المصدر: حوار: نورا الأمير

التاريخ: 14 أكتوبر 2014

دعت قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قادة العالم والمجتمع الدولي إلى وضع حد لمعاناة الأطفال والنساء اللاجئين في مختلف أنحاء العالم.

وأكدت سموها في حوار مع «البيان» أن قضية اللاجئين يجب أن تتجاوز مسألة توفير الخيام والمساعدات الإنسانية، لتصبح أولوية على أجندة قادة المجتمع الدولي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وشددت على جعل الحقوق الأساسية للأطفال والنساء اللاجئين في مقدمة الأولويات، عبر اتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الرامية إلى ذلك، مطالبة بعدم إطالة أمد التهجير والتشريد، والدعوة إلى السلام والكف عن النزاعات والحروب.

وطالبت سموها بمناسبة استضافة إمارة الشارقة «مؤتمر الاستثمار في المستقبل» غداً بالعمل الفوري الجاد والمشترك لمناصرة الأطفال ومساعدتهم ضمن رؤية واستراتيجية تضمن حمايتهم، وتوفير الرعاية لهم، وضمان مستقبلهم.

وأفادت بالسعي لأن تكون صور معاناة الأطفال دافعاً للعالم أجمع للوقوف إلى جانبهم، باعتبار ذلك مسؤولية أخلاقية وإنسانية.

وتالياً نص الحوار:

نتابع بتقدير دور الإمارات قيادة ومؤسسات في التخفيف من معاناة الأطفال اللاجئين، نتمنى من سموكم إطلاعنا على التطور الذي طرأ على هذا الدور في ضوء المعطيات والمتغيرات التي شهدتها جغرافية العالم في أكثر من بقعة نزاع؟

عندما نتحدث عن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، في مختلف مجالات العمل الخيري والإنساني، فإننا نتحدث عن تاريخ من الخير والعطاء أسس له المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، وتابعه قادة الاتحاد.

أما عن التطور الذي طرأ على هذا الدور فهو ما يفرضه علينا التزامنا الإنساني نحو أهلنا وأطفالنا في المنطقة والتزامنا تجاه الإنسانية في العالم أجمع، خلال السنوات الثلاث الماضية شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومازالت، العديد من النزاعات والحروب مما نجم عنها كوارث إنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

لقد كانت الإمارات حاضرة وبقوة للدعم والوقوف إلى جانب هؤلاء اللاجئين في مختلف الدول وكانت دائماً السباقة لتقديم المساعدات والسعي لحلول عملية، واليوم مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي يعقد غداً ويستمر يومين، ما هو إلا محطة جديدة لدولة الإمارات وإمارة الشارقة نسعى من خلالها إلى ما هو أكثر من تقديم المساعدة الوقتية والعمل على الاستثمار في مستقبل الأطفال اللاجئين.

أهداف

ما الأهداف المتوخاة من مؤتمر الاستثمار في المستقبل، وخصوصاً ما يتعلق بحقوق الأطفال اللاجئين، وحمايتهم من المخاطر التي يتعرضون إليها؟

لكل طفل في هذا العالم الحق في أن يتوفر له مقومات الحياة الكريمة، وجميعنا مسؤولون عن ذلك، مسؤولية أخلاقية وإنسانية، فكيف ونحن نتحدث عن أطفال أجبروا جراء الأحداث التي تتعرض لها بلدانهم إلى الخروج منها واللجوء إلى مناطق أخرى، فهنا المسؤولية مضاعفة وحقوقهم أمانة في أعناق قادة المجتمع الدولي وأفراده، وأهدافنا من هذا المؤتمر هي أن نوحد الجهود للعمل على توفير تلك الحقوق للأطفال اللاجئين.

