القدس تنقب في قصص أجنبيات اعتنقن الإسلام ويحلمن بأن يكن داعيات في غزة
غزة – القدس من أسماء العرقان/ الوطن للصحافة - التف الجميع حولها على شكل حلقة، يتأملونها بكل ما في الكلمة من معنى، وكأنها كائن غريب لم يروا مثله من قبل، يتحدثون إليها ويتبادلون معها ضحكات خفيفة عندما يسمعون كيف تتحدث بتلك اللغة العربية الركيكة المختلطة باللغة الانجليزية، شيء يفهمونه وأشياء ينظرون فيها لبعضهم البعض ويضحكون، وجملة واحدة تتردد على ألسنتهم" هل حقاً كانت على غير دين الإسلام؟"، فزيها الشرعي ونقابها وحديثها بالقرآن والسنة تؤكد أنها ولدت مسلمة على الفطرة وليست على دين الإسلام منذ تسع سنوات فقط.
إنها الفرنسية المسلمة سارة التي رفضت ذكر اسم عائلتها لأسباب شخصية، جلست تروي لـ قصة إسلامها علها تكون عبرة لمن لم يعتبر.
شك يساورني
بنظرة باسمة مرحبة بدأت حديثها وكل العيون تنظر إليها بشوق لتتعرف على هذه الأجنبية التي شرح الله صدرها للإسلام تقول: "ولدت في أسرة عادية وكنا على دين المسيحية، عائلتي محافظة جداً ومتدينة، ولم أكن أعرف شيء عن الإسلام والمسلمين".
وأضافت: "لم أكن أفهم أن هناك إله واحد ولكن بداخلي لم أكن واثقة أن هناك ثلاث آلهة كما نردد في صلاتنا، وكان الشك يساورني في أن الراهب هو من يغفر الذنوب وهو من يمنحنا العفو والغفران".
شبكت سارة أصابعها أمام وجهها وبتنهيدة خفيفة تابعت: "عندما بدأت العمل في مجال الصحة سافرت لأكثر من دولة عربية واحتككت بالإسلام والمسلمين عن قرب ومن هنا بدأت أعجب بالدين الإسلامي وأقتنع بوجهة النظر الإسلامية".
آذان الفجر
شردت ببصرها لثواني معدودة كمن يستعيد من ذاكرته شيئاً وقالت: "عندما سمعت آذان الفجر لأول مرة انتابني شعور غريب وشعرت برهبة لم أعرف سرها، فقد وجدت في هذا النداء حلاوة لم أرها في ديانتي ومن يومها تغير نمط تفكيري كلياً.
وتابع: "سافرت إلى اليمن في شهر رمضان لزيارة أخي، وتفاجأت عند رؤيتي له، فقد رأيت أمامي إنسان آخر بلحية خفيفة وجلابية ووجه يشع نوراً، وأخبرني أنه أسلم فعانقته وتفاجأ لتصرفي وكذلك أنا".
همهمات مختلفة انطلقت من أفواه الجميع وتسبيحات نطقتها أخريات، وسارة تتابع قصتها "استضافني أخي في بيته وأهداني مصحف مترجم للغة العربية وطلب مني حفظه في مكان طاهر فنفذت دون فهم كلامه، ثم طلب مني الصيام فقبلت، وصليت تقليداً لحركاتهم ومع ذلك كله كنت أشعر ببهجة وفرحة ملأت فراغ حياتي، خصوصاً عندما سمعت الآية الكريمة: " إنما أنا بشر مثلكم".
لن أعود للكنيسة
عادت سارة إلى فرنسا وكانت في حالة بين القبول واللا قبول للدين الإسلامي، فاختلت بنفسها وبدأت تبحث عن كتب إسلامية وتقرأها، وأخبرت عائلتها أنها لن تعود للكنيسة مرة أخرى، وكانت تشعر بأن الله معها ويقويها كما تقول: "كان كل شيء خارج عن سيطرتي، وعناية الله توجهني"، حتى أعلنت إسلامها بينها وبين ربها، عاقدة النية على الإخلاص لله وللدين الإسلامي".
تصفيقات حارة انطلقت لا إرادياً من بين الجموع، فرحةً وتشجيعاً لسارة وهي تتابع "تقبل أهلي إسلامي بصدر رحب إلا والدي الذي خاصمني ما يزيد عن ستة شهور ولكن في النهاية تقبل الأمر فقد وجد عندي إصراراً لم يعهده فيّ من قبل".
اختارت سارة أن تسافر إلى فلسطين لتكون مع أهل الرباط وبين أمة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وتزوجت من رجل ساعدها على تثبيت الإسلام وشجعها على ارتداء الزي الشرعي، وبنبرة يشوبها الحزن قالت: "ليس هناك أجمل من أن تتزين المرأة لزوجها فقط، ولكنني رأيت فتيات يخرجن متزينات فشعرت بالألم لرؤيتهم وودت لو أستطيع أن أتحدث معهم ولكن لغتي تمنعني من الاتصال والتواصل إلا بواسطة مترجم".
تعلمت سارة قراءة القرآن من زيارتها المستمرة للمساجد على يد مدرسات بذلوا جهداً كبيراً في تحفيظها وقالت: " لا أنكر فضل مدرساتي في المسجد في تعليمي القرآن ولا أخفي عليكم أنني وجدت صعوبة كبيرة في حفظه، ولكن بحمد الله وعونه استطعت تخطي الصعوبات وباشرت بحفظ سورة البقرة".
