كتب الشيخ الدكتور جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين
كم هو عظيم قلب الأم؟؟!! كم هو كبير عطاء الأم؟؟!!! كم هي ضخمة تلك التضحيات التي تضحيها الأم من أجل أولادها؟؟!!!! فهي تجوع ليشبعوا، وتسهر ليناموا، وتتعب ليرتاحوا ويطمئنوا

اذا أردنا ان نرى رحمة مجسدة في شكل انسان فلننظر الى أم وهي تحتضن أولادها، فهذا قد يُقرب الى أذهاننا شيئا فشيئا كيف هي رحمة الله بعباده واسعة

ينبغي على كل امرأة عندما تصبح أماً ان تحسن تجسيدها لرحمة الله في تربيتها لأولادها، لتكون في المقام الذي جعله الله لها من الطاعة والبر على أولادها

أنت أيتها الأم الملاذ الآمن والحضن الدافئ لبناتك، وخاصة في خضم هذه الحياة التي نعيشها والتي أصبحت الفتن تعصف بهن من كل جانب فلذا اقتربي منهن وقربيهن اليك، عيشي همومهن، كوني مستودع أسرارهن، اسمعيهن نصائحك واستمعي لهن. أيتها البنات أقول لكن:
ان الأم كنز ثمين لا يقدّر بأي ثمن، من حفظه حُفِظ، ومن أهمله هلك
الأم هي القلب الرقيق الذي يحس بنا كلما اشتدّ بنا الألم، وضاق بنا الزمان فحافظن على أمهاتكن

على كل زوجين أيضاً أن يعلما أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة بينهما، فمن الطبيعي ان يحدث سوء تفاهم وخلافات بينهما

قال الشاعر:
اني لأمنحك الصدود وانني
قسماً اليك مع الصدود أميل

ان مما يدعو للأسى ان كثيراً من الزوجات لا يحسن التعامل عندما تغضب من زوجها فهي لا تهجر اسم زوجها فحسب..بل تهجر خِدمته! وتهجر الحديث معه؟! وتهجر النظر اليه، ان أراد الحديث معها!

انّ القلوب اذا تنافر وِدها = مِثل الزجاجِ كسرُها لا يُشعبُ

اننا لا نتصور الأنثى الا ان تكون لبقة في حال الغضب وفي حال الرضا، واللباقة هي الكلمة المناسبة والفعل الملائم ورد الفعل الذكي، واستخدام آداب التحدث والتعامل والكياسة ويشمل ذلك الذكاء والحكمة والفطنة في التعامل مع الآخرين

لقد أعطتنا السيدة عائشة رضي الله عنها درساً في اللباقة واللطف عند الغضب من الزوج فلقد أجابت جواباً في غاية اللطف فقد أخبرت أنها اذا كانت في غاية الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا يغيرها عن كمال المحبة المستغرقة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وانما عبرت عن الترك بالهجران لتدل به على أنها تتألم من هذا الترك الذي لا اختيار فيه

