محمد كساح: كلنا شركاء
تشابكت عشرات الأيدي ملوحة بورقة نقدية من فئة الألف ليرة وعلا الصياح وتصاعدت الجلبة، كان قرابة 300 شخصٍ يقفون في طابور طويل أمام فرن الخبز في إحدى بلدات الغوطة الشرقية.
يتكرر المشهد كل صباح، دفع الخمسيني “أبو عبدو” مبلغ ألف ليرة (كل ما جناه يوم أمس من عمله الشاق) مستلماً ربطة خبز بالكاد تكفي لوجبة إفطاره مع أسرته المكونة من ستة أفراد.
هنا الغوطة الشرقية حيث يكافح قرابة 400 ألف نسمة كل يوم للحصول على لقمة العيش في ظل حصار خانق فُرض من كافة الاتجاهات وأدى لرفع الأسعار إلى عشرات الأضعاف.
* أسعار غير مسبوقة
يعمل “عمار أبو ياسر” في إحدى صحف المعارضة المختصة بالشؤون الاقتصادية والمالية للسوريين، وعلى مدار أسابيع متتالية كتب عمار الكثير عن الحصار الذي تعاني منه بلدات الغوطة الشاسعة والتي حررت نهايات العام 2012.
“مضت قرابة ثلاثة أشهر على إغلاق معبر الغوطة الشرقية كما توقف التجار عن إدخال أي بضاعة إلى المنطقة ما جعل الأسعار تلتهب بشكل غير مسبوق” تحدث عمار لـ(كلنا شركاء) من داخل الغوطة الشرقية .
“السكر تجاوز 500 ليرة، الطحين 2000، الرز 2500، الغاز بـ 70 ألفاً إن وجد، كيلو الحطب تجاوز 350 ليرة إنها أسعار خيالية بامتياز”.
وفقا لعمار “ظرف بن الحموي الذي يزن 200 غرام يباع بـ 5500 أما الشاي فتجاوز الكيلو الواحد 23 ألف ليرة ما جعل الأهالي يبتعدون عن شراء هذين الصنفين باعتبارهما من جملة الكماليات”.
أما مادة السكر التي تعتبر أساسية بالنسبة للأهالي “بعضهم يشترون مقدار كوب شاي صغير من السكر ب 500 ليرة”، بحسب “أو ياسر”.
لهيب الأسعار طال ملح الطعام الذي يعتبر مادة ضرورية جدا لأي وجبة غذائية حيث تجاوز سعر الكيلو الواحد 5 آلاف ليرة سورية.
* حصار لكن ضمن القانون
مصادر عديدة تحدثت عن تمكن (المنفوش) وهو التاجر الذي كان يدخل البضائع إلى الغوطة من الحصول على موافقة لإعادة تشغيل معمل الألبان والأجبان وطرحها في أسواق الغوطة.
كما تحدثت المصادر عن موافقة من قبل النظام لإدخال مواد غذائية إلى الغوطة لكن ضمن إتاوة باهظة.
عمار أبو ياسر أكد لـ(كلنا شركاء) أن الأتاوة تصل لحدود 2000 ليرة على كل كيلو غرام يدخل إلى المنطقة.
وقال عمار “وبهذا لن يزول الحصار لأن الأسعار ستبقى كما هي، لكنه غدا حصارا بشكل رسمي”.