مع انتشار ظاهرة العنف بين الأزواج وازدياد معدلات الطلاق والخلع في مصر، أنشأ «مركز قضايا المرأة المصرية» خطاً ساخناً يستقبل مكالمات مجانية على مدى ساعات اليوم تتعلّق بقانون الأحوال الشخصية ويؤمن معالجة نفسية للأزواج الذين مروا بهذه التجارب.
حول هذه التجربة الرائدة التقت «الجريدة» المحامية سهام علي المسؤولة عن تلقي الاستفسارات في ما يتعلق بالشق القانوني وحاورتها حول أبرز القضايا التي يتلقاها الخط الساخن.
متى انطلقت فكرة «الخط الساخن»؟
عام 1997. في البداية، افتقد «مركز قضايا المرأة المصرية» إلى التمويل، إلا أنه تخطّى اليوم هذه العقبة و أصبح لديه تمويل دائم. ما الأسئلة الأكثر شيوعاً التي يتلقاها «الخط الساخن»؟
تلك التي تتعلق بقوانين الأحوال الشخصية: خلع، نفقة، طلاق، حضانة... خصوصاً من نساء يتعرضن للاضطهاد والقهر من أزواجهن ولسن على وعي بالتفاصيل القانونية الواجب اتباعها. من خلال هذه الخدمة نحاول أن نقدّم لهن أكبر قدر من المساعدة.

تخشى النساء في مجتمعنا استشارة محامٍ في أمر شخصي، فما السبب برأيك؟

تحيط بقوانين الأحوال الشخصية هالة من الخصوصية بالإضافة إلى الأجر المرتفع الذي يفرضه المحامون وخوف الزوجات من ردة فعل أزواجهن السلبية في حال علموا أنهن قصدن محامياً لاستشارته في مسائل تخصّ علاقاتهن بأزواجهن، من هنا جاء الخط الساخن لنجدة تلك الحالات.

ما الآلية المتّبعة أثناء الاستشارة؟

يدور حوار ودي بيني وبين المتّصل وهو في الغالب امرأة، تتحفظ أحياناً عن ذكر اسمها ونحن نحترم خصوصية عملائنا، تشرح خلاله مشكلتها والاستشارة القانونية التي ترغب في الحصول عليها والآثار القانونية المترتبة عليها. ثمة حالات يخرج فيها الحديث عن النطاق القانوني إلى النطاق الاجتماعي لذا أحوّلها إلى خط الاستشارة النفسية المسؤولة عنه رانيا حامد، اختصاصية في علم النفس.

هل تستمر علاقة المركز مع الحالات بعد تقديم الاستشارة؟

تستمر العلاقة مع تلك التي تطلب أن يرفع لها المركز قضية فيتكفّل بها مجاناً إنما بعد البحث عن الظروف المحيطة بالقضية، إلا أننا نتجنب الحلّ القانوني قدر الإمكان ونحاول إصلاح العلاقة بين الزوجين من خلال إجراء مقابلات ودية بينهما.

برأيك، هل قانون الأحوال الشخصية منصف بحقّ المرأة؟

لا، ففي حالات الطلاق التي ترفعها الزوجة عليها أن تحضر شهوداً على أن زوجها يضربها مثلاً أو أنها أصيبت بضرر نفسي لسبب أو لآخر، وهذا أمر صعب لذلك تُرفض القضية فتضطر المرأة إلى التنازل عن بعض حقوقها.

ماذا عن قضية الخلع؟

اختلفت نظرة المرأة المصرية إلى الخلع منذ ظهوره عام 2000 لغاية اليوم, فمعظم النساء يلجأ إليه للتخلّص من القهر، ثم باتت المرأة اليوم، سواء كانت متعلّمة أو أميّة، تتقبل الخلع بشكل أفضل.

