بقلم: علاء أسعد الصفطاوي
مخطىء من يظن أن الجيوش وحدها هي التي سقطت راياتهافي الحروب مع الصهاينة وديست في التراب ..، أو من يظن أن رأس النظام الرسمي هو وحده المسئول عن استمرار تمتعنا (برفاهيه) التواجد في قاع الهاويه ..!! ، أو من يظن أن لحظات الالم والانكسار والهزيمة قد سرقت البسمة من وجوه أطفالنا وحدهم ..
لقد طالت الهزيمة وآثارها مختلف أوجه الحياة العربية من رأسها حتى أخمص قدميها ..،كان أحد أهم ضحايا ذلك هو عنصر أساسي وحيوي وهام في المركب الاجتماعي المدني ألا وهو المرأة.
لأول مرة سأكتب عن بناتنا بالمفهوم الاجتماعي الأسري ..بعدما كاد قذى الواقع الذي ينفطر له القلب يحجب رؤيتنا عن ملاحظة حجم الكارثة التي تعيشها المرأة العربية اليوم في مجتمعاتنا العربية المهزومة والمدجنه .. المرأة كائن بشري رقيق وشفاف وضعيف جسديا وفي البناء الاجتماعي كذلك ..ولكن مع ذلك فدورها في المجتمع المسلم هو أساسي وحيوي وفاعل..ولم نعد بحاجه بالمطلق اليوم لنقف من جديد في الزوايا الرماديه للدفاع عما أعطاه الاسلام للمرأة وشرفها به ..
لكننا بحاجة اليوم ومن جديد أن نكشف الكثير من الأستار عما يفعله أو يرتكبه أو يقترفه بعض الرجال "الهَمَل" الأقزام المنهزمين في زوجاتهم بعد أن استحلّوا أعراضهن على هدي من الكتاب وسنه رسوله ..(!!)
يقدم الشاب المهزوم روحيا وثقافيا والمسكون بحب الشهوة والسيطرة لطلب يد البنت من أهلها بعد أن يمنّيهم ويزكي نفسه أمامهم ويجول بهم طول البلاد وعرضها وهو يتحدث عن نفسه وخططه للمستقبل ..ولا يكاد يفرغ من بعض حديثه معهم حتى يستأذن مهرولا للالتحاق بالصلاة في المسجد القريب ..،وأنه يرغب في الفتاه لدينها ولسمعتها الطيبه وليس لأنها موظفة باعتبار أن مفهوم ( شراء البقره الحلوب) لا يليق بالمؤمنين أمثاله (!!) ، وبعد انتهاء الفرح وافتتاح بيت الزوجية تكتشف الزوجة العاملة أن جُل مهرها كان ديناً ..وقرض حسن من بنك (إسلامي) ربوي بثوب جديد ..عليها هي أن تشارك في تسديده بعد أن تسلم لزوجها كارت السحب الآلي ورقمه السري ..ليمارس عادة جديدة عليه و لكنها جميلة..عادة لم يكن يحلم بالتمتع برفاهيتها طيلة عمره الوردي الصغير ..وهي عاده السحب من الصراف الآلي والصرف من مال ليس ماله بالتحديد .. بل مال من استأمنته على نفسها ومالها .. !!..ثم بعد سنتين أو ثلاثه ..وبعد أن تخرج العائلة من زنقة الدين الى المستقبل الوردي المنفتح ..تكتشف الزوجة أن الرجل يصر على الاستمرار في الاستمتاع بهذه الرفاهيه ..ممنياً ومؤملا زوجته العاملة بأنه سيرفع (عطاياه) لها من مرتبها هي الى ما نسبته 5% من اجمالي راتبها الشهري لتفعل به ما تشاء ..؟؟!!
ثم ما إن تبدأ بعض الخلافات الصغيرة تكبر وتكبر ويتدخل الأهل لفض الخلاف بين الزوجين في محاولة لاعادة المياة الى مجاريها ..يقوم الزوج وفي خطوه (شجاعه) متالقة لا تقل جبنا عن الهاربين من المعارك النضالية ..يقوم بمنع الزوجة من الذهاب الى بيت أهلها ..تحت حجه أن الأهل قد يؤثّروا عليها ويفاقموا من الخلاف ..؟؟!!