لدينا مجموعة من الأهداف نسعى أن نصل إليها من خلال المؤتمر في مقدمتها الوصول إلى آلية عمل متفق عليها دولياً لحماية الأطفال اللاجئين وتوفير المقومات الأساسية لضمان مستقبل جيد لهم، وكما تعلمون يشارك في المؤتمر عدد كبير من صناع القرار والمعنيين بهذا الشأن ومن خلال الجلسات والمناقشات نسعى إلى الخروج بمبادئ تستند إلى رؤية واحدة ومسار عمل واحد يجمع كافة الداعمين من حكومات ومنظمات وأفراد، وفي نهاية المطاف تصب جميعها في مساعدة الأطفال اللاجئين والأخذ بيدهم إلى مستقبل أفضل.

ونسعى إلى توعية الشباب في دولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال منتدى اليافعين الذي يقام بالتوازي مع المؤتمر بقضايا الأطفال واليافعين اللاجئين، وحثهم على العمل وإطلاق المبادرات الاجتماعية في هذا الشأن.

ما تقييم سموكم للعمل الدولي تجاه الأطفال اللاجئين من ناحية الجهد المبذول مقارنة مع مقدار حجم معاناة هذه الفئة؟

لا يخفى على أحد حجم معاناة الأطفال اللاجئين، الأمر الذي يتطلب تكاتف كافة الجهود الدولية، والعمل المتواصل لحل بعض من مشكلاتهم التي تتطلب وقتاً طويلاً.

هنالك العديد من الجهود الدولية التي تبذل في هذا الصدد وفي مقدمتها ما تقوم به المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الدعم والتنسيق المشترك من كافة الجهات المعنية من حكومات وداعمين ومنظمات محلية ودولية، لمناصرة اللاجئين والعمل على تأمين احتياجاتهم للحياة وليمضوا قدماً نحو المستقبل.

ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حالياً من أزمات وحروب وما أفرزته من تداعيات سلبية أدت إلى لجوء الملايين وتزايد أعداد اللاجئين بشكل يومي، فاقمت وبشكل كبير حجم المعاناة على اللاجئين وعلى الأطفال تحديداً، وأيضاً على الدول المستضيفة، فجميع هؤلاء لاجئون وبحاجة إلى المساعدة في نفس الوقت وفي نفس المنطقة، وبالتالي لا تستطيع جهة واحدة أو جهات متعددة تعمل بشكل فردي على تلبية احتياجاتهم، ولهذا ما نحتاجه حقيقة من كافة أطياف المجتمع الدولي، من قادة وحكومات ومنظمات وقطاع خاص وأفراد، أولاً الإيمان بحق هؤلاء الأطفال بالحصول على مقومات الحياة والمستقبل، وهنا أشدد على المستقبل لأنه الحياة، وثانياً العمل الفوري الجاد والمشترك لمناصرة الأطفال ومساعدتهم ضمن رؤية واستراتيجية تضمن حمايتهم، وتوفير الرعاية لهم، وضمان مستقبلهم.

فاتورة باهظة

الطفل العربي يدفع فاتورة باهظة في دول الأزمات والحروب، كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع للتقليل من النتائج السلبية التي تنعكس على مستقبله؟

الطفل في أي صراع هو المتضرر الأكبر دائماً، ليس فقط في الوطن العربي وإنما في العالم أجمع، فعندما نتكلم عن الأطفال فنحن نتحدث عن المستقبل، وعن الشريحة الأكثر ضعفاً في المجتمع فهم بحاجة إلى الحماية والرعاية والاهتمام والتعليم، كل تلك الأمور تكاد تختفي أثناء الصراعات، كما أن منهم من يتعرض إلى صدمات نفسية جراء ما يشاهده ويدور حوله وما يتعرض إليه، وبالتالي يجب التعامل مع قضية الأطفال اللاجئين بجدية أكبر، الحروب والصراعات تستنزف حاضر الشعوب والدول ولا نريدها أن تستنزف المستقبل، ولهذا فإننا نسعى للحفاظ على المستقبل من خلالهم.

أما عن آلية التعامل مع الأطفال اللاجئين وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تضم الأطفال العرب فسيكون الموضوع مطروحاً لبحث أفضل السبل والآليات للتعامل مع قضاياهم وضمان حمايتهم ورعايتهم وتعليمهم.

