أخبار الآن | دمشق – سوريا – (ريما ميداني):

هرول مسرعاً من صف مدرسته المتواضعة، تاركاً ورائه الباب مفتوحاً، ومعلمته بحالة ذهول! ليعود بعد دقائق منهك القوى من شدة الجري، وهو يحاول التقاط أنفاسه المتسارعة، توبخه معلمته مستفسرة منه عن سبب خروجه المفاجئ من صفها دون إذنها، ويأتي جواب ثائر ليبكيها!..

نشر من قبل: تقارير أخبار الآن، شوهد: 56

يأتي تبرير ثائر منفعلاً: "أعذريني يا معلمتي؟  والله، قد ذهبت إلى مطبخ مدينة الحجر الأسود الخيري، لأحجز دوراً لي، للحصول على وجبة الطعام قبل أن تتشرذم صفوف الجائعين على مواعين الطعام الخيرية وينفذ نصيبنا منها، فأبي وأمي مريضان".   

تلك حكاية الطفل (ثائر) ذو الثمانية أعوام، ابن مدينة الحجر الأسود بريف دمشق، الذي  أرغمه النظام وهو في مرحلة الطفولة، أن يكون مسؤولاً عن والديه المريضين، جراء نقص الطبابة والدواء والغذاء، الناجم عن الحصار الخانق لقوات النظام للمدينة منذ نحو (300) يوم، ومنع دخول أيّة مساعدات إغاثية إلى المنطقة، بغية تجويع سكانها وتركيعهم، وقصفها المتكرر بشتى أنواع الأسلحة والمدفعية الثقيلة على منازل المدنيين، والتي كانت سبباً لمقتل العشرات منذ بداية الثورة.

تسربت قصة الطفل "ثائر" من بين ملايين قصص الحرب المؤلمة التي يشنها النظام ضد شعبه المناهض لحكم الأسد، لتحظى باهتمام واسع من الناشطين ومتصفحي مواقع التواصل الاجتماعي ويزينوا بها صفحاتهم كأيقونة كفاح وصبر وأمل.

صورة "ثائر" وهو يحتضن وعاء الطعام الفارغ، بانتظار دوره بين جموع الأطفال، بيدين صغيريتن، ووجه متسخ، وثياب رثة، وشعر أشعث، وابتسامة دافئة، طبعت ألماً كبيراً في قلوب كل من رآها، ووصمت عاراً كل شخص كان سبباً فيها.

يقوم (مجلس محافظة القنيطرة) درواً كبيراً، في دعم أهالي "الحجر الأسود" من المنكوبين والمحاصرين، في ظل الحصار الخانق، حيث خصص ملبغاً قدره (50000) دولار، لـ مشروع "مطبخ مدينة الحجر الأسود"، الأمر الذي سمح لهم لليوم السابع عشرعلى التوالي، بدعم أهالي المنطقة من خلال طهو الطعام وتوزيعه، وفق ما ينشره (المجلس المحلي في مدينة الحجر الأسود) على صفحته الرسمية في موقع (فيس بوك)، كما نشر كذلك  مقطع فيديو يظهرعدداً من شبان المنطقة المتطوعين، يقومون بإعداد الطعام وتحضيره، على نار ما توفر من بقايا أخشاب المنازل المهدمة في ظل انعدام الكهرباء والغاز، حيث كانوا يعدّون بعض أنواع الطبخ السوري، كالشاكرية والأرز وحساء العدس، والتي بالكاد تكفي جموع الجياع المنتظرة في الخارج.

يؤكد ناشطون سوريون أن أهالي الحجر الأسود المحاصرين يبلغ عددهم حوالي( 40) ألف نسمة، من بينهم  سكان أصليين ونازحين، وقد سجلت التنسيقيات عدداً من "حالات إغماء" أصابت أطفال المدارس بشكل خاص وهي ناجمة عن نقص حاد في الغذاء، وبحسب ناشط من أهالي المنطقة، فإن  الطفل في منطقة (الحجر الأسود) بالكاد يتمكن من الحصول على وجبة واحدة يومياً.

JoomShaper