تفاجئني إحدى قريباتي التي تعمل في إحدى المدارس الثانوية كل يوم بسرد قصص هي أقرب الى الخيال منها الى الواقع ..عن بعض ما تعاني منه العديد من معلمات المدارس وبالذات مدرستها من ديكتاتورية أزواجهن وسطوتهم وسطوهم على مرتباتهن بحيث بتن يأخذن مصرفا يوميا من أزواجهن هو أحيانا أقل مما يعطيه الأب الى إحدى بناته الطالبات ..!!؟؟
أحدهم يصر أن يأخذ كارت الصراف بنفسه والرقم السري ليقبض مرتب زوجته بدلا منها خوفا من أن (تلتهم) له جزء من هذا المرتب أو (تكذب) عليه ..فيما لو سمح لها بقبض المرتب؟؟؟
شخص "فارس" آخر ..غضب من أحد مواقف حماه بعد أن اختلفا في أمر أسري فأصدر فرمانا منع بموجبه زوجته منعا باتا من زياره أهلها ..وبعد وساطات ووجاهات قبل بذلك شرط أن تذهب عندهم لمده ساعه واحده كل أسبوع لا أكثر لأن وقته الثمين لا يسمح ..؟؟؟؟
رجل آخر وبعد أن علّم ابنته وأصبحت موظفة بات يؤخّر زواجها عمدا ويسوّف كلما تقدم أحدهم لطلب يدها حرصا على الاستيلاء على أكبر قدر من مال ابنته ..تحت حجه ( أنت ومالك لأبيك ) ..حتى اذا فاتت الفرصة على البنت باتت البنت من فرط الخوف من المجهول والملل وفقدان الأمل تقبل بأي شخص يتقدم لها ..؟؟
هذه الأنواع من الرجال (جدا) سألتُ عن سير بعضهم الذاتية مثلا عندنا في المجتمع الفلسطيني ..وأقسم أنني تتبعت سيره بعضهم الحياتيه منذ صغره حتى الكبر فوجدت أن غالبيتهم كانوا من ذوي الدرجات الدنيا في مدارسهم وعالة على المجتمع بل وبعضهم سقط في خزي مهادنه الاحتلال وهذه كلمه لا أريد أن أستخدم أسوأ منها ..علما بأني لم أجد أحدا منهم قد اعتقل على خلفية نضالية أثناء الانتفاضةأو غيرها .. أو أصيب في معركة مع الجنود الصهاينة أو أثناء رجمه للحجارة على جنود الاحتلال ابان مرحلته الشبابية أو تعرض لاعاقة جسدية أو ..فقط أمامنا مرضى من نوع آخر..مرضى نفسين اجتماعيين ..كلهم مهزومين ..كلهم حطم الاحتلال رجولتهم فقعدوا عن مكابدته ومقارعته فحاوللوا تعويض عجزهم بالاستقواء على نسائهم وبناتهم ..وبنات أبناء بلدهم ..
ولا أخال طبعا أن هذه النماذج المتعفنة من الرجال بعيده عن التواجد في باقي المجتمعات العربية خاصه في مجتمع اليوم الذي يعيش أسوأ عهود الاستبداد السياسي ولا داعي لتسمية الدول فالغالبيه العظمي ينطبق عليها الحال ..فالرجل المهزوم والمقهور والمقموع من النظام يسقط كل مظالم المجتمع والنظام السياسي على من هم دونه في القوه والتراتبية الاجتماعية فيمارس قهره وقمعه لزوجته واضطهاد أولاده الصغار بل ويلجأ أحيانا لاخراجهم من المدرسه ودفعهم الى أسواق العمل الرخيصه والمشبوهه للاسترزاق من خلالهم ..
نحن نعيش اليوم عصر الهزيمة ..في كل شيء .. نحن نعيش عصر الرجل العربي المهزوم ..الذي انكسرت بندقيته الحزبيه ثم النفسيه ثم الاجتماعيه ..هذا الرجل هو اليوم سيد موهوم في مجتمع موهوم في دوله موهومه سواء كان حاكما أو مديرا عاما أو موظفا حكوميا أو رئيسا لشركه خاصه أو صاحب متجر أو عامل أو حارس أو.. أو ..كل (سيد موهوم) من هؤلاء يمارس مرضه وساديته على من هم أضعف منه ..وفي النهايه وصلنا اليوم الى مجتمع الاحتراب الداخلي الذي يفقد كل عنصر فيه علّه انسجامه مع العنصر المقابل وهو الثقه والانجذاب..؟؟
نحن اليوم بحاجة الى أن نمارس جهادا من نوع جديد .. جهادا اجتماعيا واقتصاديا وحتى حربيّ بالطبع ..جهاداً يزكي الأنفس وينقيها ويطهرها من أدران زمن الانحطاط الحالي ويسمو بها الى آفاق الرجال الرجال ..الرجال الرواد .. الرجل الأقحاح ..الرجال الأصلاء ..الرجال الفرسان ..الرجال الذين يعرفون قدرهم في المجتمع وقدر زوجاتهم المستأمن هو عليهن ..الذين يتأففون ويترفعون عن أخذ مال لم يتعبوا فيه ..أولم يكدحوا هم للوصول اليه ..رجال يدركون أن كرامه زوجاتهم من كرامتهم وانحطاط زوجاتهم من انحطاطهم ..ويعلمون أن الشرع قرر أن للمرأة المسلمة ذمّه ماليه مستقله لا يجوز الاقتراب من مالها بالمطلق الا ما ارتضته هي له بمحض ارادتها الحرة غير المستكرهه ..رجال يعلمون أن الزواج في أبسط معانيه هو انتقال ولايه الأب على ابنته الى ولايه الزوج على هذه الإنسانه وبالتالي يجب أن يكون حضنا حنونا لها وأبا جديدا لها قبل أن يكون زوجا وقيّما عليها ..
رجال يعلمون أن الرحم هو حبل من حبال الله المقدسة من قطعه قطعه وقصمه الله وأن الرجل الذي يتعسف في استخدام حقه الآمر على زوجته باكراهها عن الامتناع عن صلة أهلها وزيارتهم إنما يحفر لنفسه كل يوم حفره من نار جهنم ..
أيها الرجال "الفاشلين" الظلمة في زمن الهزيمة ..ارفعوا أيديكم عن نساء المسلمين وحرائر المسلمين ومهج أكباد المسلمين فإن الله قد أكرمهن من فوق سبع سماوات وكانت آخر عبارات الرسول الأعظم صلوات ربي وسلامه عليه في خطبه الوداع هي :
أوصيكم بالنساء خيرا ..خيركم ..خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله ..ما أكرمهن الاّ مؤمن وما أهانهن الاّ لئيـم ..أو كما قال ..والحمد لله رب العالمين .