DECEMBER 29, 2015

المفرق – الأناضول: باتت «العودة» إلى الوطن تمثل حلمًا بالنسبة للاجئين السوريين في الأردن، بعد أن أبعدتهم الحرب المستعرة عنه منذ ما يزيد عن أربعة أعوام ونصف العام، والتي كانت سبباً في نزوح الملايين عن بيوتهم.
ساعات معدودة ويدخل العالم عاماً جديداً، والسوريون كغيرهم من بني البشر، يحملون في أنفسهم أحلاماً وأمنيات، لكنها من شدة الألم وعمق الجرح، لا تعدو عن حلم بالعودة إلى ديارهم، مجسدين بذلك قول الشاعر «بلادي وإن جارت علي عزيزة..».
وخلال جولة الأناضول، في محافظة المفرق (شمال شرق) التي تشهد تواجداً كبيراً للاجئين السوريين، وصلت نسبتهم 88% من العدد الإجمالي لسكانها، نظرًا لقربها من بلادهم والتشابه في

خالعادات والتقاليد، فقد أجمع الصغار والكبار، النساء والرجال، على أمنية وحلم واحد ينتظرونه العام المقبل، ألا وهو «العودة إلى سوريا».
الحاجة أرحيله السالم أم محمد، في العقد السابع من عمرها، التي تعيش في خيمة برفقة ابنها العشريني وعائلته المكونة من أربعة أفراد، منصوبة في أحد سهول المفرق، للأناضول وعبارة «الله يفرجها» لا تفارق قالت: «لا تصدق يا ولدي بأن من يعيش في خيمة مبسوط ومرتاح، فكل شيء بالحسرة، والمعين الله، والله ينصر من يركض ويجاهد». وتمضي «أعيش في هذه الخيمة منذ ثلاث سنوات، تبرعت بها سيدة من السعودية، وسمح لي صاحب الأرض بأن أبنيها هنا، والحمد لله محرومين من كل شيء، والله يفرجها ونرجع على سوريا».
وبينت حورية فرج (30 عاماً) من حمص، أنها تتمنى أشياءً كثيرة، لكن أهم ما تريده هو «العودة أنا وأولادي الثلاثة إلى بيتنا في سوريا».
صفاء عيوش أم طلال (52 عاماً)، أطلت من نافذة كرفانها تستشرف الأمل، ورغم إصابتها برصاصة في قدمها اليمنى وابنها بأخرى في ظهره، إلا أنها قالت «يجب أن أرجع إلى بلدي عندما يهدأ الوضع هناك ولن أبقى هنا، وأدعو الله ليلاً ونهاراً، أن لا يوفق الله بشار (الرئيس السوري)».
ولم تختلف الستينية، عالية أم حمدان، عن سابقاتها، فعلى الرغم من قصر فترة مكوثها في الأردن، التي لا تزيد عن عام، إلا أنها أوضحت قائلة «الحرب دفعتني لمغادرة البلاد، وقد تنقلت كثيراً حتى وصلت إلى الساتر الأردني (على الحدود)، وغادرت بعدها إلى مخيم الأزرق، ومن هناك جئت إلى المفرق، وأتمنى العودة إلى سوريا في أقرب وقت».
ورغم مفارقة ما قالته، لكنها كانت تحاكي الواقع، فقد اعتبرت أمل أم محمد (37 عاماً) «أتمنى في العام المقبل أن أتمكن من تدريس أبنائي وإطعامهم دون الحاجة إلى أحد، ولقد نسينا سوريا، وليس عندي أمل بالرجوع إليها، وهذا ما أتمناه بالفعل، لأنني إن عدت فأين سأذهب بأبنائي».
ووفق إحصائيات رسمية، يوجد في الأردن مليون و400 ألف سوري، منهم 750 ألفًا، دخلوا البلاد قبل بدء الصراع في سوريا، بحكم القرب الجغرافي والديمغرافي، فيما سجُل البقية كلاجئين.
وتزيد الحدود الأردنية مع جارتها الشمالية سوريا عن 375 كيلومترا، يتخللها العشرات من المنافذ غير الشرعية، التي كانت ولا زالت معابر للاجئين السوريين، الذين يقصدون أراضيه نتيجة الحرب المستعرة التي تشهدها سوريا قبل نحو أربع سنوات.
ومنذ منتصف مارس/ آذار 2011، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من 44 عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين قوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم.

JoomShaper