شعور أم ببناتها

عنْ عائِشة أنّها قالتْ جاءتْنِى مِسْكِينةٌ تحْمِلُ ابْنتيْنِ لها فأطْعمْتُها ثلاث تمراتٍ فأعْطتْ كُلّ واحِدةٍ مِنْهُما تمْرةً ورفعتْ الى فِيها تمْرةً لِتأْكُلها فاسْتطْعمتْها ابْنتاها فشقّتِ التّمْرة التي كانتْ تُرِيدُ ان تأْكُلها بيْنهُما فأعْجبنِى شأنها فذكرْتُ الذي صنعتْ لِرسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم- فقال «ان اللّه قدْ أوْجب لها بِها الْجنّة أوْ أعْتقها بِها مِن النّارِ».(1).
قصة مؤثرة، وحكاية معبرة، نستشعر من خلالها كم هو عظيم قلب الأم؟؟!! كم هو كبير عطاء الأم؟؟!!! كم هي ضخمة تلك التضحيات التي تضحيها الأم من أجل أولادها؟؟!!!! فهي تجوع ليشبعوا، وتسهر ليناموا، وتتعب ليرتاحوا ويطمئنوا.
هذا هو أنموذج الأم المثالية............
وهذا هو الحال الذي ينبغي ان تكون عليه كل أم في رقتها وعطفها وحنانها وشفقتها على أولادها لا فرق عندها بين ذكر أو أنثى، ولا بين كبير أو صغير، ولا بين غني منهم أو فقير.
فالأم هي أكبر مدرسة للرحمة في الحياة الدنيا، فاذا أردنا ان نتعلم الرحمة في اسمى معانيها بين البشر من حولنا فلننظر الى أم.....
اذا أردنا ان نرى رحمة مجسدة في شكل انسان فلننظر الى أم وهي تحتضن أولادها، فهذا قد يُقرب الى أذهاننا شيئا فشيئا كيف هي رحمة الله بعباده واسعة.
فالأم منذ ان أصبحت أمًّا أصبحت دالة على رحمة الله سبحانه وتعالى، فالأم بلسانها ويديها وكل ذراتها تجسيدٌ لرحمة الله سبحانه وتعالى في الأرض، ونموذج من المائة جزء الذي أنزله الله سبحانه وتعالى الى الأرض.
منذ اليوم الذي حملت فيه وأنجبت واكتسبت كلمة «أم» أصبحت غالية على الله سبحانه وتعالى، وأصبحت نموذجا يعرض رحمة الله سبحانه وتعالى في الأرض.
ولقد عرفنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا عندما قدِم بسبْيٍ فاذا امْرأةٌ مِن السّبْيِ تسْعى، اذْ وجدتْ صبياً في السّبْيِ أخذتْهُ فألْزقتهُ بِبطْنِها فأرضعتْهُ، فقال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتروْن هذِهِ المرْأة طارِحةً ولدها في النّارِ؟» قُلْنا: لا واللهِ.فقال: «للهُ أرْحمُ بِعِبادِهِ مِنْ هذِهِ بِولدِها» مُتّفقٌ عليهِ.(2)
ولذا أصبح أمر برها وطاعتها يساوي الكثير في ميزان الحسنات عند الله تعالى، فعن أبي هريرة قال: جاء رجلٌ الى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال:أمك قال: ثم من؟ قال:أمك قال: ثم من؟ قال؟ أمك قال: ثم من؟ قال أبوك).(3).

بر الأم سبيل الجنة

بل ان كل من أراد ان يبحث عن الجنة فانه سيجد طريقها في بر أمه فعن معاوية بن جاهمة السلمي قال: أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله اني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة.قال: (ويحك أحية أمك؟) قلت: نعم.قال: (ارجع فبرها) ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله اني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة.قال: (ويحك أحية أمك؟) قلت: نعم.يا رسول الله قال: (فارجع اليها فبرها) ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله اني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة.قال (ويحك أحية أمك؟) قلت نعم.يا رسول الله قال (ويحك الزم رجلها.فثم الجنة)(4).

بر الأم مكفر للسيئات

بل وحتى من فعل الذنوب والخطايا ويبتغي المغفرة من الله ويحب ان يتقرب اليه بأفضل الأعمال اليه ليكفر خطيئته ويمحو حوبته فانه لن يجد عملاً أقرب الى الله من بره بأمه فعن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أتاه رجل فقال: اني خطبت امرأة فأبت ان تنكحني وخطبها غيري فأحبت ان تنكحه، فغرت عليها فقتلتها فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا قال: تب الى الله عز وجل وتقرب اليه ما استطعت.فذهبت فسألت ابن عباس لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: اني لا أعلم عملا أقرب الى الله عز وجل من بر الوالدة(5).
فلذا ينبغي على كل امرأة عندما تصبح أماً ان تحسن تجسيدها لرحمة الله في تربيتها لأولادها، لتكون في المقام الذي جعله الله لها من الطاعة والبر على أولادها.

