أردنيات يتعرضن إلى العنف من قبل أزواجهن ترغمن على السكوت بسبب الخوف من العقوبة والمفاهيم المجتمعية الخاطئة.
ميدل ايست أونلاين/عمَّان
الاردن تكافح للحد من العنف الاسري
تتنامى ظاهرة العنف الاسري ضد المرأة والطفل في الاردن، حيث تعيش اسر كثيرة تحت وطاة العنف وسلبياته ولا تقدم على التبليغ او الافصاح عن العنف الذي يحدث بداخلها بسبب الخوف من العقوبة الى جانب مفاهيم مجتمعية خاطئة تتعلق بالدرجة الاولى بالمرأة التي تتحمل تبعات تبليغها عن العنف الذي تتعرض له هي واطفالها.
واسست الاردن ادارة لحماية الاسرة منذ عام 1997، وانتشرت مراكز الحماية في كافة محافظات المملكة لتقديم الحماية لكل ضحية تتعرض للعنف، كما قامت المملكة بسن قانون الحماية من العنف الاسري، وانشاء مؤسسات معنية بقضايا العنف سواء أكانت حكومية او خاصة للحد من الظاهرة، حيث تعد الاردن من الدول العربية الوحيدة التي اسست ادارة متخصصة للعنف وأضحت مركزا اقليميا لتدريب كوادر الدول العربية في مجال العنف الاسري.
وتشير احصائيات المركز الوطني للطب الشرعي ان عدد الحالات التي راجعت عيادة الطب الشرعي المتعلقة بالعنف الاسري والعنف الجنسي العام الماضي بلغت 2137 حالة، وتبين أن 36% منها كانت لنساء تعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن أو أشقائهن أو أبنائهن و57.3% كانت لأطفال تعرضوا للعنف الجسدي أو للعنف الجنسي أو للإهمال، و6% من مجمل الحالات كانت لنساء تعرضن للعنف الجنسي إن كان من داخل الأسرة أو خارجها.
واكد هاني جهشان اخصائي الطب الشرعي والخبير الدولي في العنف وجود فرق كبير بين عدد الحالات التي يفصح أو يبلغ عنها وبين عدد حالات العنف الموجودة واقعيا بالمجتمع، مشيرا الى ان الأبحاث العالمية تشير إلى أن طبيعة العنف وظروف حدوثه، ومكان ارتكابه يحجبون الإفصاح والتبليغ عنه.
ونقلت صيحفة "الرأي" الاردنية عن جهشان انه "لا يوجد منطقة جغرافية محصنة من وقوع العنف الأسري، وان هناك 1371 حالة راجعت عيادة الطب الشرعي المتعلقة بالعنف الأسري والعنف الجنسي عام 2009، تبين أن 46% منها كانت لنساء تعرضن للعنف الجسدي من قبل أزواجهن أو أشقائهن أو أبنائهن و44% كانت لأطفال تعرضوا للعنف الجسدي أو للعنف الجنسي أو للإهمال، و8% من مجمل الحالات كانت لنساء تعرضن للعنف الجنسي إن كان من داخل الأسرة أو خارجها".
وكانت المرأة الزوجة هي الضحية في 90% من مجمل حالات النساء المتعرضات للعنف الجسدي، وشكل هذا العدد ما نسبته 98.5% من حالات العنف الزواجي، حيث لم تتجاوز نسبة تعرض الزوج للعنف من قبل زوجته الـ 1.5%. في 9% من مجمل حالات العنف الجسدي ضد النساء كانت المرأة غير المتزوجة هي الضحية بتعرضها للعنف من قبل أشقائها أو والدها.
وسجل كبار السن للعنف الأسري من قبل أبنائهم أو بقية أفراد الأسرة نسبة لم تتجاوز 1% من مجمل الحالات، وان العنف الجسدي شكل ما نسبته 42% من مجمل حالات العنف ضد الأطفال، أما الإهمال فشكل ما نسبته 21% من هذه الحالات. وبلغت نسبة العنف الجنسي ضد الأطفال ما نسبته 37% من مجمل حالات العنف ضد الأطفال و مانسبته 67% من مجموع ضحايا العنف الجنسي (بنسبة 60% إناث و40% ذكور).
وتجاوز عمرعدد النساء اللواتي تعرضن للعنف 18 سنة بنسبة 30% من مجمل ضحايا العنف الجنسي. وكان أغلب مرتكبي العنف الجنسي شخص معروف للضحية، ولم تتجاوز نسبة الإعتداءات الجنسية داخل الأسرة 15% من مجمل حالات الإعتداءات الجنسية.
