عمر سامي الساكت
ديننا الإسلامي الحنيف نظم ورتب ونسق أسس التعامل بين بني البشر وجعل لها قواعد وأحكام خاصة بها وحداً فاصلاً يجب الوقوف عنده حتى لا يقع الإنسان في الأخطاء والكوارث ويصل بالمرء إلى حدود المحرمات. وقد شددت الشريعة الإسلامية في التوصية على مكارم الأخلاق فقد جاءت مهذبةً للنفس البشرية منظمة لها محافظةً على الأموال والأعراض حاقنة للدماء،فقد أكدت آيات عديدة في القرآن الكريم على مكارم الأخلاق وآداب التعامل والحديث، وقد خاطب الله تعالى نبيه أشرف الخلق حامل أخر الرسالات السماوية حبيب الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قائلا " ولو كنت فضاً غليظ القلب لنفضوا من حولك" - 159آل عمران.
وقد بــُـعث عليه الصلاة والسلام للناس عامة ولكنه انطلق من العرب وفي مجتمع قبلي جاهلي ساد فيه العديد من المنكرات وعلى النقيض من ذلك كانت فيه نخوة العرب وصدقهم ومرؤتهم وكرمهم وما إلى ذلك من الخصال والأخلاق الحميدة المميزة، هذه الثوابت من الأخلاق وما أضاف إليه ديننا الحنيف شكلت عادات وتقاليد العرب والمسلمين، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" صححه الألباني،وكذلك يستحضرني قول الشاعر إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
وها نحن في مجتمع إسلامي قبلي له عادته وتقاليده والمستمدة في معظمها من ديننا الحنيف، والذي عـُرف عنه بأنه مجتمع محافظ يـُضرب فيه الأمثال، إلا أننا وللأسف ولبعددنا عن تطبيق ديننا الحيف ثم نتيجة للضغوطات المادية والنفسية التي يعيشها الناس تبعا لتطور الحياة وهمومها ومسؤولياتها والالتزامات المترتبة على الأفراد، أصبحنا نلحظ العديد من التصرفات وأتمنى بألا تكون ظواهر منتشرة، لكننا نراها وبشكل مستمر من عادات تشمئز لها الأبدان كسائق سيارة يتفوه بأقبح العبارات وأرذلها على سيدة تقود سيارتها ببطء أو صدر منها ما يزعج ذلك المحتقن، عداك عن استخدام المنبـــه (الزامور) بشكل مزعج لسبب أو لدون سبب، بالإضافة إلى العبوس على وجوه الناس، ناهيك عن الألفاظ النابية التي نسمعها تقال في الأماكن العام والخاصة، بالإضافة إلى التعليقات والمعاكسات والملاسنات والمطاردات لبناتنا في الشوارع، والتقليد الأعمى لشبابنا للغرب من ملابس وأزياء والتي أصبحت تسمى (موضة) والتي لا يليق بنا وصفها وتدل على الميوعة وقلة الحياء،
بالطبع لا أقول بأن مجتمعنا أصبح بهذا الشكل المشين لكننا أصبحنا نلمس هذه التصرفات الدخيلة على مجتمعنا وبشكل ملحوظ في شوارعنا ومحالنا ومدارسنا وجامعاتنا. لا شك بأن هناك أسباب جوهرية يجب الوقوف عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها من قبل كل الجهات الرسمية والدينية والشعبية والعمل عليها قبل فوات الأوان، المربي الأكبر بعد الأم في الأسرة والمؤسسات التعليمة، هي الحكومة ولا أقول بأنها تربي بالعقاب والشدة فقط بل بالعدل والمساواة والبعد عن الظلم والإستبداد اللذان يولدان نواة قذرة في رعايها والتي قد تنفجر في أي فرصة تسنح لها ليفرغ الشخص كل ما لديه من إحتقانات نتيجة لذلك الظلم والإستبداد اللذان يعيشهما.
وأنا من وجهة نظري فالمشكلة الأساسية هي في ابتعادنا عن ديننا الحنيف وعدم تطبيقه بعباداته وأخلاقه وتعاملاته على منهج حياتنا في مجتمعنا والذي لا يمكن بأن يفصل بينهم. وهنا يجدر التنويه إلى إن الحل لا بد بأن يبدأ من داخلنا فنبدأ بإصلاح أنفسنا بالرجوع إلى تعاليم الدين والأخلاق الحميدة التي حث عليها القران والسنة وتعليمها لأبنائنا لتكون منهج حياة الأسرة ومن ثم الخروج بها إلى مدارسنا، وبالتالي فان على المدارس مسؤولية إكمال دور الأسرة من خلال المساعدة في تهيئة بيئة أخلاقية نقيَة، ويجدر الإشارة أيضاً لما يحدث في جامعاتنا من إختلاط مقيت والذي من المفترض بأن يكون بضوابط وحدود واحترام وان لا يتم استغلال العلم كوسيلة للوصول إلى غايات لا أخلاقية،
لقد ائتمن ذوي الطلبة على أبنائهم في تلك الصروح العلمية فلا بد من إدارة الجامعات بان تحمل راية التربية قبل التعليم بضبط ومراقبة سلوك طلبتها بالنصح والإرشاد وتثقيفهم دينياً وتعزيز الأخلاق الحميدة بصياغة فكر متحضر متمدن فالتحضر ليس بالتعري والعلاقات المشبوه بين الجنسين داخل أسوار الجامعات وخارجها، فأصبحنا نرى بعض عروض الأزياء والملابس الخليعة في جامعاتنا، بالإضافة إلى ظاهرة العنف الجامعي لأتفه الأسباب وما يحدث من قتل لن أقول متكرر، والذي يتطور لخارج أسوار الجامعات ليصل إلى مرحلة إتلاف للمال العام والخاص في شوارع أردننا الحبيب، هذا كله وإدارة جامعاتنا غائبة أو مغيبة، أخيرا لا نريد بأن نكسب علماً لا ينتفع به في ظل ضياع الأخلاق والدين، فرأس الحكمة مخافة الله التي تستدعي العبادات والأخلاق الرفيعة والمعاملة الحسنة.
ومــضـــات
- التفاصيل