بينما تستمر إسرائيل في قصفها الجوي والبري على غزة، تزداد كذلك عدد حالات الإصابة بالصدمة النفسية بين الأطفال، وفقاً للمختصين. وأخبر إياد سراج، مدير برنامج الصحة النفسية الذي يدير ثلاث عيادات للطب النفسي في غزة شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عبر الهاتف قائلاً: "الناس ضعفاء وخائفون ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم...إنهم يعيشون قلقاً متزايداً وحالة تيقظ مستمر بسبب القصف". وفي اتصال هاتفي مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال: "أستطيع سماع صوت القصف من داخل منزلي في منطقة تل الهوا. لقد تكسر زجاج جميع نوافذنا... وأصيب الناس بالهستيريا وهم يشعرون بقلق رهيب إذ لا يوجد مكان آمن في غزة حتى في المنزل".
وفي هذا السياق، قالت رجية أبوسوي، مسؤولة الصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية من مقر عملها في القدس لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "المجتمع بأكمله معرض للهجمات المكثفة ولفقدان أحد أفراد العائلة وهذا لا يسبب اﺿﻄﺮاب ﻣﺎ ﺑﻌﺪ الصدمة فحسب بل اضطرابات في الحالة النفسية والقلق كذلك".
من جهته، قال إيان جراي، مدير شؤون الطوارئ في منظمة "وورلد فيجين – المملكة المتحدة" أن "العنف الدائر في غزة يزيد من مستويات الصدمة النفسية المرتفعة أصلاً لدى الأطفال... هناك تأثير أولي على الأطفال وقد بدأنا نشهده بالفعل – كالتبول اللاإرادي والكوابيس وفقدان الأمل الذي يكسر القلب – ولكن هناك أيضاً الصدمة على المدى البعيد التي تدمر لسنوات عدة".
ويقول الخبراء أن أصوات الانفجارات قد تتسبب في إجهاض الحوامل أو في ولادات مبتسرة أو ولادة أجنة ميتة. ولكن القنابل ليست السبب الوحيد للصدمة النفسية بحسب أبوسوي التي قالت: "تسبب المنشورات والاتصالات الهاتفية [التي يتلقاها السكان من الجيش الإسرائيلي لإخلاء منازلهم] الصدمة النفسية كذلك".
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، لقي 971 فلسطينياً حتفهم حتى 13 يناير/كانون الثاني، من بينهم 76 امرأة و311 طفلاً. أما عدد الجرحى فقد وصل إلى 4,418 جريحاً، 1,549 منهم من الأطفال و652 من النساء.
المدنيون عالقون
كما أن المدنيين عالقون في منازلهم منذ بدء الهجوم على غزة يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2008 من دون كهرباء أو مياه جارية في الوقت الذي تعرضت فيه أنظمة الصرف الصحي للانهيار.
وأخبرت ميريكسي ميركاتو، الناطقة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في القدس شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "الأطفال يشعرون بالفزع والبرد – خاصة أثناء الليل – وهم عالقون [في منازلهم]... وسيتطلب الأمر الكثير من الوقت والدعم ليعودوا إلى سابق عهدهم".
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه منذ بدء الهجوم البري يوم 3 يناير/كانون الثاني توقف 85 بالمائة من شبكات الهاتف النقال وعدد كبير من خطوط الهاتف الثابت عن العمل بسبب الدمار أو انقطاع الكهرباء. ويقول الخبراء أن ذلك يزيد من عزلة السكان ومن شعورهم بالقلق.
وحتى 12 يناير/كانون الثاني، فر 28,116 فلسطينياً إلى 36 ملجأً تابعاً لوكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (الأونروا)، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الذي قال أيضاً أن مئات الآلاف قد لجؤوا إلى أماكن أخرى.
ومع ذلك يقول السكان أنه لا يوجد سوى القليل من الأماكن الآمنة، فحماس تدير مرافق الشرطة المدنية والمدارس والمستشفيات ويصعب عليهم العثور على مكان لا توجد به مؤسسة غير تابعة لحماس.
تضاؤل إمدادات الغذاء والماء
كما أفاد السكان أن تضاؤل إمدادات الأغذية والمياه ينشر الهلع بين الناس في القطاع.
ويقول هاشم (لم يرغب بذكر اسم عائلته) هو صيدلاني يبلغ من العمر 24 عاماً من مدينة غزة أنه يشعر بالعزلة مع انقطاع الكهرباء ويعتمد على أصدقائه في الضفة الغربية لنقل الأخبار له عبر الهاتف.
وقالت أبوسوي أن ثلاثة من مراكز الصحة النفسية الخمسة التابعة لوزارة الصحة تعمل لفترات محددة فقط في الصباح. فقد تعرض أحدها للدمار بينما الآخر محاصر من قبل القوات الإسرائيلية ولا يمكن الوصول إليه. كما أشارت إلى أن الأونروا تقدم خدمات الاستشارة النفسية والاجتماعية في ملاجئ الطوارئ التابعة لها.
وتقوم اليونيسف أيضاً بالتعاون مع المركز الفلسطيني للديمقراطية وفض النزاعات في غزة بإدارة خط مساعدة مجاني على مدار الساعة لتقديم الدعم لسكان غزة. وقالت مونيكا عواد، الناطقة باسم اليونيسف في القدس: "يتحدث معظم الآباء عن انتشار الذعر والخوف بين أطفالهم"
المصدر: موقع بوابة المرأة