كمال شيخو- دمشق
أحتفلَ العالم في العشرين من الجاري بيوم الطفل العالمي، وفيما احتفلت المجتمعات بأطفالها؛ كان السوريون منشغلين بحفر القبور لأطفالهم، وحيرة علاج أمراضهم؛ عدا البحث عما يسدّ رمقْ من بقيّ منهم على قيد الحياة ويُصارع الجوع. وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) من أنّ” عمليات تجنيد الأطفال في القوى المسلحة لا تزال تمارس على نطاق واسع”. وأضافت المنظمة في تقريرها أنّ” نسبة كبيرة من ضحايا المواجهات العسكرية هم من الأطفال دون سن الثامنة عشرة”.
وكشف تقرير نشره مركز أوكسفورد ريسرتش غروب البريطاني للأبحاث، أنّ” أكثر من 11 ألف طفل قتلوا في النزاع السوري منهم 128 بأسلحة كيميائية و389 برصاص قناصة”. وأفاد التقرير أنّ” 11420 طفلاً سورياً لا تزيد أعمارهم عن 17 سنة قتلوا حتى نهاية آب/اغسطس 2013 من بين أجمالي 113735 قتيلاً من مدنيين ومقاتلين تم احصاؤهم”.
أطفال سوريا مهددّين جراء الحرب الدائرة:
ونشر مركز توثيق الانتهاكات في سوريا مؤخراً تقريراً وثق فيه مقتل أكثر من 8800 طفل وطفلة منذ منتصف آذار 2011 حتى تاريخ اليوم. وقال بسام الاحمد الناطق الاعلامي باسم المركز أنّ” أكثر من 4400 ماتوا نتيجة القصف باستخدام قذائف المدفعية وصواريخ السكود والدبابات؛ وعدد من قتل نتيجة اطلاق نار 1620 منهم أكثر من 400 طفل تمّ قنصهم بشكل مباشر من قبل قناصة قوات النظام” وأشار الاحمد أنّ” 81 طفل وطفلة استشهدوا بعد أن خرجوا من المعتقل في سجون النظام وحسب بياناتنا هناك أكثر من 50 طفل توفوا تحت التعذيب”.
من جهة ثانية، أوضح تقرير نشره مركز أوكسفورد ريسرتش غروب البريطاني للأبحاث أنّ” طلقات الأسلحة الخفيفة كانت السبب في مقتل أكثر من ربع الأطفال الضحايا فيما أعدم 764 طفلا بدون محاكمة وقتل 389 برصاص قناصة مختبئين”. وأثبت التقرير أيضاً أن” الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة هم الأكثر عرضة للقتل العمد سواء عن طريق القنص أو الإعدام أو التعذيب”.
ووقعت مجزرة في شهر آب/أغسطس الماضي في غوطة دمشق الشرقية جراء استخدام الاسلحة الكيميائية المحرمة دولياً، وأتهمت المعارضة السورية النظام الحاكم باستخدامها؛ والتي أودت بحياة أكثر من 1400 ضحية حسب تقارير وثقتها اللجنة القانونية والمكتب الطبي الموحد للغوطة الشرقية.
وعن أعداد الاطفال ممن قضى نحبه في تلك المجزرة، نقل الناطق الاعلامي باسم مركز توثيق أنّ” مجزرة الكيماوي الذين تمّ توثيقهم بالاسم كان هناك أكثر من 120 طفل وطفلة وهنالك العشرات تم توثيقهم كمجهولي الهوية”.
مجزرة الكيميائي التي حدثت في الغوطة لم تكن الأخيرة حيث قام المركز بتوثيق كل الاطفال ممن قتلوا في باقي المجازر، ولفت بسام الاحد لنشرة (كلنا شركاء) أنه” خلال المجاز والاعدامات الميدانية وثقنا 580 طفل وطفلة خلال عدة مجازر منها أول مجزرة كانت كرم الزيتون بتاريخ 11-آذار -2012 قتيل فيها أكثر من 20 شهيد وشهيدة، ومجزرة الحولة 25-أيار -2012 كان عدد الشهداء فيها أكثر من 45 طفل وطفلة، ومجزرة الحصوية 15-كانون الثاني-2013 بلغ عدد الشهداء من الاطفال 21، ومجزرة بانياس راح ضحيتها 32 شهيد وشهيدة طفلة” وأكد الاحمد أنه” ذبح بالسكاكين وأدوات حادة خلال المجازر أكثر من 180 طفل وطفلة”.
عودة ظهور مرض شللّ الاطفال:
وتفيد التقارير الواردة من المناطق المتضررة جراء الصراع الدائر في سوريا أن الاطفال أكثر شريحة ضعيفة لا تحتمل نيران الحروب، وصُدر مؤخرا تقرير عن منظمة الصحة العالمية اشارت أنّ” الوضع الصحي للأطفال في سوريا قد وصل إلى حد كارثي”.
