فاجعة مروى الشربيني لا تزال تؤرق حياة المسلمين في الغرب وتنغص عليهم حياتهم، وهم يعيشون في بلاد ظنوا أنهم سيكونون في مأمن من عاديات الدهر ومصاعب الحياة، فإذا بهم يواجهوا نوعاً جديداً من التهديد لم يكن ليخطر في بالهم، وقد اعتقدوا أنهم انتقلوا من بلدانهم إلى الغرب لينعموا بالأمن والحرية بعيداً عن الخوف والرعب الذي فرض عليهم في بلدانهم، إما بفعل الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية الشمولية، أو بفعل الحروب في بلدانهم التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل، أو هرباً من الفقر والحاجة والبطالة، أو سعياً إلى عيش كريم قد افتقدوه في بلدانهم.

الغرب ذلك الحلم الوردي الذي يراود عقول أبناء بلدان العالم الثالث وفي مقدمتهم العرب والمسلمين أصبح حلماً مرعباً وكابوساً مخيفاً، وقد اكتشف هؤلاء أن هذا الغرب تقوم على أرضه ثقافة صناعة الكره للعرب والمسلمين، القائمة على عنصرية دينية مقيتة متشددة تقوم على شعارات حقوق الإنسان وحرية الرأي والعبادة، وعشرات الشعارات الزائفة التي يطلقها إرهابيوا الغرب، وإلا فكيف نفسر إصابة مروة الشربيني بـ 18 طعنة قاتلة في مختلف أنحاء جسدها من إرهابي ألماني، إلا نهاية طبيعية لاحتقان دام أشهر قبل وقوع الجريمة بمطاردة هذا الإرهابي لمروة ومحاولاته المتكررة لنزع الحجاب عن رأسها.. أليس هذا نوع من صناعة الكراهية المبرمجة والمقننة للعرب والمسلمين، ونتيجة طبيعية

حصادها مقتل مروة في قلعة العدل التي يدعونها وأمام مرأى ومسمع رجال الأمن والقضاة والمحلفين وعامة الناس!؟

 

لقد تبنى الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية صناعة الكره للعرب والمسلمين، ولعل سجون غوانتنامو وأبو غريب وافغانستان، والسجون السرية المزروعة في بعض دول أوروبا أو المتنقلة عبر الطيران شاهد لا يحتاج إلى أي دليل لتبني الغرب لسياسة صناعة الكره للعرب والمسلمين، وقد قالها بوش الابن صراحة وفي رابعة النهار، وهو في سدة رئاسة أقوى وأكبر دولة في العالم (إننا نخوض حرباً صليبية ضد المسلمين).. أليس ما قاله هذا البوش هو تجسيداً لفن صناعة الكره للعرب والمسلمين وذروة ما يسعى إليه الغرب في تقنين ومنهجية صناعة الكره للعرب والمسلمين من رأس الهرم حتى قواعده وأساساته!؟

وما قاله بوش وما نشاهده من وقائع وحقائق على الأرض في هذه الأيام هو استمرار للمسلسل الذي بدأ بالحملة الفرنسية على مصر واحتلال الجزائر وغزو ليبيا وعُمان واتفاقية سايكس _ بيكو، وكتاب بلفور، والهجمة السافرة على بلداننا وتمزيق أوصالها وتقطيع أشلائها ونهب ثرواتها وغسل أدمغة أبنائها منذ ما يزيد على قرن.. ولا نزال نلهث على أعتاب الغرب نستجدي الحلول لقضايانا التي لم يبق منها إلا الشعارات والأحلام، وقد تبخرت ولم يعد منها إلا الأطلال والبكاء عليها.

فمتى يستفيق العرب والمسلمين من كبوتهم التي تلامس السكتة القلبية وتقترب من الجلطة الدماغية، ويستعيدوا توازنهم ويثوبوا إلى رشدهم ويضعوا بأيدهم خطط الحلول لقضاياهم ومشاكلهم.. وهم الأحق والأجدر بتحمل هذه المسؤولية، وإلا فالمستقبل أسود حالك.. ليله طويل وطويل.. وحصاده مر وعلقم؟!

محمد فاروق الإمام

JoomShaper