رصد تقرير لصحيفة ديلي تلغراف جانبا من المأساة المروعة التي خلفها الهجوم الكيميائي الذي شنه النظام السوري بـ غاز السارين على بلدة خان شيخون بريفإدلب شمال سوريا يوم الثلاثاء، وأودى بحياة المئات معظمهم من الأطفال.

وهذه قصة عبد الحميد يوسف الذي فقد رضيعيه التوأم أحمد وآية اللذين كانا في شهريهما التاسع، حيث يجلس على الأرض محتضنا طفليه في كفنيهما الأبيض الصغير قبل مواراتهما التراب إلى مثواهما الأخير أمس في قبر جماعي لا علامة له.

وكان يوسف البالغ من العمر 29 عاما يسعى لرزقه في متجره عندما ضربت الغارة الجوية بالقرب من منزله بعد السادسة والنصف صباحا. وعندما نادت عليه زوجته لتخبره بما حدث هرع إلى البيت ليكون مع أسرته. وكانت الأمور تبدو على ما يرام، ولكن كإجراء وقائي سارع بهم إلى قبو مبنى قريب تحسبا لوقوع غارة أخرى.

 

ويحكي ابن عمه علاء أن "الأسرة كانت جالسة في القبو في أمان ولكن بعد هنيهة بدأ أفرادها يختنقون، وفجأة بدأ الطفلان التوأم يرتجفان ويتنفسان بصعوبة شديدة. ثم شاهد زوجته في نفس الحالة وتبعها أخوه وبنات وأبناء أخيه حتى لفظ الجميع أنفاسهم الأخيرة في القبو ولم يسعفهم الوقت للذهاب إلى المشفى، ولم أتمكن من إنقاذهم".

وجلس يوسف على الأرض محتضنا طفليه اللذين كما لو كانا نائمين، ولم يبد عليهما أي علامات واضحة لإصابات قبل أن يواريهما التراب.

القاتل الصامت
ويصف الطبيب مأمون نجم من مستشفى الرحمة في إدلب الهجمات الكيميائية بأنها لا تترك أي علامات، وشبه الأمر بالقاتل الصامت الذي يتسلل إلى جسم الضحية ببطء. ويضيف أنه لم يشاهد مثل هذه الحالات الشديدة من التسمم من قبل حيث "بؤبؤ العين يبدو كرأس دبوس والجلد باردا، وليس في جسد الضحية أي استجابة مثلهم كمثل الأموات الأحياء (الزومبي).

من ضحايا الهجوم بالغاز السام على بلدة خان شيخون بريف إدلب (رويترز)

وقال ممرض بالمشفى إن رائحة الغازات وصلت إليهم وكانت مثل الطعام العفن، وأضاف أن الضحايا كانوا يتقيؤون من الأنف والفم مخاطا أصفر غامقا وأحيانا كان يتحول إلى اللون البني، وكانت وظائف التنفس لديهم في حالة شلل وكان الأطفال يموتون أسرع من الكبار نتيجة ذلك.

وأشارت الصحيفة إلى روايات بعض شهود العيان حيث قال أحدهم إن "صوت الانفجار لم يشبه ما اعتدنا عليه، وظننت أن العبوة لم تنفجر لأن الصوت الذي أحدثته كان مكتوما وليس كصوت الانفجار المعروف".

وقال علاء إنه سمع الطائرات تحوم في المنطقة قبل إسقاط حمولتها على مسافة قريبة، ولولا أن الريح كانت تهب بعيدا عن بيت يوسف لكان موته محققا. وأضاف أنه ذهب ليستطلع المشهد فرأي صاروخا لم ينفجر ورأي سائلا أسود يخرج من العبوة لم يشاهد مثله من قبل.

وذكرت الصحيفة أنه عندما وصلت وحدات الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) إلى المكان بعد ساعة من الهجوم فتشوا المنازل بحثا عن أحياء، ولكن بدلا من ذلك وجدوا أسرا بأكملها أمواتا في فرشهم.