عربي21 - مؤيد باجس
الإثنين، 08 يونيو 2015 01:52 ص
بثت مؤسسة "رماح" الإعلامية التابعة لحركة أحرار الشام الإسلامية فيلما بعنوان "طلائع النصر2" سرد حكاية تحرير مدينة إدلب نهاية آذار/ مارس الماضي على شكل "قصة درامية".
ويركزّ الفيلم الذي اطلعت عليه "عربي21" على شخصيتين رئيسيتين، أحدهما الشاب إسماعيل باشا "أبو ضياء" الذي لم يتجاوز العشرين عاما، وترك دراسته رغم تفوقه، والتحق بصفوف "الأحرار"، وبسرعة فائقة أصبح مدربا لكتيبة الاقتحامات في قوات المهام الخاصة بالحركة.
ويقول "أبو ضياء" ابن مدينة بنش في ريف إدلب، إنه كان يحلم منذ الصغر بأن يصبح مقاتلا ليدافع عن وطنه، متابعا: "فسبحان الله لما طلع الفكر الثوري واندمج مع الفكر الإسلامي الصحيح، اجتمعوا مع بعضهم ليتشكل كتائب صادقة تقاتل النظام الكافر الذي أشبعنا بالوطنيات الكاذبة".
الشخصية الأخرى في الفيلم التي كان دورها شبيها بـ"بطل الفيلم"، هو القيادي العسكري في الحركة يوسف جنيد "أبو الفاروق"، الذي يطلق عليه "الشهيد الحي" نظرا لإقدامه في المعارك، وهو ما أفقده إحدى عينيه في معركة تحرير سجن

إدلب المركزي سابقا.
"أبو الفاروق" أعرب عن حزنه الشديد لأن ابنه البكر لم يبلغ سنا تسمح له بالمشاركة في المعارك، قائلا: "كنت بتمنى، وبتحسر أشوف ابني أشوفه قدامي يقاتل في المعركة".
ويصرّ "أبو الفاروق" على عدم تفويت أي معركة، رغم أن لديه أربع طفلات، حيث يعلّق على هذا الأمر وهو يحتضنهن: "اللي خلقهم لن ينساهم، أنا سبب، لكن رب العالمين هو مسبب الأسباب، وقد يعيشوا بعدي أفضل من عيشتهم الآن".
ويتطرق إصدار "طلائع النصر2" إلى دور الأهالي في إعداد "المجاهدين"، حيث تقوم إحدى النساء بحياكة جعبة أحد المقاتلين، بينما يصنع رجل مدني الطعام على نار متواضعة ليقدمه لـ"المقدمين على تحرير إدلب".
ويحكي "أبو الفاروق" بنبرة حزينة الحادثة التي أجبرته على الانسحاب من مدينته إدلب قبل ثلاث سنوات حينما اقتحمها الجيش، رغم إصراره بالسابق على عدم ترك المدينة حتى يٌقتل، ويدفن فيها".
حيث يقول: "كنا واقفين عند دكان، وهناك أطفال يطلعون من عند المبنى، وجاء رجل يقول للأطفال اركضوا بسرعة، إلا أن قذيفة النظام كانت أسرع منهم وقضت عليهم جميعا، واكتشفت لاحقا أن الرجل الذي انهار على الفور هو والد الأطفال، وحينها قطعت عهدا على نفسي بألا أطلق رصاصة واحدة داخل المدينة".
وبعد بث مشاهد لصلوات، وابتهالات، ودعاء من شرعيي "أحرار الشام" بأن "ينصرهم الله على النصيريين في المعركة"، جاء دور "أبو خالد فرقان" وهو أحد قادة الحركة الذين قُتلوا خلال المعركة، ليوصي المقاتلين بالتثبت من هوية الشبيحة قبل قتلهم، وعدم الاستهتار في إطلاق الرصاص على الأشخاص.
وبكلمات تحريضية، قال الرجل الثاني في حركة أحرار الشام حينها، "أبو جميل قطب": "لا بد أن نري هؤلاء الروافض ما يسوؤهم، هي روح واحدة عندك، فانفقها في سبيل الله، ولا تكن جبانا أو خوارا".
"أبو جميل" قُتل أيضا خلال المعركة. (تفاصيل)
وعاد مخرج الفيلم التركيز على "أبو ضياء" في أثناء إعداده للمعركة، وهو يتحدث عن الأمور التي تشغل باله قبل الانطلاق إلى ساحات القتال، وأبرزها "النصر، والقتل، والإصابة" في سبيل الله، مشيرا إلى أنه فور انطلاق المعركة تتبخر تلك الأفكار، والهواجس، وفق قوله.
