بلغ انتشار ظاهرة زراعة الأفيون والاتجار به في أفغانستان بعد الاحتلال الأمريكي، حدّاً وصلت في الأمور إلى استخدام هذه المواد المخدّرة والمضرّة بالجسم، بديلاً عن الأدوية المسكّنة للنساء والأطفال أيضاً في أفغانستان.

وكانت حكومة طالبان السابقة قد استطاعت تقليص حجم زراعة هذه النبتة السامة والاتجار بها بشكل كبير، وحاربت التجار الداخليين والخارجيين، ووضعت عقوبات مشددة ضد متعاطي المخدرات والمسكرات، إلا أنه ومنذ احتلال البلاد على يد القوات الأمريكية عام 2001م، شهدت هذه التجارة ازدهاراً كبيراً ونموّاً جعل أفغانستان تصبح إحدى أهم دول زراعة الأفيون وتصديره للخارج.
ففي تقرير لوكالة الأنباء الإنسانية (إيرين)، تم تسليط الضوء مجدداً على تفشي ظاهرة إدمان المخدرات في أفغانستان، حيث توسع نطاق استخدام المخدر بين النساء وحتى الأطفال في الدولة التي يصل فيها عدد المدمنين إلى قرابة مليون شخص.
وتورد الوكالة قصّة المرأة الأفغانية توردي (45 عاماً) التي توقفت أخيراً عن تعاطي الأفيون بعد أن أنجبت ستة أطفال ميتين لتنجب بعد تعافيها من الإدمان طفلة تتمتع بصحة جيدة.ونقلت الوكالة عنها قولها من بيتها في مقاطعة شورتابا في إقليم بلخ، شمال أفغانستان: "كنت أستخدم الأفيون لتخفيف الآلام ولأتمكن من العمل بشكل أفضل".
وقد أوهن الإدمان والساعات الطويلة من العمل الشاق وسوء التغذية جسد توردي إلى درجة كادت تفقد معها حياتها أثناء ولادتها السادسة قبل أن تهرع بها أسرتها إلى مستشفى المنطقة.
وعن تلك التجربة قالت: "قال لي الأطباء إن لم أتوقف عن تعاطي الأفيون فسأموت حتماً في حملي القادم".
وفي ظل استمرار الاحتلال الأمريكي للبلاد، وما يترتّب عليه من نهب خيرات البلاد وترك المواطنين فريسة للبطالة والفقر، قالت محبوبة عبدي وهي طبيبة توليد في إقليم بلخ: "إن استخدام المرأة للأفيون ليس للمتعة أو الترف ولكنه مسكن الألم الوحيد المتاح لها".
ولا يوجد معلومات حول عدد الأفغانيات اللواتي يتعاطين الأفيون، ولكن مسحاً أجراه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في العام 2005 أفاد أن عدد الإناث المدمنات في البلاد يصل إلى 120 ألفاً.
كما تشير التقديرات إلى أن عدد مدمني المخدرات في أفغانستان قد وصل إلى 900 ألف شخص على الأقل عام 2005 من مجموع سكان البلاد البالغ 25 مليون نسمة في ذلك العام.
بدورها، قالت فيروزة وهي حائكة سجاد وأم لستة أطفال من إقليم فرياب في شمال البلاد: "عندما يصيب أطفالي الأرق ويستمرون في البكاء لا استطيع عندها العمل. أعطيهم قطعة صغيرة من الأفيون فيهدؤون ويخلدون إلى النوم مما يسمح لنا بالعمل".
ويقول أطباء الأطفال إن إعطاء الأفيون للأطفال والرضع أمر شديد الخطورة حيث قال همايون أنصاري وهو طبيب من إقليم بلخ أن "الأفيون بالنسبة للأطفال كالسم تماماً".
وأفغانستان هي إحدى الدول التي تضم أعلى معدلات وفيات الرضع والوفيات النفاسية في العالم، كما تسجل أعلى معدلات الخصوبة في آسيا، وفقاً لمنظمات الأمم المتحدة.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 39 بالمائة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمسة أعوام في أفغانستان يعانون من نقص الوزن و54 بالمائة من التقزم أو من نمو بدني أقل من المستوى الأمثل و53 بالمائة من نقص فيتامين (أ) وأكثر من 60 بالمائة من نقص الحديد وفقر الدم. ونتيجة لذلك، يموت نحو 600 طفل دون سن الخامسة كل يوم بسبب الالتهاب الرئوي والإسهال وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
وفي عام 2005، ساهمت أفغانستان بنحو 92 في المائة من إجمالي إنتاج العالم من المخدرات، بارتفاع بلغ 70 في المائة عن إنتاجها عام 2000، و52 في المائة زيادة عن معدل العقد الماضي.
وتوسعت مناطق زراعة المخدرات في البلاد من 257 ألف فدان عام 2005 إلى 407 ألف فدان في 2006- أي بزيادة قدرها 59 في المائة.

 

JoomShaper