السعي وراء الربح يقود جراحين عديمي الخبرة لإجراء عمليات تترك آثارا جسدية ونفسية قاسية على المرضى.
ميدل ايست أونلاين
دمشق – من ريما حجازي
شهدت الجراحة التجميلية في سوريا خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً لدورها الهام في تحسين المظهر العام للإنسان وتجديد الشباب وإخفاء آثار الشيخوخة ويتمتع الأطباء السوريون بخبرات نوعية في مجال الجراحة التجميلية ماثلت المراكز الإقليمية والعالمية حيث باتت دمشق وجهة معروفة للراغبين بهذا النوع من العمليات التي تشمل إعادة الشباب للوجه من خلال الشد وتجميل الأنف و"البوتوكس" والمواد المالئة إضافة لتشكيل الجسم من خلال شفط الدهون وشد البطن وجراحة الثدي والجراحة التصنيعية واستخدام الليزر. ومع تطور جراحة التجميل وزيادة عدد الأطباء الذين يمارسون المهنة وعدد العمليات التي تجري يومياً واتجاه بعض المراكز والعيادات للربح المادي فقط ومن خلال إجراء هذه العمليات بدأت تظهر بعض الأخطاء والاختلاطات الطبية التي تستلزم وضع قواعد واضحة ومحددة لممارسة هذه المهنة للحد من هذه الأخطاء.

وتقول منى (28عاما) انها مصابة بالبدانة التي لازمتها 10 سنوات نتيجة مرضها العضال وتتناول الكورتيزون بكثرة ما أدى الى بدانتها المفرطة وانعكس ذلك سلباً على حالتها النفسية والاجتماعية وأدى الى يأسها من اتباع الحميات الغذائية التي باءت بالفشل ما دفعها الى التفكير بحل عملي وسريع بنظرها وهو إجراء عمل جراحي لشفط الدهون وشد الجلد المترهل لعلها تستطيع بذلك استرجاع صورتها التي رسمتها في مخيلتها وارتداء ما حرمت منه طوال فترة صباها وشبابها ولكن الصدمة كانت كبيرة جداً بعدما أيقنت منى ان العملية التي خضعت لها لم تكن نتاجها تجميل شكلها بل تشويهه.

وتقول منى باستياء شديد "أشعر أنني خدعت ووقعت ضحية عملية احتيال فهو لم يسلبني المال الذي ادخرته لفترة طويلة من الزمن سعياً للخلاص من أقاويل ونظرات المجتمع القاسية والمزعجة لي بل شوه جسدي ولم يقم بالدور المطلوب منه أبداً"، مشيرة إلى أن تكلفة جراحتها التجميلية التي تراوحت مابين 80 إلى 100 ألف ليرة (حوالي 2200 دولار) وأجريت على مرحلتين بينهما فترة نقاهة شهرين أسفرت عن قطب فاضحة اتخذت شكلاً بارزاً للأمام ما جعلها تبرز للعيان تحت الملابس.

ومن جانب آخر عبرت فداء (50 عاما) عن استيائها وشعورها بالغبن والندم بعد خضوعها لجراحة شد للوجه باءت بالفشل وتركت آثاراً ومعالم واضحة شوهتها وأشارت الى الآثار والأخطاء الجسيمة التي اقترفها جراح التجميل "وهذا يدل على جهله الفاضح حتى بالاساسيات العامة للعمل الجراحي"، لافتة الى ان زوجها كان وراء خضوعها لهذه الجراحة حيث يشعرها دائما بتقدمها بالسن وبالتجاعيد البادية على محياها.

والمفارقة في الموضوع أن الطبيب الذي تتهافت عليه النسوة من كل حدب وصوب لرخص أسعاره وشهرته هو نفسه الذي أجرى كلا الجراحتين السابقتين.

وتختلف الآراء المتضاربة حول موضوع الجراحة التجميلية، حيث ترى رندا (طالبة لغة فرنسية) أن عمليات التجميل لا عيب فيها و"خاصة في ظل ازدحام الساحة الفنية بالفنانات الفاتنات اللواتي أصبحت أشكالهن حلماً ومطلباً لكل رجل وامرأة وفتاة"، مشيرة الى أن الانتشار الواسع للفضائيات شجع على مثل هذه الجراحات و"خصوصاً في ظل قيام البعض منها بالترويج اعلانياً لها والتشجيع عليها من خلال اللعب المدروس على الوتر النفسي للمستقبل".

وترى نوال (موظفة) ان الجراحات التجميلية ضرورية في حالات معينة مثل إصلاح عيب خلقي أو تشوه ما، وترى أن مواد الحقن كـ"البوتوكس" و"الكولاجين" لازمة في حالات تقدم السن وظهور التجاعيد.

ويقول علي (موظف) إنه ينجذب للمرأة الطبيعية التي تهتم بشكلها ومظهرها "ولكن ذلك لا يشترط خضوعها لجراحات تجميلية"، مضيفاً ان "الجميل في النساء تميز ملامح إحداهن عن الأخرى وإجراء هذه الجراحات يذهب بهذه الميزة التي تعتبر العنصر الجاذب حيث تختص بها كل إمرأة عن سواها ويجد في الجراحات التجميلية قالباً لتشكيل عدة نساء على غرار ونمط إمرأة واحدة وهذا أمر غير محبب".

ويدعو الباحث الاجتماعي عبد الله نحلاوي النساء إلى التحلي بالقناعة والثقة بأنفسهن ويرى أن "القبح لا ينبع من شكل الشخص إطلاقاً بل من عمله وطباعه التي تترك أثرها السلبي أو الايجابي على من حوله".

ويقول الدكتور طارق أدهم عكاش (أمين سر نقابة أطباء سوريا) "يجب أن نفرق بين الاختلاط الطبي والخطأ الطبي في العمليات الجراحية التجميلية، فالاختلاط الطبي أمر قد يحدث في أي عمل جراحي وقد ينتج عن عوامل عدة قد تتعلق بالطبيب أو المريض أو مكان إجراء العمل الجراحي مثل الالتهابات والنزف والتهاب الوريد الخثري و الصمامة الرئوية واختلاطات التخدير العام وغيرها، ومن الممكن تجنب تلك الاختلاطات بإتباع الإرشادات الطبية الوقائية والتقليل من نسب حدوثها".

ويضيف "أما الخطأ الطبي فهو أمر قد يحدث نتيجة قلة خبرة الطبيب وعدم معرفته التامة بدقائق العمل الجراحي أو عدم تقييده باستطباباته مثل تنخّر ذروة الأنف بعد عمليات التجميل وعدم التناظر عند إجراء العمل الجراحي أو إجراء جراحة ثنائية الجانب وتنخّر الشرائح الجلدية البطنية عند عمليات شد البطن".

ويلفت عكاش إلى أن العمل الجراحي التجميلي يجرى لسببين "إما لإصلاح تشوه في الجسم خلقي أو مكتسب حيث يشكل العمل الجراحي التجميلي ضرورة صحية لتحسين أداء ووظيفة العضو المشوه وشكله الجمالي مثل تشوهات اليد والأذن الخلقية وتشوهات الأنف الرضية أو لتحسين المظهر العياني والجمالي لعضو ما مثل تجميل الأنف وتكبير الصدر وشد الوجه"، مشيراً الى أن العامل النفسي للمريض يلعب هنا دوره الأكبر "حيث تجب مراعاة تصور المريض للنتائج المرجوة للعمل الجراحي مع ما يمكن تحقيقه من النتائج بعد إجراء العمل الجراحي، ويمكن استشارة طبيب نفسي عند اللزوم".(سانا)

JoomShaper