لا تفرقي بين ذكر وأنثى فالتفرقة مفسدة

ترتكب بعض الأمهات خطأ جسيما في تربية بناتهن، ألا وهو تفضيل الذكور عليهن، وربما يكون هذا الأمر غير مقصود من الأم، ولكنه يأتي عفويا في بعض الأحيان فلا تنتبه اليه الأم، ولكن البنات يحسسن به ولكن لا يجرؤن على ان يتحدثن فيه، فيصبح هذا الأمر بمرور الوقت مشكلة متجذرة ومؤثرة، تنقلب آثارها على البنات مع أمهم، بل على الأسرة ككل، وربما يزيد الأمر حتى يصير قضية اجتماعية لها نتائجها على المجتمع كله.
ان من الطبيعي بالنسبة للأم التي أنجبت ذكراً على عدد من البنات الاناث ان يطير قلبها فرحا به وطرباً لمجيئه بعد طول انتظار، وأن تتفنن في تدليله..لكن من غير المقبول أبدا ان تمنحه السلطة المطلقة في ضرب واهانة أخواته البنات، وهذا الأمر- وللأسف - يبتلى به بعض البيوت، فترى الأم تجبرهن على خدمته وتدليله وعدم المساس به وعدم جرح مشاعره!! حتى وان أخطأ في حقهن وأساء اليهن، وهي من حيث لا تدري تشعل ناراً مستعرة في قلوب بناتها تجاهها وتجاه أخيهم.
وكذلك من الأخطاء التي يقع فيها بعض الأمهات تجاه بناتهن عدم فهم مشاعرهن والانشغال عنهن وعن توجيههن وتأديبهن.
فعلى كل أم ان تتقي الله في بناتها، وتتنبه الى احتياجاتهن العقلية والفطرية والجسدية والتربوية، وأن تراعي بعض الأمور عند توجيهها لبناتها التوجيه الصحيح، فالأم هي أول قصّة حبّ بالنسبة اليها، وان الرابط بينهما سيستمرّ مدى الحياة.
أختي الأم: ان التربية في مفهومها الصحيح تعني الحنان المغدق والعناية والتوجيه السليم..بل والشعور بالحب الدائم، وحسن التوجيه لغرس القيم والمبادئ، والتفريق بين الحلال والحرام والمسموح والممنوع بأسلوب هادئ ورصين ومؤثر.
وأنت أيتها الأم الملاذ الآمن والحضن الدافئ لبناتك، وخاصة في خضم هذه الحياة التي نعيشها والتي أصبحت الفتن تعصف بهن من كل جانب فلذا اقتربي منهن وقربيهن اليك، عيشي همومهن، كوني مستودع أسرارهن، اسمعهن نصائحك واستمعي لهن، انقصي من عمرك وسنك وعيشي معهن كأنك في مثل سنهن وأعمارهن، وبذلك ستكونين أغلى ما عندهن، وتيقني عندها أنهن لن يخرجن عن نصائحك وتوجيهاتك قيد أنملة، لأنك بحق كنت (أماً) وكفى بهذا شرفاً ونبلاً.
أيتها الأم: أنتِ رمز الرحمة، وأنتِ عنوان الرحمة، وأنتِ من أودع الله فيكِ سرًّا تستطيعين به ان تقومي بمهام لا يستطيع ان يقوم بها الرجال، بل وأن تقومى بعشر مهام في الوقت نفسه، أنت الوحيدة التي تعرفين كيف تتجاوبين مع أدق احساس لأبنائك وبناتك وهذا لك أنت أيتها الأم؟ فهذا سر الهيٌ.

أيتها الأمهات:

ان أي امرأة يمكن ان تحمل وتضع، وترضع وتغذي الجسم...كل هذه أعمال يجازي الله عز وجل أحسن الجزاء ويجزل ثوابها كلما حضرت النية وعظمت.لكن ليست كل امرأة هي أم حقيقية، فان المرأة لا ترقى لمقام الأمومة ان أهملت ولدها ولم تحرص على تغذية روحه وعقله وفكره وتربيته تربية سليمة، حتى يعرف خالقه ويفهم رسالته في الأرض.
ان الفرق شاسع بين الأم والوالدة، فان كانت الوالدة تضع الأجسام وترعاها فحسب، فان الأم تتولى رعاية الأرواح والأجسام معا.
دور الأم تربية الولد ليحيى عابدا لله صالحا مصلحا، وهذا ما رفعها الى مقام القداسة حيث ذكرها الله عز وجل في كتابه العزيز حين قال تعالى: «ووصينا الانسان بوالديه احسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا»(6).
ان الأم تربي الذرية وتلقنها أمانة الايمان برفق ورحمة وحنان، فتؤدي بذلك وظيفة محورية في المجتمع بدونها تنفصم عراه ويستأصل معنى الانسانية منه.

