مرور 1000 يوم على الأزمة السورية
بعد مرور 1000 يوم على الأزمة السورية وفي ظل حالة البرد القاسية، سيطرت صور أطفال سوريا بسبب العاصفة الثلجية "ألكسا" التي تضرب مدن سوريا ومحافظاتها هذه الأيام ، على وسائل الاتصال السورية، وبات الابتهال والدعاء لحماية أولئك الأطفال أشبه بتعويذة تحتل كل الصفحات السورية.
وإن كان الإعلام اهتم بتغطية مخيمات اللجوء السوري وظروف البرد القارس والموت شبه الأكيد، فإن ما يعانيه السوريون داخل سوريا يمكن تصنيفه تحت بند الموت البطيء، ويبقى الفارق ما بين الحالتين أن الأولى في خيمة والأخيرة تحت سقف وبين أربع جدران، فالمدن السورية كلها تقريباً محرومة من الكهرباء معظم ساعات اليوم، وفي بعض المدن محرومة كلياً، عدا عن شبه انقطاع للوقود في المدن، وبالتالي صعوبة إيجاد وسيلة للتدفئة تساعد الأطفال والكبار على مقاومة الموت البارد.
وسجلت أول حالة وفاة سورية بسبب البرد كانت من الرستن، حيث توفيت أمس الطفلة نضال اسكيف بعد أن تجمدت يداها من البرد وتوقف قلبها لشدة الصقيع.
الصورة الأكثر انتشاراً
وذكر موقع "العربية . نت" أن الصورة الأكثر انتشاراً على الصفحات السورية هي تلك التي تحمل رمزية واضحة، تظهر مدى المعاناة والألم الذي تعيشه سوريا، بعد أن قرر البرد الفتك بحياتهم إلى جانب الرصاص والسكاكين التي استعملها النظام وأعوانه.
بساطة الصورة "رجال ثلج يصلون على متوفى" ورمزيتها جعلت منها الأكثر ألماً وإيلاماً، حتى إن الكثيرين استخدموها بدلاً من صورهم على صفحات "فيسبوك".
وعمل بعض السوريين على نشر صور لأطفال سوريا، وقام بعضهم بتصاميم لمحاولة التأثير على الرأي العام لمساعدة أولئك الأطفال، كصورة الأطفال الذين يتدفئون على مدفأة مرسومة على الجدار.
وانتشر رسم كاريكاتيري لرجل الثلج الكرتوني وهو يعانق طفلاً سورياً، ليصل التعاطف والتأثر برجل الثلج إلى حد البكاء على الصديق الذي قد لا يحتمل قلبه الصغير كل تلك البرودة.
واحتلت صورة الأب الذي يحمل ابنته مع تجليات القهر على وجهه حيزاً واسعاً من المشاركات، على أمل أن تصل إلى الرأي العام كما وصلت صور الأطفال.
موت بارد
وقال ناشطون :"إن حمص ودعت الطفل "حسين طويل" ذو الـ6 أشهر لعدم قدرة قلبه على مقاومة البرد الشديد، حيث وصلت درجة الحرارة في حمص إلى 3 درجات تحت الصفر، ليكون حسين هو الطفل الثاني بعد نضال، وليشتركا أيضاً في العمر إذ إن الطفلين في أشهرهم الأولى من العمر".
ويتنادى نشطاء في رسائل استغاثة، وينبهون من أن عدداً كبيراً من الأطفال في سوريا معرضون للموت برداً، نتيجة تضييق النظام السوري على الناس وشبه انعدام وسائل التدفئة.
محاولات إنقاذ
وفي محاولة لتدارك كارثة إنسانية ناتجة عن "عاصفة أليكسا" التي تجتاح لبنان والأردن وسوريا وفلسطين وبعض مناطق تركيا، قامت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بمساعدة من الجيش اللبناني بتوزيع معدّات إغاثية عاجلة على نازحين سوريين يعيشون في الخيام في منطقة البقاع، شرقي لبنان، وهي المنطقة الأكثر تأثراً بالعاصفة حتى الآن بحسب المفوضيّة.
وأعلنت المفوضيّة السامية عن إتمام تسليم معدات إغاثية لحوالي 125 ألف نازح في البقاع ، إضافة لحوالي 55 ألف نازح آخرين سيستلمون المعدّات خلال الأيام القليلة المقبلة، شملت هذه المعدات سواتر بلاستيكية وأخشاب ومعدات أخرى تساعدهم في ترميم خيامهم.
وفي المقابل، لم يتمكّن فريق المفوضيّة من الوصول لمخيم "كلّس" على الحدود السورية التركية، وذلك بسبب إغلاق الطرقات وتراكم الثلوج، في حين كانت لبنان قد سمحت في وقت سابق من الأسبوع باستخدام معدّات الجيش اللبناني من أجل الوصول للنازحين وتوزيع المساعدات لهم أثناء العاصفة.
أوضاع مأساوية
ويعاني النازحون السوريون من أوضاعٍ مأساويّة في مواجهة العاصفة، إذ تحطمت بعض الخيام في بعض المناطق، واجتاحت المياه العديد منها، عدا عن النقص الكبير في الوقود ووسائل التدفئة المتوفّرة، وتبدو المساعدات شحيحة جداً مقارنة بحجم الكارثة، إذ اكتفت المنظّمات الإنسانيّة بتوزيع حوالي 250 ألف بطانية و6 آلاف فرن للنازحين السوريين في لبنان خلال الشهور الماضية، كما شملت المساعدات على مبالغ مالية (بقيمة 150 دولارا) وزعت على 45 ألف عائلة من أجل التجهّز للعاصفة وشراء الوقود والأفران.
ويبلغ عدد النازحين السوريين في لبنان أكثر من 800 ألف نازح، وعلى عكس الدول المحيطة الأخرى التي استقبلت النازحين، لا توجد في لبنان مخيّمات مجهّزة وإنّما يعيش النازحون في تجمعات للخيم موزعة في أكثر من 1600 نقطة على طول البلاد، وهو ما يجعل أوضاع هؤلاء النازحين كارثية نتيجة لضعف الموارد المتاحة وهشاشة الخيم إضافة إلى أن ذلك يصعّب مهمّة إيصال المساعدات.
ويقدّر عدد النازحين السوريين في البلدان المحيطة بسوريا بحوالي 2.3 مليون نازح، إضافة لملايين النازحين داخلياً في سوريا، وقد وثّق ناشطون حالات وفاة متفرّقة في سوريا نتيجة العاصفة في مناطق مختلفة من البلاد، لكن لا توجد تقديرات دقيقة حتى الآن عن العدد الكلّي للوفيات.
«البرد القارس» يجمد أطفال سوريا
- التفاصيل