انطلقت المعركة، وسارت دبابة للحركة تجاه المدينة، تبعها كتيبة "الاقتحاميين" بقيادة "أبو ضياء"، وسط تعليق صوتي من حسان عبود "أبو عبد الله الحموي" القائد السابق لـ"الأحرار"، يقول فيه: "يا أهل العزائم والهمم، يا أسود التوحيد وفرسان الميدان، لقد شهدت صولاتكم الساحات أنكم كنتم أهل اليقين عند الشدائد، وأهل الثبات عند الزلزلة، فأثخنتم بأعداء الله من النصيريين والروافض، وضحيتم بالأنفس والأموال، والأوقات لإعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين من أهل الشام، نحسبكم كذلك".
في منتصف المعركة، ومع وصول المقاتلين إلى مداخل إدلب، فقد "أبو ضياء" رفيق دربه "أبو الليث"، الذي سار معه من منزله إلى أسوار إدلب، قبل أن يٌقتل برصاص قناصة النظام، ومما زاد الحزن على "أبو ضياء" هو عدم تمكنه من دفن "أعز أصدقائه"، نظرا لانشغاله بالمعارك.
انتهت المعركة تقريبا، وفرّ الجيش السوري من مدينة إدلب خلال زمن قياسي، إلا أن "أبو الفاروق" رفض الانتظار لحين الانتهاء من تمشيط المدينة من قناصة النظام والألغام، لا سيما أنه هاتف شقيقه الذي لم يره منذ سنوات.
وعاد "أبو الفاروق" إلى منزله بعد ثلاث سنوات من الغياب القسري، ثم تجول بسيارته في إدلب المحررة، وهو يردد "اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد، الله لك الحمد"، ولم يتمالك دموعه التي ذرفها فرحا بالتحرير.
يقول المتحدث في الفيلم إن سرعة حسم المعركة تعود لامتلاك "المجاهدين" لأقوى سلاح، وهو سلاح "الرعب".
مشهد إدلب بعد تحريرها "تكبيرات للرجال، والأطفال، وزغاريد للنساء، وعناق بين الأهالي وأبنائهم الذين غابوا عنهم لسنوات، قضوها على جبهات مدن أخرى قبل أن يُتوج جهدهم بدخول مدينتهم من أوسع أبوابها.
يعتلي مقاتل سطح مبنى محافظة إدلب، ليلقي بصورة ضخمة لبشار الأسد على الأرض، وسط ترديد الموجودين "الطاغية، الطاغية"، في الوقت ذاته الذي حطم فيه مقاتلون آخرون تمثالا شهيرا لحافظ الأسد وسط مدينة إدلب.
لكن، ثمة شخص غاب عن مشهد الفرح كاملا، إنه "أبو ضياء" الذي أصيب برصاصة في كوعه، حرمته من مشاركة زملائه الفرحة، حيث يعلّق: "من المحزن أن تشاهد النصر بعينك ثم تصاب بعد ذلك".
ويوجه "أبو ضياء" رسالة إلى جميع المصابين بأنه لا عذر لهم لـ"التخلف عن الجهاد، فإن الإصابات لا تقف عائقا أمام من وضع الجهاد نصب أعينه، بل تزيد من عزيمته للعودة إلى ساحات القتال".
ويختم "أبو ضياء" حديثه بالرد على المشككين في معركة إدلب، قائلا: "من يسألنا بكم اشتريتم إدلب من النظام، نقول له شريناها بـ80 شهيدا".
بينما يدعو "أبو الفاروق" في أثناء جلوسه وسط إدلب، يدعو جميع الأهالي للعودة إلى المدينة، مؤكدا أن الطريق للتحرير بدأ الآن، وفق قوله.
وفي نهاية الفيلم، نوه المتحدث أن هناك العشرات من القصص المشابهة لقصة "أبو ضياء"، و "أبو الفاروق".
ويُتوقع أن تصدر الفصائل الأخرى المشاركة في تحرير إدلب إصدارات مشابهة لـ"طلائع النصر"، يحكي خلالها كل فصيل الجانب الذي عمل عليه، وساهم في تحرير إدلب من خلاله.
فصائل جيش الفتح هي: "أحرار الشام، جبهة النصرة، جند الأقصى، فيلق الشام، جيش سنة، لواء الحق، وأجناد الشام".
https://youtu.be/80V2OMFz850

JoomShaper