ما الأسس التي تقررين بواسطتها ما إذا كانت الحالة تحتاج إلى علاج نفسي أم لا؟

بعد الاتصال الذي تجريه المرأة تصنّف إن كانت تحتاج إلى استشارة قانونية أم نفسية مثل: الاغتصاب، انتهاك الحرمات، التعرّض للضرر المادي من خلال النفقة، أو المعنوي من خلال الهجر.

ماذا عن المساعدات التي يقدّمها المركز لتلك الحالات؟

إذا كانت المرأة تعاني مرضاً نفسياً معيّناً تحوَّل إلى طبيب معالج على حساب المركز ونخضعها لجلسات علاج جماعي وقد أثبتت نتائجها فاعلية كبيرة. أحياناً، يوفّر المركز فرص عمل لأشخاص يحتاجون إلى بناء حياتهم بعيداً عن الظروف القاسية التي عاشوها.

ما المشاكل النفسية الأكثر شيوعاً؟

تشكو معظم الزوجات من تعرّض أزواجهن لهن بالضرب أو الهجر، إذ يسافر الزوج ولا تعرف الزوجة مكانه فتبقى معلّقة بشكل أو بآخر ولا يصلح معها أي إجراء قانوني فتتحطّم نفسياً.

كيف تكون العلاقة بينك وبين هؤلاء النساء؟

لا أسعى إلى تكوين صداقات لأن ذلك يضرّ بإطار العمل، إنما أساعد قدر الإمكان على جعل الحياة أفضل من دون التدخّل بشكل دائم، لحثّ النساء على الاتكال على أنفسهن في حلّ مشاكلهن.

كيف تكون ردة فعل الزوج عندما يعلم بلجوء زوجته إلى استشارتكم ورفع قضية عليه؟

ينتابه شعور بالرهبة والاستغراب والقلق، بعضهم يرفض التدخل والبعض الآخر يقبل ويسعى إلى حلول سلمية. في الأحوال كافة، يكون الإنكار سيّد الموقف إذ ينكر الزوج خيانته أو هجره أو إساءته المعنوية لزوجته.

هل تنتهي علاقة المركز بالنساء المعنيات بمجرد حلّ مشكلتهن؟

في الحالات النفسية والاجتماعية تستمرّ العلاقات فترة أطول, لأن المرأة هنا تشعر بالوحدة وتحتاج إلى الأمان والاستقرار من خلال علاقة طويلة تشعر خلالها أن ثمة شخصاً يهتم بأمرها.

ذكرت أن ثمة رجالاً يشتكون من زوجاتهم، فما نوع الشكاوى؟

يظن البعض أن المرأة وحدها تعاني من مشاكل، لكن في عصر التطور هذا تراجع الرجل والمرأة عن أداء أدوارهما الصحيحة في المجتمع، وظهرت مشاكل يعاني منها الزوج كأن يشتكي من أن زوجته على علاقة بأحد الأشخاص على الإنترنت ويخشى أن يستفسر منها عن هوية الشخص أو يعلّق على الموقف لذا يلجأ إلينا لنساعده.

(س.ع): زوجة كانت تعاني من تحرُّش زوجها بابنتها التي تبلغ الخامسة ولا شهود لإنصافها قانونياً، لذا لجأت إلى المركز لطلب المساعدة فنجح في الحصول على طلاقها من زوجها وإبعاد الطفلة عنه.

(م.هـ) شاب في الحادية والعشرين من عمره تعرّض لقهر جنسي في طفولته من زوجة أبيه ونمت لديه ميول شاذة ولا يستطيع إيجاد مسكن خاص به، فوفر له المركز فرصة عمل عن طريق علاقاته مع جمعيات أخرى وإبعاده عن زوجة أبيه.

(هـ. أ) زوجة كانت تتعرض للضرب بعنف من زوجها وتعجز عن طلب حقوقها الشخصية والابتعاد عنه فأجرى المركز كشفاً طبياً لها وسجّل الحالة وأثبتها ورفع قضية طلاق على الزوج.


JoomShaper