حياة حرة
التفتت العيون إلى شابة في منتصف العمر، دخلت المسجد مع ابنتها للتتابع مع سارة قصة إسلامها هي الأخرى قائلة :"ولدت في أوكرانيا في أسرة متوسطة الحجم، وكان والدي مسيحي الديانة بينما أمي يهودية فكان لكل منهما آرائه وأفكاره التي تختلف عن الآخر"، مضيفةً :" كانت حياتي قبل الإسلام حياة حرة نلبس ما نريد، ونأكل كما نشاء، ونختلط بالرجال في أماكن مختلفة، فلم يكن هناك ما يمنعنا من فعل ما يحلو لنا".
صمتت فيكتوريا بعلوشة الأوكرانية المسلمة قليلاً وهي تتذكر تلك الأيام وتابعت :"أشكر الله الذي شرح صدري للإيمان بمعرفة زوجي عندما كنت طالبة جامعية حيث تعرفت به وعرض عليّ الزواج فقبلت فوراً دون تردد"، مشيرة إلى أنها عرضت الفكرة على أمها التي لم تمانع بدورها، على آلا تخبر والدها بقرارها بسبب طبعه الحاد وتشدده لديانته.
وضع مختلف
واستطردت قائلة :"طلب منى زوجي أن يكون عقد القرآن في المسجد وليس الكنيسة فقبلت ولكن بتردد وكنت أشعر بسعادة كبيرة"، مضيفةً:" لا أنكر أنني تمنيت في لحظة أن أرتبط برجل مسلم لما سمعت عن عدل الإسلام ورحمته".
وأوضحت بعلوشة أنها بعد عقد القرآن سافرت مع زوجها لتتعرف على مسقط رأسه فلسطين ولترى الإسلام والمسلمين قائلة :"عندما أتيت إلى غزة فوجئت بالوضع فلم يكن كما تخيلته من حديث زوجي فقد وجدت أناس لا ترتدي الزى الشرعي وفتيات تخرجن بدون حجاب وغيرها من الأمور المماثلة"، متابعة :"الوضع في بيت زوجي لم يكن أحسن حالاً، لأنني كنت أجنبية فقد كانت تطلب مني حماتي أن أخرج وأجلس مع الناس لتتباهى بي أمامهم بدلاً من أن تحرص عليّ كزوجة لابنها".
حرصت بعلوشة على ذكر فضل زوجها في تعليمها أصول الدين وأحكامه وكيفية الصلاة والعبادة والدعاء، ولفتت إلى أنه دائما ما كان يشجعها على حضور الدروس القرآنية والندوات الإيمانية لتتعلم منها أكثر عن الدين الإسلامي.
وأضافت :"على الرغم من أن زوجي الآن رجل مقعد ومريض إلا أنه حريص جداً على تثبيت العقيدة لدي ومساعدتي بكل ما يستعص عليّ في أمور الدين".
تربية وأنشطة
أنجبت فيكتوريا ثلاثة أبناء عملت جاهدة على تربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة فابنتها منى متفوقة في دراستها وحافظة لكتاب الله، وتساعد أمها في تحفيظ آخيها الأصغر لبعض السور الصغيرة.
التحقت بعلوشة بمركز فجر حيث شاركت بالأنشطة التي تديرها الجمعية فترة الإجازة الصيفية، وعملت فيه بأجر بسيط، كما حرصت من خلالها على تعلم اللغة العربية وكيفية قراءة القرآن بطريقة صحيحة خالية من الأخطاء إلى جانب الدروس الفقهية والأحاديث النبوية.
وأوضحت أنها تعمل على تعليم الصغار بما تقدر عليه وكذلك مساعدتهم في إعطاء الدروس باللغة الانجليزية واللغة الأوكرانية.
عائلتي أولاً
وفي معرض ردها على سؤال حول عملها كداعية وما قدمته للإسلام قالت:" عندما أتت والدتي في زيارة إلى غزة مكثت عندي حوالي أسبوع عملت جاهدةً معها ودعوتها لاعتناق الإسلام ووجدت عندها القبول ولكنني حتى الآن لم أنجح في جعلها تعلن إسلامها"، معربةً عن أملها في أن يأتي اليوم الذي تكون فيه داعية كبيرة وأن تنال شرف إسلام عائلتها بالمقام الأول".
وتطرقت في حديثها إلى الفترة التي قضتها أثناء الحرب على غزة وإلى الصعوبات التي مرت بها، والتي أدت إلى خروجها مع ابنها الصغير وابنتها منى والعودة إلى أوكرانيا تاركة ابنها الأكبر مع والده بسبب مرضه قائلة :"حتى الآن لا أعرف كيف خرجت وتركت زوجي وابني فأنا لم أكن بوعيي بسبب الحرب وحالة الخوف التي كنا عليها وكذلك بسبب القرار الذي كان ينص على خروج الأجانب من القطاع".
عدل الإسلام
ومن وحي التجربة الخاصة التي عاشتها بعلوشة قبل الإسلام وبعده أكدت حرص الإسلام على إعطاء المرأة كافة حقوقها وأنه لم ينتقص من قدرها شيئاً وكفلها كامرأة متزوجة وكفتاة في بيت أهلها وصان كرامتها وعفتها بعكس الأديان الأخرى التي حرفت حسب الأهواء.
وتمنت بعلوشة أن تصبح داعية كبيرة قادرة على نشر الدين الإسلامي في مختلف مناطق العالم لسماحة هذا الدين وقدرته على التعامل مع جميع مناحي الحياة على اختلاف أشكالها وأحوالها.
القدس تنقب في قصص أجنبيات اعتنقن الإسلام ويحلمن بأن يكن داعيات في غزة
- التفاصيل