التعليم ضرورة ملحة يحرم منها الكثير من أطفال اللجوء، ما هو تقييمكم لذلك؟، وما الوسائل التي ترونها لتخفيف حجم المشكلة المترتبة على انقطاع الأطفال عن التعليم أو سوء البيئة التعليمية في مخيمات اللجوء؟

إن من أهم أسباب انقطاع الأطفال اللاجئين عن مواصلة التعليم المدرسي بحثهم عن مصدر رزق لهم ولأسرهم، للمساهمة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، وعليه فإنه يجب أن نسعى إلى تأمين تلك الاحتياجات، كي تتاح لهم الفرصة من جديد للالتحاق بالتعليم، ونسبة الأطفال اللاجئين تتجاوز 50% من اللاجئين، وبخصوص أطفال سوريا كمثال، هناك نحو 1.8 مليون طفل لاجئ، غالبيتهم في سن الدراسة، ونصفهم على الأقل لم يلتحق بالمدرسة.

نحن نؤمن بأن حق الطفل في التعليم لا يقل أهمية عن حقه في المأكل والمسكن، ولذلك يجب العمل على وضع استراتيجية خاصة بالتعليم بالتنسيق مع المنظمات الدولية التي لها خبرة كبيرة في هذا المجال كالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمفوضية العامة للأونروا والدول المستضيفة، ولكن مجدداً نحن نحتاج هنا إلى رؤية موحدة وجهود مشتركة ودعم دولي، فالتعليم بحاجة إلى متطلبات من مدارس ومعلمين وأدوات وأعداد اللاجئين في بعض المخيمات تفوق أعداد المواطنين في مدن بعض الدول المضيفة.

رفع وعي الأطفال

أكدت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي أنه لابد من الإشارة إلى ضرورة رفع الوعي لدى الأطفال أنفسهم ولدى ذويهم بأهمية التعليم حتى في هذه الظروف التي يمرون فيها، وهذا جانب مهم جداً، فنتيجة الأوضاع المادية والنفسية التي تمر بها العائلات اللاجئة يصلون في بعض الأحيان إلى مرحلة ضعف ويأس من الحاضر والمستقبل، ويغفلون عن مدى ضرورة عدم انقطاع أطفالهم عن الدراسة.

وحتى الأطفال أنفسهم لا يكون لديهم الوعي الكافي بأن التعليم هو السلاح الذي سيدافعون به عن مستقبلهم وعن بلدانهم، وسيضعهم على طريق المستقبل الأفضل، فالمستقبل لا يمكن أن يكون ذا معنى أو مغزى بعيداً عن التعليم.

غداً في الشارقة .. 300 مسؤول يناقشون سبل حماية الأطفال

تستضيف الشارقة غداً مؤتمر الاستثمار في المستقبل للمرة الأولى في المنطقة، والذي يبحث ويناقش سبل حماية الأطفال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استجابة من المفوضية وبالتعاون مع حملة «القلب الكبير» لما تشهده المنطقة من تزايد كبير في أعداد للاجئين في بعض بلدان المنطقة التي تمزقها الحروب.

ويهدف المؤتمر الذي يشارك فيه أكثر من 300 من قادة الدول والمسؤولين الحكوميين، وخبراء دوليين وإقليميين في شؤون اللاجئين وحماية الأطفال من مخاطر المناطق التي تشهد حروباً، إلى وضع آليات محددة تضمن حماية الأطفال واللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من مخاطر الاستغلال والعنف بكافة أشكالهما.

ويسعى المؤتمر إلى توفير الحقوق الكاملة للأطفال اللاجئين، خاصة في مجال المأوى والغذاء والرعاية الطبية والعلاج النفسي والتعليم.

ولم يقتصر الاهتمام بالمؤتمر على المنظمات والمؤسسات الإنسانية والقانونية، بل امتد ليشمل كبرى المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية التي بدأت تستعد لمتابعة جلسات ونقاشات المؤتمر وما سيتم التوصل إليه، كما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من قبل حسابات متنوعة حول العالم تتحدث عن المؤتمر وأهدافه والنتائج المتوقعة منه.

