يوسف - طالبة جامعية - تقول: يجب الا ننظر الى الامر على انه تقصير خطير من جانب المرأة ، فأي انسان لا يجد له عملا في الصباح الباكر يدلل نفسه ويبقى نائما ، وهذا ما يحصل معي دائما خلال العطل ، واجد راحة كبيرة حين تتاح لي هذه الفرصة.

وتضيف: لكنني اعتقد ان ربة البيت يجب ان تكون نشيطة ، وان تمارس دورها كأم وكزوجة ، لأن مثل هذه التصرفات يمكن ان تؤثر علي مكانتها في المنزل ، كما ان علاقتها مع زوجها وافراد اسرتها يمكن ان يصيبها نوع من الفتور. انا لست ضد ان تأخذ المرأة راحتها في بيتها ، ولكن ضد ان تتحول هذه الممارسات الى ظاهرة.

ام ابراهيم - ربة بيت - تقول: ربما يكون لنمط العلاقات الاجتماعية الجديدة دور في مثل هذه الظاهرة ، فالمرأة الآن تد نفسها شبه معزولة ، ولم تعد لها تلك العلاقات الاجتماعية التي كانت للمرأة في السابقة ، كما ان الجو العام للمجتمع الحالي يختلف عن مجتمعات الماضي ، فالمجتمعات الحالية تفتقد الى التجمعات النسائية التي كانت تجذ المرأة اليها ، اذ انقطع التواصل الحميم بين الجيران ، والزيارات المتبادلة ، التي كانت النساء يتباهين من خلالها بطبخهن وبترتيب منازلهن.

وتضيف: كنا في السابق نعيب على المرأة الرجوع للنوم بعد الفجر ، وكل واحدة منا تفتخر بالقدر الذي تستطيع أن تنجزه من أعمال المنزل ، والمرأة المنبوذة من نساء القرية هي تلك التي لا تنشر غسيلها أمام جاراتها ليرى مدى نظافته أو لا نشم بخور بيتها أو رائحة خبزها وقهوتها.

ايمان ابراهيم - ربة بيت - تقول: انا لا احب هذه العادة ابدا ، حتى لو لم يكن لدى المرأة ما تقوم به في الصباح ، يجب عليها ان تكون الى جانب زوجها واولادها حين يذهبون الى مدارسهم واعمالهم ، لكنني اعتقد ان الترف الكبير الحاصل في حياتنا هو المسؤول عن هذه الظاهرة ، ذلك ان العديد من المنازل اصبحت تعتمد على الخادمات ، وهذه المنازل هي التي نقلت العدوى الى المنازل الاخرى التي لا نجد فيها عاملات او خادمات ، فالانسان يتأثر بالجو المحيط به ، والنمط يفرض نفسه على المجتمع خاصة اننا مجتمعات تحترف التقليد في كل شيء.

ابو محمود - متقاعد - يقول: الزوج هو المسؤول الاول والاخير عن مثل هذه الظاهرة ، لأن سكوت الزوج عن نوم زوجته يغريها بممارسة مثل هذه الافعال ، فالزوجة هي انسانة والانسان ضعيف امام المغريات ، فاذا وجدت زوجا يستمرىء مثل هذه الحالة فانها ستمارسها ، اما اذا وجدت ان الزوج غير راض عن مثل هذه الممارسة فانها ستكون مجبرة على القيام بواجباتها البيتية مبكرا.

س . ع - ربة بيت - تقول: منذ أن تزوجت سكنت بحي لا أعرف فيه أحداً وكنت أستيقظ صباحا ولكن الملل كاد يقضي عليّ ، فليس هناك جيران أزورهم ويزورونني ، كما كنا عند أهلي ، فبدأت أسهر الليل على تصفح بعض مواقع النت ، وأحياناً على فيلم أنا وزوجي أثناء الإجازات وأنام بعد صلاة الفجر ، حيث لايكون هناك أي ارتباطات أو التزامات أقوم بها ، وأستيقظ عند صلاة الظهر لتجهيز الغداء لأبنائي وزوجي ، وأحياناً أطلب من المطعم المجاور الغداء.

د. نزار الصالح - أستاذ علم نفس - يقول: الحياة في الوقت الراهن أصبحت أكثر تغيراً وتعقيداً من ذي قبل فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية ، فالأسرة في بداية تكوينها تميل إلى الانفصال والاستقلالية عن الأسرة المركزية ، وأصبحت الحياة الأسرية تعتمد بشكل كبير على ما تتزود به الزوجة ، وما يتزود به الزوج من مهارات وقدرات لإدارة حياتهما الجديدة بعيدا عن توجيهات وخبرات الأسرة المركزية.

بطبيعة الحال إن تعقد الحياة الاجتماعية ، وزيادة التطور التقني ، وزيادة وسائل الاتصالات وتنوع القنوات الفضائية ، جعل تحديات الأسرة أكثر عمقا وقوة للأسرة الحديثة ، فالزوج الذي يسهر حتى الفجر لا يستطيع أن يلتزم بعمله بالشكل المطلوب ، وسوف يكون معدل إنتاجيته ضعيفا ، وتقديره في عمله منخفضا.

وأضاف: أما الزوجة وهي الجانب الأكثر أهمية لما لها من تأثير على الأسرة ككل فإن سهرها حتى الفجر يجعلها لا تستطيع النهوض بواجبات منزلها على أكمل وجه ، فهي من الناحية النفسية تشعر بالإحباط وعدم الثقة في النفس ، وسوء تقدير الذات ، الذي ربما يقودها إلى الشعور بالاكتئاب مع مرور الوقت ، وضياع الأسرة من ضياع الزوجة بالدرجة الأولى ، فهي مربية الأجيال وصانعة الرجال.

JoomShaper