وأخيراً أيتها البنات أقول لكن:

ان الأم كنز ثمين لا يقدّر بأي ثمن، من حفظه حُفِظ، ومن أهمله هلك.
الأم هي القلب الرقيق الذي يحس بنا كلما اشتدّ بنا الألم، وضاق بنا الزمان الأم اذا فُقِدت فُقِد الفرح، فهي السعادة في أبهى حللها واسمى معانيها.
فحافظن على أمهاتكم

سمو المشاعر بين الأزواج

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «قال لي رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم: «انِّي لأعلمُ اذا كنتِ عنِّي راضيةً، واذا كنتِ على غضْبى»، قلتُ: كيف يا رسول الله؟ قال:«اذا كنتِ عنِّي راضيةً، قلتِ: لا، وربِّ محمّدٍ، واذا كنتِ على غضْبى، قلتِ: لا، وربِّ ابراهيم»، قالت: «أجلْ، واللهِ ما أهجر الاّ اسمك»(7).

رقة الاحساس بالآخر

هذه القصة تمثل أعلى واسمى أنواع الاحساس والشعور بين الرجل وزوجته فعلى الرجل ان يفهم كيف تتبدل مشاعر زوجته فيعرف رضاها من غضبها، وفرحها من حزنها على هذا النحو، وعليه ان يتعامل معها كما هي ويتقبل تقلبات أمواج مزاجها وفكرها التي ترتفع وتنخفض في أيامها ولياليها، بل ويشاركها في همومها وأحزانها، فيفرح عند فرحها، ويحزن عند حزنها، ويهتم ويغتم لهمها وغمها، ويشعرها أنه مهتم بأمرها ومستشعر لتقلباتها وتغيراتها ومحس بها.
وعلى كل زوجين أيضاً ان يعلما ان الحياة لا تسير على وتيرة واحدة بينهما، فمن الطبيعي ان يحدث سوء تفاهم وخلافات بينهما.
وان هذه الحكاية لتحكي لنا أنموذجاً رائعاً للتحاور بين الزوجين وكيف يكون العتاب بينهما بكل رقي وأدب وعتاب لطيف.
وان العِتاب اللطيف مع تأكيد المحبة، هو أبقى لحبائل الوِد..
وهو أسكن لنفس الطرف المخطئ، وأحفظُ لمشاعره.
وكم نحن بحاجة لاتقان فن المُصالحة، والتلميح بالخطأ..
والعتب اللطيف الخفيف الذي لا يُشعر الآخر بأن مشاعِر الوِد قد خبتْ، وأن جسور المحبة قد هوت.
لِتتأمل كل زوجة العِتاب اللطيف الذي تمارسه عائشة – رضي الله عنها - فهي عندما تغضب لا تهجر الا اسم الرسول عليه الصلاة والسلام.
وليست تهجر مناداته، ولكنها تهجر ايراد اسمه حين تحلِف.
عِتاب خفي لطيف منها – رضي الله عنها – تعتب فيه على زوجها مع ابقائها للمحبة بينهما.
وكما قال الشاعر:
اني لأمنحك الصدود وانني
قسماً اليك مع الصدود أميل

انها لتضرب لنا أروع المثل في فن اللباقة في حال الغضب وعدم الرضا عن الزوج، فهي تترك التسمية اللفظية فقط، أما قلبها ووجدانها فلم يفارق ولم يترك التعلق بذاته الكريمة مودة ومحبة واحتراماً وتقديراً.
وكذلك عندما أبدى لها احساسه بها وبمشاعرها لم تنس لطفه صلى الله عليه وسلم وتلمسه مشاعرها ومعرفة حال الرضا وحال الغضب عندها، فأجابت بكل أدب ومحبة: أجلْ، واللهِ ما أهجر الاّ اسمك.
فوجدت في حياتها الزوجية كل ما يسعدها في حياتها الزوجية من فرح وسرور‏، ‏ ومن ابتهاج وحبور‏، ‏ ومن ممازحات لطيفة‏، ‏ ومن عبارات رقيقة‏، ‏ ومن بشارات عظيمة‏، ‏ ومن معاملة كريمة‏، ‏ زادتها قوة في ايمانها وسمواً في سلوكها وشجاعة في النطق بكلمة الحق، وعلما نافعا يسمو بأمور دينها وبشؤون دنياها.

