آخر تحديث: الإثنين، ٢٤ أبريل/ نيسان ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش) 

بعد أن بدأ في التلفزيون الأسترالي عام 2011 كتجربة اجتماعية تحاول أن تعرض وجهات نظر أستراليين متنوعين تجاه قضية اللاجئين في بلدهم وتفتح النقاش في الجحيم الذي أتى منه اللاجئ قبل أن يصل الى الدول الغربية، تحول برنامج «عُدْ من حيث أتيت» إلى منتج تلفزيوني ناجح بيعت حقوق تقديم نسخ محلية منه إلى 8 دول من التي وجدت نفسها في السنوات الأخيرة وسط أزمة اللاجئين العالمية المتواصلة والتي تثير الكثير من ردود الفعل القوية، وهي المسؤولة وإلى حدود معينة عن تنامي شعبية الأحزاب الشعوبية في أوروبا ودول غربية أخرى.
يأخذ البرنامج مقاربة جريئة وقاسية في تناوله المزاج الشعبي حول هذه القضية الجدليّة، إذ إنه ينتقي 6 شخصيات من البلد، نصفهم ضد وجود اللاجئين، ويدعون بصراحة كبيرة إلى عودة اللاجئين إلى بلدانهم، ويطلبون من حكومتهم عدم استقبال لاجئين جدد. والنصف الآخر على النقيض تماماً، إذ إنهم يعتبرون أن على دولتهم واجباً أخلاقياً لمساعدة الهاربين من حروب وديكتاتوريات، وعليها أن تبقي أبوابها مفتوحة دائماً أمام هؤلاء، وترحب بهم متى وصلوا إلى البلد، وتساعدهم في الاندماج وبدء

حياة جديدة.
لا يكتفي البرنامج بالنقاش بين شخصياته، فهو سيأخذها إلى رحلات داخل البلدان التي يصور فيها وخارجها، ليريها بأُمّ أعينها الظروف التي يعيش فيها اللاجئون، والدروب الخطرة التي يقطونعها قبل أن يصلوا إلى الدول الغربية، كما يجعلها تتحاور مع لاجئين عن الأسباب التي جعلتهم يتركون بلدانهم. وهي الحوارات التي ستمثل لبعض شخصيات البرامج، التقاطعات الأولى لها مع لاجئين، إذ غالباً ما تبني أحكامهاعلى ما تسمع من آخرين، أو ما تشاهد على شاشات التلفزيون.
تختلف طبيعة الرحلات التي تقطعها النسخ المختلفة من برنامج «عُدْ من حيث أتيت»، لتتفاعل مع الطبيعة الخاصة للاجئين أو المهاجرين الذين يصلون إلى هذا البلد أو ذاك. فالنسخة الهولندية من البرنامج اهتمت كثيراً بالطريق الذي قطعه اللاجئون السوريون والأفغان والعراقيون في الأعوام الثلاثة الأخيرة للوصول إلى هولندا، فيما كان تركيز النسخة البلجيكية على طريق اللاجئين الأفارقة عبر الصحراء والبحر إلى أوروبا. أما النسخة الأسترالية فجعلت المشتركين فيها يركبون قارباً غير أمين ويقطعون البحر من ماليزيا (حيث تبدأ رحلة معظم اللاجئين إلى أستراليا). كما ذهبوا أيضاً إلى أفريقيا للإطلاع على أحوال اللاجئين هناك.
شهد البرنامج الإشكاليّ نقاشات حامية، واقترب التصادم أحياناً بين المشتركين فيه الى معارك بالأيدي. كما أن الظروف التي وفرها البرنامج جعلت بعض المشتركين فيه يغيرون مواقفهم، وانقلبوا 180 درجة بالاتجاه الآخر، وبالتحديد الذين كانوا يقفون ضد اللاجئين، فشهد الموسم الأول من النسخة الهولندية تغيير إحدى المشتركات موقفها العدائي السابق تجاه اللاجئين، وظهرت في برامج تلفزيونية بعدها تدافع عن سياسة استقبالهم.
تنطلق هذه البرامج من موقف إعلامي إنساني يحاول أن ينأى بنفسه عن المشاعر الآنية السائدة. بيد أنها لا تكتفي بالمثاليات المبالغ فيها، وتسمح لخطاب متطرف في عدائيته لأن يكشف عن نفسه، ويجد المنصة للدفاع والترويج لأفكاره، وأحياناً ينتهي زمن تجربة البرنامج، من دون أن تتغير مواقف بعض المشتركين فيه الصارمة.
أنتجت البرنامج شركة «كوريدل جيكسو» لمصلحة قناة «أس بي أس» الإسترالية. وبعدها بيع إلى: هولندا، الدنمارك، بلجيكا، السويد، جنوب أفريقيا، السويد، ألمانيا، إسرائيل. إضافة إلى نسخة أميركية أنتجتها قناة «بي بي سي أميركا»، الذراع التجارية لـ «هيئة الإذاعة البريطانية».

JoomShaper