خمس سنوات بما تحتويه من مآسي وآلام أرخت بظلالها على أطفال سوريا الذين دفعوا الضريبة الأكبر جراء الحرب التي اندلعت في بلدهم، والتي أجبرت آلاف الأطفال لترك مقاعدphoto709857605135214962 الدراسة والدخول في سوق العمل، ليتحولوا في وقت قصير الى منتجين ومعيلين لأسرهم.

وحول تفاقم أزمة عمالة الأطفال ومدى خطورتها تحدث أحد العاملين لدى منظمة الطفولة العالمية اليونيسف “وليد أحمد” في تصريح خاص للمكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية: “بأن عمالة الأطفال بلغت مستويات خطيرة في سوريا، حيث أن أكثر من 45% من أطفال سوريا تسربوا من المدارس عام 2015، 5,6 مليون طفل سوري بحاجة إلى المساعدة، ومن الطبيعي أن غالبية أولئك الأطفال إن لم يكن كلهم، يعملون الآن في الشوارع السورية وفي شوارع المخيمات، حيث تحيط بهم الأخطار من كل حدب وصوب”.

وحول الأسباب التي جعلت ظاهرة عمالة الأطفال تتفاقم يقول”أحمد”: “إن أهم أسباب تفاقم هذه الظاهرة، هو القصف العنيف للنظام على مناطق المعارضة ما أدى لتدمير كل متطلبات العيش ودفع الأطفال للتفتيش عن أي عمل يجعلهم يبقون على قيد الحياة، إضافة لقلة الوعي لدى بعض الأهالي، وعدم إدراكهم لخطورة زج أولادهم في العمل، فبعض الأهالي يفضلون أن يرسلوا أبنائهم إلى قطاف الزيتون على أن يرسلوهم إلى المدرسة لكي يتعلموا، فضلاً عن غياب دور المنظمات والجمعيات الأهلية في توعية الأهالي لخطورة هذه الظاهرة”.
وحول طبيعة المهن التي بدأ الأطفال يزاولونها بعد عام 2011 يقول عضو المجلس المحلي في مدينة الأتارب بريف حلب “غسان الأشقر” في حديث مع المكتب الإعلامي لقوى الثورة السرية: بأن الأطفال اضطروا مع استهداف المدارس من قبل النظام وحلفائه، للعمل في أي مهنة تلبي لهم ولعائلاتهم متطلبات حياتهم اليومية، وأصبحت المهنة الأكثر انتشاراً بين أطفال ريف حلب هي التجول في الشوارع، وغالبية الأطفال المتجولين يعملون في بيع البسكويت والشوكولا والقداحات، والمبالغ التي تدرها لهم مهنة البيع تلك لا توفر لهم غالباً سوى شراء الخبز لعائلاتهم”.

وأضاف “الأشقر”، “بأن بعض الأطفال أيضاً اضطروا للعمل في العتالة، ويتركز وجودهم في سوق الهال، ويقومون بنقل البضائع وتحميلها من وإلى السيارات، أو بين المحلاتphoto709857605135214963 التجارية، ومتوسط مردودهم هو 100 ليرة سورية للنقلة الواحدة”.

وحول معاناة بعض الأطفال يقول “محمود” وهو طفل من عربين بريف دمشق عمره 14 عاماً: “تركت المدرسة بعد أن أصيب والدي، ولم يعد قادراً على العمل، ولدي ثلاثة إخوة في المنزل يحتاجون إلى طعام وشراب، لذلك أعمل في تقطيع الحطب وتعبئته في أكياس والتجول في المدينة لبيعه، وأشتري بعض الخضراوات إن استطعت أن أبيع كل ما لدي من حطب، وإن لم يحالفني الحظ أعود إلى المنزل خالي اليدين”.

أما “عبد الله” وهو طفل من مدينة الحولة بريف حمص وعمره 15 عاماً يقول: “أسعى جاهداً لأعمل في أي عمل ولكن لا توجد فرص عمل جيدة، بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام على المدينة، وبالتالي ليس أمامنا سوى العمل في العتالة”.
وفي المقابل هناك ظاهرة خطيرة جداً انتشرت منذ اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، تمثلت بمحاولة العديد من الأطفال ولاسيما بين 14 و 18 عاماً، الالتحاق بالفصائل المقالتة على الأرض، وحول هذا الموضوع تحدث مدير المكتب الاعلامي لفرقة أسود السنة التابعة للجيش الحر “باسل مفعلاني” في حديثه لـRFS: “بأن العديد من الأطفال حاولوا الإنضمام الى الجيش الحر، وهناك قسمين من هؤلاء الأطفال، فبعضهم يطمع في الحصول على راتب شهري من الفصيل الذي ينتسب له ليعيل به أهله، وبعضهم يتنسب الى تلك الفصائل بدافع الحماسة والبطولات والرغبة بحمل السلاح، أو أنه فقد كل أسرته أو بعضها، وضاقت به الحياة ويود الهروب من ذلك الواقع والدخول في واقع جديد، دون أن يدرك حقيقة مخاطره”.

وأضاف “مفعلاني”، “أن الجيش الحر يعمل على امتصاص حماسة هؤلاء الأطفال ويحاول توعيتهم وإبلاغم بخطورة ما يقدمون عليه، ولايسمح لهم بحمل السلاح وإنما يحاول التواصل مع المجالس المحلية لايجاد عمل لأولئك الأطفال، ولكن هناك بعض الأطفال الذين يصعب توعيتهم، حيث تسعى بعض الجماعات المتشددة لغسل أدمغتهم وضمهم اليها، ولا سيما تنظيم داعش الذي يحاول استقطاب الأطفال تحديداً بين 14 و 18 عاماً لاشراكهم في جبهات القتال، وبالتالي يسعى الجيش الحر في هذه الحالة لجعلهم يعملون لديه في الناحية الخدمية فقط دون السماح لهم بحمل السلاح، وذلك لمنعهم من الإنضمام الى الجماعات المتشددة”.

وحول الحلول لمعالجة ظاهرة عمالة الأطفال يقول عضو جمعية أمل المهتمة برعاية الطفل “عبد الجليل تبان”: “إن الحل لمشكلة عمالة الأطفال تتمثل في مراقبة سوق العمل من قبلphoto709857605135214964 المجالس المحلية في المناطق التي يتواجد فيها الأطفال، ومعاقبة أي شخص يشغّل لديه طفلاً، إضافة الى ضرورة قيام منظمات المجتمع المدني بإيجاد نشاط فعليّ لهؤلاء الأطفال الذين يعملون في مجالات لا تليق بأعمارهم، محذراً من أنه إذا استمرّت الأوضاع بهذه الطريقة سوف نصل في النهاية الى جيلٍ كامل مشوَّه نفسيَّاً وجسديَّاً”.

 

JoomShaper