عدم الأدب في الغضب مدمر للحياة الزوجية

وان مما يدعو للأسى ان كثيراً من الزوجات لا تحسن التعامل عندما تغضب من زوجها فهي لا تهجر اسم زوجها فحسب..بل تهجر خِدمته! وتهجر الحديث معه؟!
وتهجر النظر اليه، ان أراد الحديث معها!
يحصل بينهما خِلاف، فيعلم أهل البيت جميعًا بهذا الخلاف! بسبب هذا الهجر (غير الجميل) والذي يحرِج ويجرح زوجها.
وتظن أنها بِفعلها هذا تثأر لكرامتها! وتقوّم زوجها!
وما علمت، أو ما أدركت قوله عليه الصلاة والسلام «ما كان الرِفقُ في شيءٍ الا زانه، وما نُزِع مِن شيءٍ الا شأنه»
هذا مطلوب مع سائرِ الناس، فكيف مع الزوج الذي جمعت بينها وبينه المودة والرحمة والسكنى؟؟ ان اصرار الزوجة على معاقبة زوجها بمثل هذه القسوة، واشعاره بأنه صاحِب خطأ لا يُغتفرن وذنب لا يسامح عليه ينفر الزوج مِن المُصالحة والبحث عن الصُلح..
ثم قد ينفر منها وحينها ستشكو ندامة.
وكما قيل:
ان القلوب اذا تنافر وِدها = مِثل الزجاجِ كسرُها لا يُشعبُ

دقة عالية في استقراء مزاج الزوجة

يجب على كل زوج وزوجة ان يكون عند كل واحد منهما جهاز استشعار عن بعد، ويكون هذا الجهاز مصنوعاً من شدة الاهتمام والاحساس والشعور، ليتمكن من خلاله ان يعرف أحوال الرضا والغضب، والحزن والفرح، والصحة والمرض عند الطرف الآخر.
فلقد بلغ من دقة عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاعر عائشة رضي الله عنها حتى صار يعلم رضاها وغضبها من مجرد كلامها وحلفها في هذا الحديث.
قال الحافظ بن حجر (قوله: اني لأعلم اذا كنتِ عني راضية..الخ) يؤخذ منه استقراء الرجل حال المرأة من فعلها وقولها فيما يتعلق بالميل اليه وعدمه.
أيُّ ملاحظة أرق من هذه الملاحظة؟؟!!
وأي تودد ألطف من هذا التودد؟؟!!!
انه الخلق النبوي العظيم، يوجهنا معاشر الأزواج أحسن توجيه، ويوجه كذلك الزوجات أفضل توجيه.

نصيحة للزوجات

أيتها الزوجات: اننا لا نتصور الأنثى الا ان تكون لبقة في حال الغضب وفي حال الرضا، واللباقة هي الكلمة المناسبة والفعل الملائم ورد الفعل الذكي، واستخدام آداب التحدث والتعامل والكياسة ويشمل ذلك الذكاء والحكمة والفطنة في التعامل مع الآخرين.
فاتسمي باللباقة لتستمتعي بدوام العلاقة بينك وبين الآخرين.
وصدق رسولنا الكريم عندما قال: «ان من البيان لسحراً»(8) و«الكلمة الطيبة صدقة»(9) فلقد أعطتنا السيدة عائشة رضي الله عنها درساً في اللباقة واللطف عند الغضب من الزوج فلقد أجابت جواباً في غاية اللطف في الجواب فقد أخبرت أنها اذا كانت في غاية الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا يغيرها عن كمال المحبة المستغرقة ظاهرها وباطنها الممتزجة بروحها، وانما عبرت عن الترك بالهجران لتدل به على أنها تتألم من هذا الترك الذي لا اختيار فيه.

هوامش:
1 - مسلم 2630.
2 - البخاري 5999 ومسلم 2754.
3 - البخاري 5626 ومسلم 2528.
4 - ابن ماجه 2781 قال الألباني: صحيح.
5 - البخاري في الأدب المفرد ج 1ص15قال الشيخ الألباني: صحيح.
6 - الأحقاف الآية 15.
7 - رواه البخاري 4930 ومسلم 2439.
8 - البخاري 4851.
9 - البخاري 2827 ومسلم 1009.

JoomShaper