د. أمينة منصور الحطاب
هل أنت راضٍ عن نفسك وعن حياتك وعن الآخرين ...؟ هل تعتقد أن حياتك مرضية ومشبعة تحقق فيها طموحاتك وتوظف قدراتك إلى أقصى حد ممكن ...؟ هل بحثت عن السعادة في الحياة...؟ هل وجدتها...؟ هل تعيش الحياة التي تستحقها...؟ أسئلة كثيرة تدور في الأذهان وتحرك الوجدان تجعلنا نبحث عن إجابات لها في كل مكان :في أنفسنا وذواتنا، في مجريات الحياة اليومية، في عيون الآخرين ،وفي العالم بأسره علنا نظفر بإجابة تشفي الغليل، وتريح الفؤاد .لقد عاش الإنسان باحثاً عن معنى وهدف وقيمة تجعل حياته جديرة أن تعاش.
علم النفس الإيجابي
لقد جاء علم النفس الإيجابي ليركز على تحسين الأداء النفسي الوظيفي العام للإنسان إلى ما هو أبعد من مفهوم الصحة النفسية بمعناه التقليدي. ويهتم ببحث محددات السعادة البشرية، والتركيز على العوامل التي تفضي إلى تمكين الإنسان من العيش حياة مرضية ومشبعة يحقق فيها طموحاته ويوظف فيها قدراته إلى أقصى حد ممكن ووصولاً إلى الرضا عن الذات وعن الآخرين وعن العالم بصفة عامة.

فلسفة علم النفس الإيجابي
إن فلسفة علم النفس الإيجابي تقوم على فكرة مفادها أن الانسان يملك العديد من الخصال والفضائل الإيجابية الكامنة وغير المستثمرة في حياته اليومية، وأن تعظيم وتفعيل مصادر القوة لديه، كالصبر، والشجاعة، والأمل، والتفاؤل واليقظة العقلية والتدين والأخلاقيات والأمانة...قد تمثل سداً وحاجزاً منيعا ضد وقوعه في براثن الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية...وبالنهاية تجعل حياته تستحق أن تعاش لما يتمتع به من رفاهية وسعادة، وتحمل للمسؤوليات الملقاة على عاتقه.
وفي الجانب التربوي
وفي الجانب التربوي أكد العلماء على الدور الفعال لعلم النفس الإيجابي في العملية التعليمية ،فهو يعمل على تنمية دافعية الطلبة ،وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وتنمية الجوانب الإيجابية والانفعالية والإبداعية لديهم، وجعلهم أكثر تفاؤلا ومرونة وأملاً في المستقبل، وهذا بدوره سوف يؤثر تأثيراً إيجابياً في عملية التحصيل والتفوق؛ لأنه سوف يفتح أمامهم مجالاً للتركيز والإبداع، والتحمل، والثقة بالنفس ،والمرونة في التعامل مع المشكلات التي قد تواجههم أثناء الدراسة وتقديم الاختبارات، خاصة وأن مساندة الطالب بصفة عامة والمضطرب بصفة خاصة وتنمية النواحي الإيجابية لديه من قوة وتفاؤل وشجاعة وأمانة ومثابرة تكون أكثر فاعلية وأهمية من التركيز على علاج الاضطراب أو الضعف الذي يعاني منه الطالب أو إزالة مشكلته فقط، وبصفة عامة يعد التعزيز الإيجابي أفضل وأهم من التعزيز السلبي خاصة في الميدان التعليمي؛ لأن التعزيز الإيجابي يسهم أكثر في علاج المشكلات السلوكية المتعلقة بالمجال التعليمي كالتأخر الدراسي، والتشتت ،وعدم التركيز، وصعوبة التحصيل، وعلى ذلك فإن علم النفس الإيجابي يسهم بدور كبير في تقويم وتنمية شخصية الطالب، وتنمية نواحي القوة لديه وبالتالي فإنه يسهم في تحصينه مما قد يواجهه من مشكلات تتعلق بالعملية التعليمية.
دور علم النفس الإيجابي
لا يقتصر دور علم النفس الإيجابي في الميدان التربوي على الطالب فقط، ولكنه يمتد ليسدي خدماته إلى المعلم والمدير والمدرسة بأكملها؛ إن تفاعلات المعلم الإيجابية مع طلبته في قاعات الدرس تسهم في تحقيق الكثير من الآثار الإيجابية في نفوس الطلبة، وتؤثر بشكل إيجابي على مستوى تحصيلهم وفهمهم؛ لذا يجب العمل على وجود بيئة تربوية إيجابية تدعم العملية التعلمية –التعليمية.
المعلم الايجابي
لقد تبين من خلال العديد من الدراسات أن المعلم الإيجابي الذي يحاول الكشف عن الإيجابيات في شخصية وسلوك طلبته يكون أكثر تأثيراً في نفوسهم من المعلم الذي يحاول تذكيرهم دائما بالسلوك السيئ، كما أن الاعتمادعلى أساليب وتكنيكات إيجابية من قبل المعلم وادارة المدرسة يسهم في التغلب على المشكلات التربوية والنفسية والسلوكية التي تواجه الطلاب في سياق حياتهم اليومية.

JoomShaper