في مقال نشرته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، نقل الكاتب توم بينيت ما روته الدكتورة سيما الجيلاني -طبيبة أطفال غادرت حديثا مستشفى الأقصى في وسط غزة– من قصص مؤثرة عن الإصابات الخطيرة التي عاينتها.

من بين تلك القصص المؤلمة حكاية فتاة تبلغ من العمر 11 عاما تعاني حروقا شديدة في الأنسجة لدرجة تصلب الأطراف، لم تكد تكفّ عن الصراخ، وهي في حالة مأساوية.

وكذلك حكاية طفل آخر يبلغ من العمر سنة واحدة بُترت ساقه، بينما كانت حفاضته ملطخة بالدماء.

وحسب رئيس منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، يعدّ مستشفى الأقصى في دير البلح "أهم مستشفى متبقي في المنطقة الوسطى بغزة".

دمار

عندما وصلت الدكتورة سيما الجيلاني إلى المستشفى لأول مرة في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، رأت دخانا أسود يتصاعد من المباني المدمرة على بعد حوالي 600 متر من المستشفى.

وبعد أيام، كان الدمار على بعد 400 متر فقط. وحسب د. سيما "في كل يوم، عند صعود الدرج ونزوله، تلاحظ ارتفاع التوتر بشكل واضح حيث بدأ الناس يشعرون بالقلق أكثر فأكثر بشأن ما يعنيه أن المستشفى أصبح مزدحما بشكل متزايد".

ومع اقتراب القصف من المستشفى، كان حوالي 70% من العاملين في مجال الصحة قد أخلوا المكان، بما في ذلك د. سيما وفريقها.

ومن أبرز ما عاشه المستشفى، استهداف غارة جوية إسرائيلية مبنى من طابقين بالقرب من المدخل المستشفى، مما أسفر عن مقتل 20 شخصا على الأقل.

امتلأ المستشفى في الأسابيع الأخيرة، بالمدنيين الذين يبحثون عن مأوى داخله، وتصارعت العائلات والنساء الحوامل والأطفال للحصول على مساحة وسط الفوضى.

ووفقا للطبيبة، ينام العديد من أفراد الطاقم الطبي المحلي في المنشأة، ويقضي بعضهم ليلتهم "في البحث عن الطعام والماء"، في حين يضطر آخرون إلى إجلاء عائلاتهم من منطقة إلى أخرى.

مشاهد مؤلمة

وتتذكر طبيبة الأطفال أنها رأت أفرادا من طاقم العمل يتعرفون إلى بعض القتلى والجرحى من ضمن معارفهم.

وقالت "في وقت ما، كان من بين المرضى الخمسة الذين كانوا في غرفة الإنعاش، 4 أطفال، لقد شعرت بالصدمة والفزع الشديد إزاء عدد الأطفال والرضع الذين اضطررت إلى الاعتناء بهم نتيجة للقصف والغارات الجوية".

لكن المشهد الذي علق في ذهنها أكثر من غيره، هو مشهد عامل الإغاثة البالغ من العمر 23 عاما الذي بُترت ساقه.

نفِد المورفين من المستشفى، لذلك عولج في البداية بأدوية بديلة غير كافية. كان يتوسل من أجل الحصول على الماء، ولكن بما أنه كان من المقرر أن يخضع لعملية جراحية، لم يُسمح له بتناول أي شيء.

وذكرت أنها عملت شيئا يسيرا للغاية، حيث أخذت بعضا من الماء ومسحت جبهته بالماء البارد، ومسحت وجهه من الدم، وأزالت عنه الغبار، ووضعت بعض الماء من الشاش على شفتيه، وعندها هدأ تماما برغم الإصابات البليغة التي لحقت به، كان يريد أن يموت بكرامة فقط.

JoomShaper