دور فاعل

وأكدت نورة النومان، مدير عام المكتب التنفيذي لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، أن إمارة الشارقة تسعى من خلال استضافتها لمؤتمر الاستثمار في المستقبل إلى أن يكون لها دور فاعل ومؤثر في توحيد جهود المجتمع الدولي ووضعها في مسار واحد لتخفيف معاناة الأطفال اللاجئين في المنطقة، والاستثمار في مستقبلهم من خلال توفير حقوقهم الأساسية، وفي مقدمتها المأوى والغذاء والصحة والتعليم، وحمايتهم من أي أخطار قد يتعرضون إليها جراء الجوء من عنف جسدي أو جنسي أو فكري.

وأعلن المؤتمر عن أسماء الشخصيات التي أكدت مشاركتها فيه، ومن أبرزهم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ووزراء من الإمارات والخليج وعدد من الدول المستضيفة للاجئين، وأنطونيو غوتيريس، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، آن ريتشارد معاونة وزير الخارجية الأميركي لشؤون السكان واللاجئين والهجرة.

ويشارك في المؤتمر لين فيذرستون وزيرة التنمية الدولية البريطانية، زينب بانغورا، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في النزاعات، أحمد الهنداوي، مبعوث الأمم المتحدة لشؤون الشباب، وعدد من كبار الشخصيات العالمية والإقليمية التي لها حضور وعلاقة بقضايا الأطفال اللاجئين.

مشاعر

ملف اللاجئين مؤلم جداً

تحدثت قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عن أكثر وضوحاً لمعاناة الأطفال في مناطق اللجوء من خلال متابعة سموها ومشاركتها وزياراتها، وقالت: هذا الملف محزن ومؤلم جداً، فما أكثر الصور التي تستفز مشاعرنا وتحفزنا للمزيد من العمل لأجلهم، وخلال متابعتنا اليومية ومختلف زياراتنا إلى مخيمات اللجوء، كانت تلك الصور المحزنة والمؤلمة تشعرنا بضرورة البحث الجاد والسعي الحثيث لأجل هؤلاء الأطفال، على الرغم من قناعاتنا وتوجهاتنا إلى تحقيق ذلك، لكن تلك المشاهدات كانت عاملاً إضافياً كبيراً لأجل أن ننجز المزيد لهم، فقد التقيت أطفالاً لاجئين كثيرين وتحدثت معهم، ولكل منهم قصة، وأخبرني بعضهم عن فقدانهم لأهلهم أو أصدقائهم، وعن تعرضهم للإصابة أو عن مصاعب مروا بها، وكان بعض الأطفال الذين التقيتهم في حالة من الصدمة، الصور كثيرة وجميعها مؤلمة ولكن نسعى أن تكون صور معاناة الأطفال دافعا للعالم أجمع للوقوف بجانبهم.

كلمة

كرامة الإنسان حق تكفله الشرائع

وجهت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي كلمة إلى قادة العالم ومؤسسات المجتمع المدني لتخفيف معاناة الأطفال وضمان بيئات مناسبة لهم خصوصاً القوانين التي تحول دون تعرضهم للعنف والاستغلال.

وقالت سموها: المحافظة على كرامة الإنسان حق تكفله الشرائع السماوية قبل القوانين والأعراف، وعلى العالم أن يتحرك بقوة لتخفيف معاناة اللاجئين، وخاصة الأطفال الذين بات المستقبل أمام كثير منهم، باهتاً لا يبعث على التفاؤل والأمل.

أشدد هنا على أن قضية اللاجئين يجب أن تتجاوز مسألة توفير الخيام والمساعدات الإنسانية، لتصبح أولوية على أجندة قادة المجتمع الدولي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ذلك أن تضافر جهودهم جميعاً وراء هذا القضية سيسهم في عدم تحويلها إلى أزمة طويلة الأمد، تسبب المعاناة للسكان الذين أجبروا قسراً على مغادرة أوطانهم، والتخلّي عن ممتلكاتهم ومقتنياتهم، ليتحولوا إلى أرقام في مخيمات المعاناة والبؤس في مختلف أنحاء العالم.

JoomShaper