في سياق متصل، نشرت منظمة الصحة العالمية اليوم على حسابها في (تويتر) إنه” تأكد ظهور حالتي إصابة جديدتين بشللّ الأطفال في ريف دمشق وحلب بالقرب من تركيا، إلى جانب ظهور 15 حالة شللّ أطفال في محافظة دير الزور شرق سوريا”.
وقالت سونا باري المتحدثة باسم المنظمة إنّ” الفيروس وصل إلى حلب التي كانت يوما أكبر المدن السورية من حيث عدد السكان والتي تشهد الآن قتالا بين القوات الموالية للرئيس بشار الأسد ومقاتلي المعارضة”.
وأكد الطبيب (خالد- 32 سنة- متخصص في معالجة أمراض الأطفال) يعمل في أحدى المشافي الميدانية في الغوطة الشرقية لريف دمشق، صحة خبر” إصابة 10 أطفال بشللّ الأطفال في منطقة دير الزور وهناك 12 طفلاً آخر شكك في إصابتهم بهذا المرض، وطفل مصاب في ريف دمشق وآخر في ريف حلب؛ نتيجة فقدان مئات الآلاف من الأطفال فرصهم في الحصول على اللقاحات الضرورية لحمايتهم من شللّ الأطفال وغيره من الأمراض السارية المعدية”.
طفلة مصابة جراء سقوط قذيفة عشوائية على مكان سكنهم
وعن أسباب عودة ظهور هذه الامراض مرة أخرى في سوريا؛ شددّ الدكتور خالد لنشرة (كلنا شركاء) أنه” نتيجة المنع الممنهج لدخول المواد الطبية المنقذة للحياة إلى العديد من المناطق المحاصرة في سوريا مثل غوطتي دمشق والقلمون ودير زور وجنوب درعا وحمص وريف حمص وريف حماة وريف أدلب وريف حلب وخاصة تلك التي تشهد عمليات عسكرية”.
واضاف الدكتور خالد” انخفضت معدلات التطعيم في سوريا إلى نحو 68 في المئة بعد أن كانت تتجاوز 90 في المئة قبل الصراع”.
وتعيق العمليات العسكرية المستمرة والاستهداف الممنهج للمدنيين والعاملين في الخدمات العامة، وخاصة الصحية منها، عمل المشافي الميداني والنقاط الطبية؛ وكان له الأثر الرئيسي في فقدان حياة آلاف الأطفال الأبرياء، وقد حدت بشكل كبير من عمل المنظمات والجهات الانسانية والطبية ووصولها الى المناطق الأكثر تضرراً جراء الأعمال العسكرية.
وأطلق نشطاء سوريين حملة أطلقوا عليها اسم (من أجل إنقاذ أطفال سوريا) ناشدوا فيها” جميع الأطراف على الأرض من مسلحين وسياسيين وناشطين بضمان وقف إطلاق النار من أجل تسهيل وصول المساعدات الطبية المنقذة لحياة مئات الآلاف من الأطفال على الأراضي السورية ومن ضمنها بشكل أساسي اللقاحات”.
وأعلنوا الناشطين عن صفحة للحملة على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك ووقع عليها العديد من الناشطين والمعارضون السوريون، وطالبوا من خلالها” بالتوقف الكامل والغير مشروط عن استهداف وتهديد وإرهاب الأطباء والممرضين والعاملين في الصحة العامة والمسعفين وعمال الإغاثة، واستهداف المؤسسات الصحية أو استخدامها لأغراض عسكرية”.
وحملَ الناشطين السوريين في حملتهم جميع الأطراف” سواء العسكرية المسلحة من الطرفين أو السياسية، أن انتصارها أو خسارتها لن يعيد لأطفال سوريا حياتهم وإن ماتوا بسبب العمليات العسكرية المتواصلة أو نتيجة المرض كالحصبة أو شللّ الأطفال، عليهم أن يعوا انهم يحكمون على أطفال سوريا بالموت والمرض لأجيال عديدة”.
ونشر نشطاء معارضون من مدينة جوبر بريف دمشق، مقطعاً على موقع (اليوتيوب) يظهر فيه أعلامي من التنسيقية، يجري لقاءات مع عدد من الأطفال الصغار يسألهم عن رأيهم في الحياة بظل هذه الظروف القاسية جراء الحرب والحصار، وبعد ثواني؛ سقطت قذيفة بالقرب من مكان التصوير وأصيب أحدهم في يده وهرع الآخرون يركضون للابتعاد عن المكان، وهذه كانت صورة من المآسي التي يعيشها أطفال سوريا اليوم.
أطفال سوريا بينّ نيران الحرب ومرض شللّ الأطفال
- التفاصيل