الدستور ـ طلعت شناعة
"لقد ارتكبتُ حماقة كبيرة بحقك . لم أقصد الإساءة اليك . كنت أعتقد أن إلحاحي عليك يمكن أن يزيد من حبي لك. لكن. أعذريني ، فأنت أول تجربة في حياتي ولستُ خبيرا في مزاج النساء ، ولهذا كان خطأي." بهذه الكلمات عبر زهير عن أسفه للفتاة التي يحبها عندما اتصل بها في منتصف الليل لكي يتأكد من حبها له. وأضاف: كان موقفا قاسيا لا أُحسد عليه. فهي بالنسبة لي أكثر من حبيبة وأكثر من صديقة. هي الأُكسجين والهواء الذي أتنفسه. وتساءل زهير ، ترى هل تتقبل المرأة اعتذار الرجل حين يعود عن خطئه غير المقصود؟
وترى السيدة نادية أن الخطأ والصواب من سمات الطبيعة البشرية ومن العادي أن يقول المرء أشياء لا يقصدها وذلك خلال طوفان حديثه وما أكثره. ولكن الطبيعي أيضا أن يترك الناس "مسافة" بين الخطأ والصواب. بحيث لا يتم تصيد الأخطاء والتوقف عند كل كبيرة وصغيرة أو كل شاردة وواردة. وقالت : أستغرب من الذين يصرون أنهم لا يقعون في الخطأ. أو أنهم يدققون في كل كلمة تخرج من أفواههم. فذاك هو المستحيل والمثالية بعينها. وأشارت نادية الى أنها تعلم أبناءها الصدق كأساس في السلوك ولكنها توضح لهم أن هناك أخطاء يمكن للإنسان ان يقع فيها. والمهم أن يستفيد من أخطائه ولا يكررها قدر المستطاع.
بينما يؤكد الدكتور سري ناصر أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية أن التراجع عن الخطأ فضيلة تماما مثل التوبة . واذا كان الله يقبل توبة العبد فلماذا يرفضها الإنسان؟
قسوة المحب
وأضاف الدكتور ناصر: نحن كبشر نمارس سلوكيات متعددة ومنها ما يكون مع القريب والبعيد ، الحبيب وأُلئك الذين نراههم بحكم عملنا وبحكم مشوار حياتنا. وللأسف فإن أخطاءنا مع المقربين عادة ما تكون أصعب من تلك التي نقع فيها مع الغرباء أو الذين لا تربطنا بهم أية علاقات. وهنا نفهم معنى الشاعر طرفة بن العبد حين قال: "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة".
وينصج الدكتور ناصر الأهل بإدخال معنى التسامح في قاموس الأبناء. فليس كل خطأ خطيئة. وليس كل ما نقع فيه ، جريمة. ويحذر الدكتور سري ناصر من التسرع في إتهام الآخرين لمجرد أنهم أخطأوا بحقنا. فثمة وقت للتراجع والاعتذار. وبحسب الحدث. وكلنا نستطيع تقييم الامر من حيث تأثيره وحجم الخسائر التي يمكن ان ترتد علينا جراء ذلك.
ولكن مروان يغالي في الحكم والتحسس من الأخطاء التي يقع فيها أصدقاؤه. ويقول أنه رفض قبول اعتذار أحدهم لمجرد أنه كذب عليه في أمر بسيط. وقال: على كل شخص أن يدقق في سلوكه وفي كلامه ولا يعرض نفسه للخطأ.
ويعترف مروان في الوقت ذاته ، أن البشر يخطئون. وهو يمكن أن يتقبل الخطأ من الغرباء بينما يرفضها من المقربين أو من الأصدقاء. ويلتمس شاهين الأعذار لأصدقائه ويقول أنه اعتاد على ترك مسافة بينه وبين أصدقائه كي لا يضطر أيهم للوقوع في الأخطاء بحق سواه.

ويتفهم سامر طبيعة الناس من حوله. ويقول أنه يرتضي للآخرين ما يقبله لنفسه. ولا يتمترس خلف العناد في التعاطي مع أخطاء الغير. سواء كانوا من الأصدقاء أو من غيرهم.
لا بأس
وتمضي نجلاء فخري في عنادها وترفض ما يقوله من يخطئون بحقها. وتقول : المسألة لا ترجع ولا تتعلق بالخطأ بل في الشخص الذي يرتكب الخطأ. وهناك فرق بين من يبدي تسامحه بأُسلوب لطيف وبين من يكابر ويوغل في أخطائه غير آبه بمشاعر الناس ولا بحساسيتهم. وهو يتعامل مع الآخرين باعتبارهم بدون مشاعر وبدون حساسية.
المشكلة في الموضوع كما يذهب حمادة ليست في من يرتكب الخطأ ، بل في التراجع عنه والعودة عنه وهو ما يدل على نفس سوية وطبيعة عادية . فالناس كما يصيبون ، فإنهم يخطئون. ومثلما يجوعون يأكلون. ولهذا فإن الخطأ وأعني الخطأ العادي والبسيط لا يختلف عن الصواب. فهما مثل وجهي عملة واحدة. بل أنني أحب الشخص الذي يُخطىء بشرط الاّ يكون فعلا شنيعا ومؤذيا للآخرين.
ولا تتردد نعمات عن قولها أنها تتعمد أحيانا إثارة صديقاتها من خلال الوقوع في أخطاء ساذجة من أجل اختبارهن وقياس درجة تسامحهن معها وبخاصة عندما تُنشىء علاقة مع صديقة جديدة.

JoomShaper