واوضح جهشان ان أكثر الوسائل شيوعا في العنف الزوجي ضد المراة تتراوح بين الركل واللكم والصفع والعض، وبنسة أقل لي المفاصل والأصابع والكسور، وسجلت حالات من الممكن تصنيفها كنمط للتعذيب على شكل تقييد وجلد بالسياط والحرق بالسجائر والكي بالمكواة وبالمعالق والسكاكين عقب وضعها على النار.
وتابع ان أشكال العنف ضد الأطفال تراوحت من أشكال وصفت أنها طفيفة كالصفع والقرص وشد الشعر والدفع ولي الساعد أو الساق، ولي الآذان أو الإجبار على البقاء في أوضاع قسرية، إلى أشكال شديدة كاستعمال العصا والحبال والأسلاك والعض والحرق بأدوات ساخنة والسمط بالماء الحار وفي بعض الأحيان كان تتصف بالتعذيب من مثل الجلد المتكرر بالسوط والركوع أو استخدام مواد وبهارات حارة.
واضاف ان "الأعم الأغلب من وفيات الأطفال الناتجة عن أمراض أو إصابات عرضية أوعنف أو إهمال هي ليست بعشوائية بل يمكن الوقاية منها، وتقبل المفهوم في الثقافة السائدة من أن وفيات الاطفال هي قضاء وقدر مكتوب، هو خطأ يتعارض مع الأدبيات الطبية والعلمية ويشكل انتهاكا واضحا لحقوق الطفل بالحياة وبالصحة وبالحماية".
وبين جهشان ان وفيات الاطفال شكلت (223حالة) ما نسبته 14.1% من الوفيات التي كشف عليها في المركز الوطني للطب الشرعي في عمان عام 2008، وتراوحت ما بين وفيات أطفال مفاجئة لم يسبقها أعراض مرضية واضحة (111 حالة 50%) بعضها كان بظروف غامضة، ووفيات أطفال ناتجة عن إصابات (96 حالة 43%) تتصف في أغلب الأحيان بظروف إهمال كحوادث السير أو الإصابات المنزلية أو بفعل مقصود كالإساءة والعنف أو القتل المباشر، كما تم خلال نفس العام (2008) الكشف على (16 حالة 7%) لوفيات اجنة داخل الرحم أو أثناء الولادة او جثت للقطاء عثر عليهم في أمكان عامة.
وقال العميد محمد الزعبي مدير ادارة حماية الاسرة التابعة لمديرية الامن العام الاردنية ان "ضحايا العنف هم النساء والاطفال، وان ابشعها هو العنف ضد الاطفال، عبر ضربهم وتعذيبهم وحبس حريتهم، واحتجازهم في غرفة داخل المنزل".
وارجع سبب العنف الاسري إلى البعد عن الدين وغياب الوازع الديني عند الجناة، بالاضافة الى السبب الاقتصادي والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن، فضلاً عن التفكك وعدم الترابط الاجتماعي والاسري، والبطالة التي تعاني منها معظم العائلات خصوصا رب الاسرة، وغياب الابوين عن المنزل والاطفال مما يخلق فجوة وتباعد بين الاباء والابناء، وتعاطي رب الاسرة في احيان كثيرة للكحوليات والمخدرات، وغياب الحوار الاسري بين الاباء والاطفال، وكذلك غياب الرعاية والاهتمام والمتابعة الاسرية للاطفال.
واكد حسن الخزاعي الاستاذ المشارك في علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية اهمية توعية كافة افراد المجتمع بالحقوق والواجبات المطلوبة منهم وعدم تجاوزها والادعاء بعدم معرفتها وارتكاب الجرائم والاعتداءات بحق الابرياء.
وطالب الامهات بتوعية بناتهن المقبلات على الزواج بنبذ ثقافة السترة والتحمل السلبية والتي تؤدي الى الاعتداء وممارسة العنف عليها من قبل الزوج، ويجب على الامهات تدريب وتأهيل بناتهن على ثقافة الحقوق والواجبات المشتركة بين الزوجين المبنية على التعاون والتسامح والغيرة والاستمتاع المشترك في الحياة الزوجية والتي تعتبر من اهم قواعد السعادة الدائمة بين الازواج.
العنف الاسري: ظاهرة تتفاقم في الاردن
- التفاصيل