يمتلك المطبخ الشامي العديد من أنواع الأطعمة والمأكولات التي تميزه عن المطابخ العربية والعالمية وتزين مائدة رمضان عدة مقبلات لا تكاد تغيب عن وجبة الفطور كالفول والحمص والفتوش والشوربات. وتأتي الفتة في مقدمة الأكلات التي يفتخر الدمشقيون بنسبتها لهم ويتغنون بوجودها على موائدهم صباح كل جمعة وفي سحور وفطور رمضان ويتفنن أصحاب المحال والسيدات في المنازل بتحضير هذه الأكلة الشعبية التي تعد من أشهى الأطباق الشامية وتزيينها بأنواع المكسرات كالجوز واللوز والصنوبر والكاجو والفستق الحلبي.
وتصنع الفتة من مكونات ذات قيمة غذائية عالية وتكلفة محدودة ما يجعلها أكلة الفقراء والأغنياء على السواء.
ويقول أبو ابراهيم البلعة صاحب محل مأكولات شعبية في منطقة الشعلان بدمشق إن الفتة اكلة شامية بامتياز وعمرها مئات السنين وتتميز بانتشار واسع بين مختلف الفئات العمرية والاجتماعية ولايقتصر زبائنها على اهل الشام وانما هناك زبائن من مختلف المحافظات وسياح من خارج سورية أحياناً.
وأشار أبو ابراهيم إلى أن سر نجاح الأكلة واستمرارها هو قيمتها الغذائية وتكلفتها القليلة وإمكانية صنعها في البيت إضافة إلى جودة المواد التي تصنع منها والتتبيلة الخاصة التي تميز كل محل وبالتالي تجعل له زبائن محددين يأتون من مناطق بعيدة للحصول على الفتة التي يستسيغونها.
طريقة تحضير سهلة.. ومظهر اجتماعي
وأوضح أبو ابراهيم الذي يمارس المهنة منذ أكثر من 30 سنة أن الفتة يمكن أن تكون بالسمنة أو الزيت وبعد نقع الحمص ليلة كاملة يغسل عدة مرات ثم يتم غليه على النار ثم يقطع الخبز قطع صغيرة ويقلى بالزيت اويحمص بالفرن ويوضع في الوعاء الذي تقدم التسقية فيه ثم يفرش وجه الخبز بالحمص المسلوق حتى يغطى تماماً وبعدها يسقى الخبز بماء الحمص ويوضع على وجهه البدوة المكونة من اللبن والطحينة الممزوجة بكمية من الثوم المدقوق والملح وعصير الليمون ويصب على وجهه السمنة أو زيت الزيتون وأخيراً تزين بالمكسرات والكمون حسب الرغبة وتؤكل التسقية بالملعقة ويقدم إلى جانبها النعنع والبصل والفليفلة والمخلل والفجل والجرجير واللفت حسب الأذواق.
ويقول أبو علي مرجان سائق سيارة أجرة في دمشق إن الفتة كانت إلى فترة قريبة في دمشق أداة مهمة للتعبير عن العلاقات والروابط الوطيدة بين الجيران وهي من أكثر الهدايا تداولا بين بيوت الحارة الواحدة في رمضان موضحاً أن تحضير طبق الفتة بسيط وسهل وتكلفته مقبولة ولايحتاج وقتاً كبيراً وهو من الأكلات الدمشقية العريقة التي ورثها عن ابيه ولا تكاد مائدته تخلو من التسقية في رمضان وخلال الفطور يوم الجمعة كما تعود تقديمها كمقبلات خلال الولائم في البيت.
وذكر أبوعبدو عنقا من مدينة يبرود أن دراسة أبنائه في الجامعة كانت السبب في معرفة العائلة بالفتة التي أصبحت الوجبة الرئيسية في فطور يوم الجمعة إلى جانب صحن الفول ومن المقبلات الضرورية في فطور رمضان مشيراً إلى أن تحضيرها لايحتاج وقتاً طويلاً وتكلفتها مقبولة.
منافع غذائية شرط الاعتدال في تناولها
وقالت الدكتورة فايزة جوهرة اختصاصية الصحة العامة في وزارة الصحة إن الفتة تحوي قيمة غذائية عالية، فالحمص يحتوي على كمية بروتينات تعادل الكمية الموجودة في وجبة لحم واللبن يحتوي على الكالسيوم والطحينة على زيت السمسم المفيد للبشرة والثوم الذي يريح الأمعاء والمكسرات التي تفيد الاطفال وتنمي أدمغتهم.
وأوضحت جوهرة أنه لا مانع من أكل الفتة كل يوم على الفطور باعتدال وبكميات معقولة وخاصة في رمضان كما يفضل أن لا يقلى الخبز والمكسرات بالزيت ولكن تحمص بالفرن مشيرة إلى أن صب الزيت الخفيف على وجه الفتة أفضل صحياً من السمن تخفيفا للدسم.
Your browser may not support display of this image. وأشارت الدكتورة جوهرة إلى ضرورة الاعتدال في الأكل في رمضان وتحقيق التوازن الغذائي ومراعاة الفئة العمرية في أنواع الأطعمة وأبعاد الأطفال عن الوجبات السريعة والمشروبات الغازية وتجنب تناول المصابين بالأمراض المزمنة كالقلب وضغط الدم والسكري للحلويات والنشويات التي تتحول الى سكاكر وتجنب شرب السوس الذي يرفع ضغط الدم وعدم إرهاق المعدة وإخراجها تدريجياً من حالة الصيام الطويل من خلال اكل كمية قليلة من الطعام ثم تمضية بعض الوقت قبل الوجبة الرئيسية إضافة إلى عدم النوم بعد الإفطار.
كما نصحت جوهرة بتناول غذاء طبيعي لطيف وبسيط على السحور كالسكاكر البسيطة والتمور والمربيات واللبنة والزيتون والخضار والفواكه وتجنب السكاكر الثانوية المعقدة التي تخلق حاجة كبيرة الى شرب الماء خلال النهار والاهتمام بالنظافة العامة ونظافة الاطعمة وتخفيف الدسم وشرب الشاي الذي يسبب فقر الدم وسوء الامتصاص وخاصة عند الاطفال والشيوخ واستبداله بالزهورات والابتعاد عن المنبهات.
يذكر أن المطبخ السوري الذي يمتلك مخزوناً كبيراً أثر وتأثر بالمطابخ العالمية ويعتمد على المواد المحلية الطبيعية والطازجة في تحضير مائدة ناجحة بوقت قصير وجهد قليل ولاتدخل المشروبات الروحية والمنكهات الصناعية في المأكولات السورية حفاظا على صحة المستهلك وتعنى الدولة بتطور مهارات الطبخ من خلال إقامة مدارس ومراكز التدريب السياحي والفندقي التي تعلم فنون الطهي وصنع الحلويات ما أوجد نشاطاً مميزاً في الطهي والرقي به إلى مصافي المطابخ العالمية مع ما يتمتع به الطاهي السوري من ذوق سليم وأسلوب فني جملاي اخاذ وحبه واتقانه لعمله المهني.
تقرير سعيد النحال
سانا