عمان - يستحيل وجود العلاقات السليمة إن خلت هذه العلاقات من بعض الشجارات والخلافات؛ فهذه الخلافات هي ملح العلاقات بين الأزواج والأهل والأصدقاء وزملاء العمل وغيرهم، لكن يجب أن تكون خلافات صحية لتساهم في تقوية هذه العلاقات ولتحل المشكلات التي بين المتشاجرين ولتقرب وجهات نظرهم. فقد أثبتت الدراسات بأن الأزواج الذين يتشاجرون كثيرا يحبون بعضهم أكثر من غيرهم من الأزواج؛ ويعود ذلك لأنهم يلجؤون للخلافات الصحية ويواجهون الواقع للوصول إلى الحلول بدلا من تراكم المشاكل وبالتالي استعصاء حلها.
من شروط الخلافات الصحية:
- عدم أخذ الموقف شخصي، وعليك أن تعرف وتعرف الاخر انك تحبه وتكن له الاحترام ولكنك غضبت أو اختلفت معه على أمر معين وليس عليه كشخص.
- عليك الابتعاد عن التراكم، واللجوء إلى حل المشكلات أولا بأول.
- الحفاظ على الاحترام، يجهل أناس كثيرون أهمية الإبقاء على الاحترام بينهما في علاقتهما وتعود أغلب حالات الطلاق بين الأزواج في المجتمع لهذا الأمر، إذ من الممكن أن يغفر كلا الطرفان لبعضهما أمورا كثيرة، ولكن حين يتعلق الأمر بالكرامة، فمن الصعب هنا الغفران.
- تذكر أن الهدف من الشجار هو حله وتقريب وجهات النظر، وعبر للآخر عن ذلك، وتذكر ان الآخر ان أحس انك تهاجمه فإنه سيأخذ الموقف الدفاعي ولن يستمع لك.
- دائما ضع نفسك مكان الآخر وحاول أن تفكر لو كنت مكانه ماذا كنت أن تفعل.
- الحفاظ على السرية التامة: فلا تدع أحدا يتدخل بينك وبين الشخص الذي تتشاجر معه مهما كان السبب.
- انتقاء الألفاظ بعناية وعدم استخدام الألفاظ والكلمات الجارحة.
- التركيز على المشكلة الحالية، وعدم تذكير الطرف الآخر بالمشكلات السابقة والمواقف السابقة.
- عدم التعميم كأن نقول "أنت دائما تهملني"، وهذا الأمر منتشر أكثر عند النساء.
- راع الاختلافات بين البشر؛ فلا يوجد اثنان متشابهان في كل شيء، وخصوصا الرجال والنساء.. فاعلم أن النساء يستخدمن التعميم مثلا كما ذكرنا آنفا دون قصد، وأنهن يعرن اهتماماً أكبر للمشاعر وللكلمات، أما الرجال فيلجؤون للصمت للتفكير في الموضوع ولاتاحة الفرصة للمرأة أن تهدأ وليس لأنهم يريدون الهروب من الموقف ولا لأن "السكوت علامة الرضى".
- مهما كبرت المشكلة يجب الاتفاق على حلها قبل حلول المساء، فالقطيعة سيئة جداً والحقد يؤذي الحاقد قبل أن يؤذي غيره.
- أخذ المبادرة في التحدّث إلى الآخر عبر إلقاء السلام عليه، مع الحفاظ على التواصل البصري، ليفهم الآخر الرغبة في التعالي على الخلاف. وعندئذٍ، يتمّ تجنّب الحديث عن الخلاف في بداية الحوار، مع الحفاظ على الاتزان الكامل في إدارة الحوار.
- إظهار اللباقة عبر دعوة الآخر إلى شرب القهوة أو إلى تناول الغداء، وذلك لمتابعة مناقشة الخلاف بين الطرفين. وخلال الجلسة، من الضروري عدم التطرّق إلى أصل الخلاف في بدايتها، بل محاولة إظهار أهميّة العلاقة التي تربط بين الطرفين، مع الحفاظ على جلسة مستقيمة وإسناد الظهر على المقعد.
- يجب الوصول إلى حل جذري ونهائي للموضوع بالاتفاق حتى لا تتراكم المشاكل.
أما عن الشجار بين الأطفال..
فمن المهم ترك الفرصة لهم بالشجار حتى يتعلموا مواجهة أمورهم بأنفسهم وحل المشكلات التي تواجههم؛ فطفلٌ لم يكن لديه فرصة للشجار ربما يتحول بسهولة لمراهق يواجه صعوبات في التمييز بين العنف والاحتياج المشروع للتعبير عن الرأي
لذا فإن تدخل الكبار في مشكلات الأطفال يجب أن يكون مدروسًا، فالشجار جزء مهم من مراحل نموهم ويساعدهم على الاعتماد على أنفسهم، فطفل اعتاد البحث عن والديه حين يعترضه أي موقف غير لطيف، لن يستطيع أن يتصرف لاحقا حين يختلف مثلا مع زوجته، إنه طفل لا يشعر بالأمان.
ولأن الخلافات جزء من الحياة وتمثل للطفل جانبا مهما من جوانب نموّه، وبصرف النظر عن شكل التدخل فإن الهدف منه في النهاية هو إكساب الطفل المهارات الاجتماعية اللازمة له لبناء علاقته بالآخرين، لذا علينا لدى التدخل في خلافات الطفل مع الأطفال الآخرين أن يكون الهدف هو تعليمه كيف يتقبل الآخر، ويتعاطف معه، وكيف يعبّر بطريقة سليمة عن رغباته وكيف يؤجل تحقيق بعضها أحيانًا ويضع لها بدائل مختلفة، وهذه المهارات معقدة بالطبع وقد لا يفهمها بعض البالغين، لذا فهي تستغرق وقتا كي يتعلمها الطفل، وعلينا خلال هذا الوقت أن ندعمه دائما.
* ميس طملية